أسماء بنت أبي بكر ذات النطاقين دورها في الهجرة النبوية

أسماء بنت أبي بكر، ابنة الصديق، وهي صحابية من السابقين في الإسلام، تزوجت أسماء بنت أبي بكر من الزبير إبن العوام, وهي أخت عائشة زوجة رسول الله، كانت تكبر عائشة ببضع عشرة سنة.

اسماء بنت ابي بكر لقبت ذات النطاقين لأنها شقت نطاقها فربطت به سفرة النبي وأبيها الصديق حينما خرجا مهاجرين، أنجبت خمسة أولاد وثلاث بنات، شهدت أسماء بنت أبي بكر معركة اليرموك، وتوفيت عن عمر يناهز مائة عام وهي آخر المهاجرات وفاة.

نسب أسماء بنت أبي بكر

هي أسماء بنت أبي بكر الصديق بن أبي قحافة عثمان بن عامر، أم أسماء تدعى قتيلة بنت عبد العزى بن أسعد، أسماء لها ثلاثة إخوة وأختان من أبيها منهم أخ واحد شقيق من امها وابيها.

أخوة أسماء بنت أبي بكر

عبد الرحمن بن أبي بكر :  شقيقها الأكبر، وأمه هي أُم رومان، تأخر إسلامه حتى صلح الحديبية، هاجر قبل الفتح وشهد غزوة اليمامة واليرموك وتوفي عام ثمانية وخمسين هجرية.

محمد بن أبي بكر: أمه أسماء بنت عميس,، من أصحاب سيدنا علي أبن أبي طالب، شهد معركة صفين والجمل، تولي حكم مصر، توفي عام ثمانية وثلاثين هجرية.

عبدالله بن ابي بكر : هو أخوها الشقيق من ابيَها واُمَها، وكان يأتي النبي وأبيها بالطعام وأخبار قريش في غار ثور، توفي سنة عبدالله عام 11 هجرية مع بداية خلافة أبيه الصديق.

السيدة عائشة زوجة المصطفى ِ: أمها تدعى أم رومان، وهي من أكثر رواة الحديث.

أم كلثوم: ولدت بعد موت النبي، وهي آخر أبناء الصديق، أُمها حبيبة بنت خارجة.

صفات أسماء رضي الله عنها

كانت أسماء بنت أبي بكر تعرف بتقواها، روي أنها إذا أصابها الصداع كانت تضع يدها على راسها وتقول (بَذَنبي وَمَا يَغْفِرُ اللَّهُ أَكْثَر). أسماء أبي بكر لما أصبحت عجوزا كانت تحرص على شديدة الحرص على أداء الصلاة، قال الركين بن الربيع (دخلت على أسماء وهي عجوز كبيرة عمياء فوجدتها تصلي وعندها إنسان يلقنه: قومي، اقعدي، افعلي).

كانت تحرص أسماء بنت أبي بكر على اللباس الشرعي، روي أن المنذر بن الزبير أرسل إليها كسوة ثياب قوهية ومروية رقاق بعد كف بصرها، قال فلمستها بيدها ثم قالت: ردوا عليه كسوته، قال فشق ذلك عليه وقال يا أمه إنه لا يشف، قالت إنها لم تشف فإنها تصف، قال فاشترى لها ثيابا فوهية ومروية فقبلتها.

اسماء بنت ابي بكر كانت تعرف بالجود والسخاء، فيقول ابن الزبير ما رأيت امراة أجود من عائشة وأسماء، حيث كانت أسماء لا تدخر شيئا لغد، وقالت فاطمة بنت المنذر عن كرم وسخاء أسماء( إن أسماء كانت تمرض المرضة، فتعتق كل مملوك لها).

كانت أسماء تقول لبناتها وسائر أهلها، أنفقن وتصدقن ولا تنتظرن الفضل من أحد.

شجاعة أسماء بنت أبي بكر

ضربت لنا أسماء بنت أبي بكر ، أروع الأمثلة في الشجاعة، والتضحية، فعاشت حياتها على هذا الحال حتى وافتها المنيَّة عن عمر يناهز 100 سنة، عاشت راضية النفس بقضاء الله وتحملت كل المشاق التي واجهتها، لتترك لنا القدوة الحسنة في كل ما عاشت وعاصرت في حياتها.

يُروى في شجاعتها أنه في زمن والي المدينة سعيد بن العاص قد كثر اللصوص، كانت تضع خنجرا تحت وسادتها، فقيل لها: «ما تَصْنَعين بِهَذا؟» فقالت: «إِذا دَخَلَ عَلَيَّ لِصٌّ بَعَجْتُ بَطْنَه».

دور أسماء في الهجرة النبوية

حينما خرج أبيها مهاجرا مع النبي محمد، و حمل معه ماله كله ولم يترك شيئا، فجاء جدها إلي البيت قبل إسلامه، وكان قد عُمي فقال لها فيما معناه أن أباها قد أخذ ماله كله ولم يترك شيئا، فقالت كلا يا أبت إنه قد ترك لنا خير كثيرا، فجمعت أحجار وغطيت عليها بثوب وجعلت جدها يتلمس هذه الاحجار بيده وقالت:يا أبت ضع يدك على هذا المال.

بعد هجرة أبوها مع الرسول أتاها أبا جهل يسأل عن أبيها الصديق، فلم تُجِبه، فضربها، ولطمها لطمة طرحت قرطها من أذنها وانصرف. وكانت تأتي النبي وأباها بالطعام كل مساء بما يصلحهما.

لماذا سميت ذات النطاقين

كانت أسماء بنت أبي بكر كل مساء تأتي الرسول وأبيها بالطعام، فَصَنعت لهما سُفرة بِِنطاقها، فاِحتاجت إلى ما تشدّها به، فشقّت خمارها نصفين فشدّت نصفه السّفرة، واتخذت النصف الآخر منطقًا، فلما جاءت للنبي قال لها: «أَبَدَلَكِ اللَّهُ بِنِطَاقِكِ هَذَا نِطَاقَيْنِ فِي الْجَنَّةِ»، فسُميت ذات النطاقين.

زواج أسماء بنت أبي بكر

قبل هجرة أبيها مع الرسول زَوجها أبيها من الزبير إبن العوام، والزبير كان رجل غيور جدا، وكانت أسماء بنت أبي بكر تخشى ذلك من زوجها، فقالت أسماء عن زوجها : أن الزبير تزوجها، وكان لا يملك مال أو خادم، وكان يملك فرسة فقط، فكنت أعلف فرسه الزبير وأستقي الماء, وأحرز غربه وأعجن، وقالت أنها لم تكن تحسن الخبز، وكان يخبز لها جاراتها من الأنصار، وكانت تنقل النوى من أرض زوجها التي أقطعه رسول الله (ص) علي رأسها، قالت أسماء بنت ابي بكر جئت يوما والنوى على رأسي، فلقيت الرسول ودعاها ليحملها خلفه فاستحييت أسماء أبي بكر أن تسير مع الرجال، فعرف النبي أني استحييت فمضى، فلما جئت أسماء لزوجها، فحكت له ما حدث، أنها أستحييت من النبي وغيرت الزبير، فقال لها فيما معناه( أن حمل النوى أشد عليه من ركوبها)، قالت : حتى أرسل لها أبيها خادم يكفيها سياسة الفرس، وكأنه أعتقها.

هجرة أسماء من مكة إلى يثرب

خرجت أسماء بنت أبي بكر من مكة إلى يثرب( المدينة المنورة الآن)، مهاجرة وهي حامل في ابنها عبدالله، فولدت ابنها عبدالله إبن الزبير في شوال 1ه قباء وقيل أيضا في السنة الثانية هجرية، فكان هو أول مولود للمهاجرين في المدينة، وعم المسلمون الفرح واستبشروا بمولد عبدالله، حيث أن المسلمون بقو لفترة لا يولد لهم مولود، وترددت إشاعات إنه سحر من يهود المدينة، فحملت أسماء أبنها إلى المصطفى، فحنكه بتمرة وبارك عليه وسماه عبدالله، وأمر النبي أبيها الصديق بأن يؤذن في أذنيه.

موقف أسماء مع أمها المشركة

روي أن أم أسماء بنت أبي بكر  أتت لزيارتها, وكانت تحمل معها الهدايا والزبيب والسمن، فلم تقبل أسماء هديتها حتى تتأكد من النبي,حيث كانت تقية تقف عند حدود الله لا هوادة في دينها، وطلبت من أختها عائشة رضي الله عنها – أن تسأل الرسول -، فأذن لها أن تُدخلها وتقبل هديتها، ونزل قول الله -تعالى-: (لا يَنْهاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقاتِلُوكُمْ في الدِّينِ).

طلاق أسماء بنت أبي بكر من الزبير

كان زوجها شديد الغيرة فذهبت أسماء أبي بكر تشكوه لأبيها، فقال لها : أن تصبر لأن المرأة إذا كان لها زوج صالح ثم مات ولم تتزوج بعده جمع الله بينهما في الجنة. شهدت أسماء معركة اليرموك مع زوجها، قال أبو واقد الليثي، أن أسماء كانت مع الزبير، قال: فسمعتها وهي تقول لزوجها الزبير: –  يا أَبا عَبد اللَه وَالله إِن كان الرَجل مِنَ العدوِ تُصِيب قَدمَهُ عُرْوَة أطناب خبَائِي فَيَسْقُط عَلَى وَجْهِهِ مَيِتاً مَا أَصَابَهُ السِّلاح.

أنجبت من زوجها الزبير أربعة أبناء وثلاثة بنات هم : عاصم، وعروة، والمهاجر ، والمنذر، خديجة، أم الحسن، عائشة، وولد أبنها عروة في سنة ثلاثة وعشرين هجرية.

طلقها زوجها، وأخذ ابنها الأصغر عروة، وترددت بعض الأقاويل عن سبب طلاقهما، فقيل: لأن أبنها عبدالله قال لأبيه الزبير : مثلي لا توطأ امه! فطلقها، وقيل أيضا إن زوجها الزبير إبن العوام ضربها فصاحت بأبنها عبدالله، فلما رآه الزبير قال أمك طالق إن دخلت، فدخل عبدالله وقال له أتجعل أمي عرضة ليمينك. وترددت أقاويل كثيرة في هذا الشأن, عاشت أسماء بنت أبي بكر مع ابنها عبدالله بعد طلاقها من الزبير، وفي زمن الحجَّاج لم يقبل ابنها عبدالله بن الزبير مبايعته.

خلافة عبدالله بن الزبير وموقفه امه وقتله

بعدما بويع أبنها عبدالله بالخلافة واتخذ مكة عاصمة لحكمه في السنة الرابعة والستين من الهجرة، حدثت اضطرابات كثيرة حيث حاصره الحجاج الثقفي يأمر من عبد الملك بن مروان استولى الأمويون على المدينة المنورة, وعلى جبل أبي قبيس نصب الحجاج المنجنيق له، وتخاذل عنه معظم أصحابه، ولم تدم فترة خلافته كثيراً.

بعد مقتل ولدها دخلت أسماء مكة، وكانت قد فقدت بصرها، وأرسل إليها الحجاج لتاتيه وإلا سيرسل إليها من يسحبها، فأبت وقالت: والله لا آتيك حتى تبعث من يسحبني من قروني، فذهب إليها الحجاج وقال لها كيف رأيتني فعل بعدو الله، فقالت له أسماء : إني قد رأيتك أفسدت عليه دنياه وهو أفسد آخرتك، بلغني أنك تقول له يا ابن النطاقين أنا والله ذات النطاقين; التي شقت نطاقها نصفين لتطعم الرسول بنصف النطاق والنصف الآخر لا تستغني عنه المرأة الصالحة، وقالت له فيما معناه أن الرسول حدثهم أن في ثقيف كذابا ومبيرا، فأما الكذاب فرأيناه وكانت أسماء تقصد بالكذاب المختار الثقفي وأما المبير فهو انت، فذهب الحجاج عنها.

بلغ عبد الملك بن مروان حديث أسماء بنت أبي بكر مع الحجاج، فكتب إلى الحجاج ويلومه عن طريقة حديثه معها  وأمر بإنزال إبنها عبدالله من المنجنيق، وتوفيت بعد أبنها بأيام قليلة.

ماذا تعلمت أسماء من أبيها

 تعلمت أسماء بنت أبي بكر من أبيها الرحمة والرفق والامانة والشجاعة في القول والعمل والكثير من الصفات الحسنة التي عرفها الناس عنه، وإطعام الفقراء والمحتاجين ، ونجدة المستغيث، كانت تسمعه أبيها وتشاركه الحديث ، وكانت تقف وراء الباب تنتظر رجوعه، وتقلده فى أعماله وكلامه.

وفاة اسماء بنت ابي بكر

قيل عن أسماء بنت أبي بكر أنها أصبحت عمياء في أخر عمرها وقيل أنها كانت صحيحة، وفاتها المنية عن عمر يناهز مائة سنة، وكان قتل إبنها عبدالله سنة ثلاثة وسبعين هجرية.

أُختلف في مدة مُكوثها بعد مقتل ابنها عبدالله، فقد قيل توفيت بعده بعشر ليال، وقيل 20 يوما، و قد أوصت قبل موتها فقالت: «إِذَا أَنَا مِتُّ فَأَجْمِرُوا ثِيَابِي وَحَنِّطُونِي وَلا تَجْعَلُوا عَلَى كَفَنِي حَنُوطًا وَلا تَتَّبِعُونِي بِنَارٍ.

رواية أسماء للحديث النبوي

روت أسماء عدة أحاديث عن الرسول، وحدث عنها ابناها عبد الله وعروة وحفيدها عبدالله أبن عروة، وأبو نوصل معاوية بن أبي عقرب، والمطلب بن عبدالله المخزومي، وابن أبي مليكة،ومحمد بن المنكدر، وفاطمة بنت المنذر بن الزبير، ومحمد بن المنكدر، ووهب بن كيسان، ومولاها عبدالله بن كيسان، وعباد بن حمزة بن عبد الله بن الزبير، وآخرون كثيرون رأوا عنها.

روى له الإمام أحمد إبن حنبل ثمانين حديثا، ومسلم أربعة أحاديث، واتفق الإمام البخاري على ثلاثة عشر حديثا وانفرد بخمسة أحاديث،, وروى بقي بن مخلد عنها 58 حديثا

علمتني أسماء بنت أبي بكر الصديق

علمتنى أسماء أن رعاية المرأة أسرتها لا يغنى أن يكون لها علاقة مع الله فعن عروة قال : دخلت على أسماء وهى تصلى فسمعتها وهي تقرأ هذه الآية ” {فمَن اللّه عَلينا ووقانا عَذَاب السمومِ} فاستعاذت وقمت وهي تستعيذ فلما طال على ذهبت إلى السوق ثم رجعت وهي في بكائها.

كما علمتنى أن أحسن معاملة من لهم حق على وإن كانوا على الباطل طاعة لله ولرسولِه،كما علمتنى أسماء بنت أبي بكر الأم درساً لا ينسى وهى تقول لابنها عبد الله وهو خارج لملاقاة عدوه الحجاج وكان يريد قتله و كان يخاف عبدالله أن يمثل الحجاج بجثته فقالت له ليس بعد القتل ما يخافه المرء فالشاة المذبوحة لا يؤلمها السلخ فإن كنت تعتقد أنك على حق، و تدعو إلى حق،فاصبر كما صبر أصحابك الذين قتلوا تحت رايتك.

علمتنى أسماء أن أعمل من أجل هذا الدين، فكم تكبدت من مشقة عند الهجرة وهي تحمل الطعام كل يوم للنبي وأبيها الصديق وتعرض نفسها للخطر.

علمتنى أسماء درساً حين كانت تهتم بفرس زوجها وتساعده في المعيشة وتخفف عنه متاعب الحياة ضربت مثلاً أن الحياة الزوجية مشاركة ومسئولية.

وفي الختام، فلنقرأ تاريخنا الإسلامي، ونَتعرف على هؤلاء الذين ضحوا من أجل أن تصل هذه الرسالة الالهية إلينا، وناُخذ من قصة أسماء بنت أبي بكر قدوة.

المصادر : 

ويكيبيديا ، موضوع ، الوطن نيوز