مقالات عامة

قصة هود عليه السلام

سيدنا هود عليه السلام هو أحد أنبياء الله سبحانه وتعالى أُرسل إلى قوم عاد، ودعى قومه إلى عبادة الله وحده وإلى التوحيد وترك عبادة الأوثان وما إلى ذلك، واستنادا لما ورد في القرآن الكريم حيث يوجد سورة في القرآن الكريم باسم سيدنا هود وهي تقص الكثير من قصته وكيف عانى مع قومه، فمنهم من ءامن بعبادة الله الواحد الأحد ومنهم من كفر؛ ومن خلال ذلك المقال سوف نتعرف على قصة هود عليه السلام.

نشاءة حياة سيدنا هود عليه السلام 

يدعى هود بن شالخ بن أرفخشذ بن سام بن نوح، كما يقال بأن اسمه هو عابر بن شالخ، ولد في حضر موت، حيث عاش سيدنا نوح في قوم عاد، وبالرغم من أنه يعيش وسط يعبدون الأصنام ولكنه لم يعبد الأوثان حيث نشأ نشأة صالحة وكان محبًا للسلام والخير.

عمل سيدنا هود عليه السلام قبل أن يُبعث في التجارة، وكان أسمر البشرة، متوسط الطول، كثيف الشعر وجميل الوجه يشبه سيدنا آدم عليه السلام، كما أنه كان زاهدًا تقيًا رحيمًا وكريمًا يساعد المحتاجين.

كان قومه طغاة يعبدون الأصنام فبعث الله إليهم هودا عليه السلام ليدعوهم للتوحيد، وهناك بعض الأقاويل التي تشير إلى أن ذلك كان في الأربعين من عمره، كما أنه أول من نطق اللغة العربية.

إسلام قوم عاد 

أمر الله نبيه هود عليه السلام بدعوة قومه عاد إلى التوحيد وطاعته وترك الأصنام، وهم قوم سكنوا جنوب الجزيرة العربية، وهم ينتمون للعرب العاربة، حيث أن العرب ينقسمون إلى العرب العاربة الذين نشأوا باليمن داخل الجزيرة كما عاد، وقحطان، وثمود، ومدين وجرهم، وأنهم أصل العرب.

والقسم الثاني هم العرب المستعربة، وهم المنتسبون لسيدنا إسماعيل عليه السلام، حيث أنه ليس عربيًا بل عاش برفقة الجرهم وتعلم لغتهم.

يأتي سيدنا هود واحدًا من الأنبياء الأربعة العرب، وهم صالح وشعيب ومحمد وهود عليهم جميعًا الصلاة والسلام.

عجائب قوم عاد 

لم تكن دعوة سيدنا هود سهلة شأنه شأن باقي الرسل، حيث اتصف قومه بالتالي:

وهبهم الله سبحانه وتعالى نعمًا كثيرة، مما مكنهم من بناء حضارة عظيمة في الجزيرة، كذلك سكنوا السهول بخيم لها أعمدة كبيرة، وكانوا ينحتون الجبال بيوتا  فقد ورد في كتابه العزيز بسم الله الرحمن الرحيم “أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِعَادٍ (7) إِرَمَ ذَاتِ الْعِمَادِ (8) الَّتِي لَمْ يُخْلَقْ مِثْلُهَا فِي الْبِلادِ”.

كما ميزهم سبحانه ببنية جسمية ضخمة وقوية، حيث وصفهم المؤرخون بأنهم طوال بيض جسام “وَاذْكُرُواْ إِذْ جَعَلَكُمْ خُلَفَاء مِن بَعْدِ قَوْمِ نُوحٍ وَزَادَكُمْ فِي الْخَلْقِ بَسْطَةً فَاذْكُرُواْ آلاء اللَّهِ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ”.

عاش هؤلاء القوم وهمهم الوحيد متاع الحياة، فكانوا يتسلطون بجبروتهم على الأقوام، كذلك قاموا ببناء القصور الفاخرة ليتبهون بها مع اتخاذ أقنية لمرور الماء بها “َتَبْنُونَ بِكُلِّ رِيعٍ آيَةً تَعْبَثُونَ *129* وَتَتَّخِذُونَ مَصَانِعَ لَعَلَّكُمْ تَخْلُدُونَ *130* وَإِذَا بَطَشْتُم بَطَشْتُمْ جَبَّارِينَ”.

نبوة هود عليه السلام 

عند السؤال ما هو عمل هود عليه السلام؟ فإنه عمل بالتجارة قبل أن يبعثه الله سبحانه نبيا في قومه، وقد لاقى الكثير من المتاعب في دعوته، حيث أنهم اغتروا بقوتهم واستكبروا “فَأَمَّا عَادٌ فَاسْتَكْبَرُوا فِي الأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَقَالُوا مَنْ أَشَدُّ مِنَّا قُوَّةً أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّ اللَّهَ الَّذِي خَلَقَهُمْ هُوَ أَشَدُّ مِنْهُمْ قُوَّةً وَكَانُوا بِآيَاتِنَا يَجْحَدُونَ”، وذكرهم هود بنعم المولي عليهم وحذرهم من عذاب الله الذي لحق بقوم نوح عليه السلام من قبلهم، لكن ذلك لم يردعهم بل عاندوا واستكبرو “قَالَ الْمَلأُ الَّذِينَ كَفَرُواْ مِن قَوْمِهِ إِنَّا لَنَرَاكَ فِي سَفَاهَةٍ وَإِنَّا لَنَظُنُّكَ مِنَ الْكَاذِبِينَ (67) قَالَ يَا قَوْمِ لَيْسَ بِي سَفَاهَةٌ وَلَكِنِّي رَسُولٌ مِّن رَّبِّ الْعَالَمِينَ (68) أُبَلِّغُكُمْ رِسَالاتِ رَبِّي وَأَنَاْ لَكُمْ نَاصِحٌ أَمِينٌ (69) أَوَعَجِبْتُمْ أَن جَاءَكُمْ ذِكْرٌ مِّن رَّبِّكُمْ عَلَى رَجُلٍ مِّنكُمْ لِيُنذِرَكُمْ وَاذْكُرُواْ إِذْ جَعَلَكُمْ خُلَفَاء مِن بَعْدِ قَوْمِ نُوحٍ وَزَادَكُمْ فِي الْخَلْقِ بَسْطَةً فَاذْكُرُواْ آلاء اللَّهِ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ”.

لم يكفهم أنهم كذبوا نبيهم ورفضوا دعوته، بل قاموا بالاستهزاء به أيضًا، حيث اتهموه بالجنون، حيث أصابه أحد آلهتهم به كعقوبة له “قَالُواْ يَا هُودُ مَا جِئْتَنَا بِبَيِّنَةٍ وَمَا نَحْنُ بِتَارِكِي آلِهَتِنَا عَن قَوْلِكَ وَمَا نَحْنُ لَكَ بِمُؤْمِنِينَ (54) إِن نَّقُولُ إِلاَّ اعْتَرَاكَ بَعْضُ آلِهَتِنَا بِسُوءٍ قَالَ إِنِّي أُشْهِدُ اللَّهِ وَاشْهَدُواْ أَنِّي بَرِيءٌ مِّمَّا تُشْرِكُونَ (55) مِن دُونِهِ فَكِيدُونِي جَمِيعًا ثُمَّ لاَ تُنظِرُونِ”.

كذلك تحداه قومه كما فعل قوم نوح، حيث أعمى الترف بصيرتهم وبصرهم واتهموا هود عليه السلام بالكذب على المولى سبحانه، كذلك اشتد إنكارهم وجحودهم “وَقَالَ الْمَلَأُ مِن قَوْمِهِ الَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِلِقَاء الآخِرَةِ وَأَتْرَفْنَاهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا مَا هَذَا إِلاَّ بَشَرٌ مِّثْلُكُمْ يَأْكُلُ مِمَّا تَأْكُلُونَ مِنْهُ وَيَشْرَبُ مِمَّا تَشْرَبُونَ (34) وَلَئِنْ أَطَعْتُم بَشَرًا مِثْلَكُمْ إِنَّكُمْ إِذًا لَّخَاسِرُونَ (35) أَيَعِدُكُمْ أَنَّكُمْ إِذَا مِتُّمْ وَكُنتُمْ تُرَابًا وَعِظَامًا أَنَّكُم مُّخْرَجُونَ (36) هَيْهَاتَ هَيْهَاتَ لِمَا تُوعَدُونَ (37) إِنْ هِيَ إِلاَّ حَيَاتُنَا الدُّنْيَا نَمُوتُ وَنَحْيَا وَمَا نَحْنُ بِمَبْعُوثِينَ (38) إِنْ هُوَ إِلاَّ رَجُلٌ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا وَمَا نَحْنُ لَهُ بِمُؤْمِنِينَ”.

من شدة ما لاقى هود عليه السلام انقطع الرجاء من قومه فدعا عليهم، حيث طلب التأييد والنصر من الله عز وجل “قَالَ رَبِّ انصُرْنِي بِمَا كَذَّبُونِ (40) قَالَ عَمَّا قَلِيلٍ لَيُصْبِحُنَّ نَادِمِينَ”.

ما هى معجزة نبى الله هود؟

دعا هود عليه السلام على قومه عقب أن يأس منهم فأيده الله سبحانه وتعالى بمعجزة من عنده، حيث بدأ العذاب بانقطاع المطر مما أصابهم بالجفاف، حذرهم نبي الله ودعاهم للتوبة، لكنهم لم يستجيبوا له وأصروا على عنادهم، جاءتهم من بعيد سحابة ظنوا أنها النجاة، لكن كفرهم حجب أبصارهم عن عذابهم القادم “فَلَمَّا رَأَوْهُ عَارِضًا مُّسْتَقْبِلَ أَوْدِيَتِهِمْ قَالُوا هَذَا عَارِضٌ مُّمْطِرُنَا بَلْ هُوَ مَا اسْتَعْجَلْتُم بِهِ رِيحٌ فِيهَا عَذَابٌ أَلِيمٌ”.

عذبهم الله بريح عاصفة شديدة، فجعلت تحمل كل عملاق بهم وترميه أرضًا، وتفصل رأسه عن جسمه كالنخلة دون ورق “كَذَّبَتْ عَادٌ فَكَيْفَ كَانَ عَذَابِي وَنُذُرِ (9) إِنَّا أَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحًا صَرْصَرًا فِي يَوْمِ نَحْسٍ مُّسْتَمِرٍّ (20) تَنزِعُ النَّاسَ كَأَنَّهُمْ أَعْجَازُ نَخْلٍ مُّنقَعِرٍ (21) فَكَيْفَ كَانَ عَذَابِي وَنُذُرِ”.

وصف لنا ربنا عز وجل ما حل بقوم عاد من عذاب جزءًا لكفرهم”وَأَمَّا عَادٌ فَأُهْلِكُوا بِرِيحٍ صَرْصَرٍ عَاتِيَةٍ (7) سَخَّرَهَا عَلَيْهِمْ سَبْعَ لَيَالٍ وَثَمَانِيَةَ أَيَّامٍ حُسُومًا فَتَرَى الْقَوْمَ فِيهَا صَرْعَى كَأَنَّهُمْ أَعْجَازُ نَخْلٍ خَاوِيَةٍ (8) فَهَلْ تَرَى لَهُم مِّن بَاقِيَةٍ”.

دامت الرياح مدة ثمانية أيام وسبع ليال حتى أنها لم تترك إلا أطلال قوم عاد، وذلك حتى تكون عبرة لأمم غيرهم يأتون بعدهم، ونجي ربنا عز وجل سيدنا هود عليه السلام ومن كان معه من قومه المؤمنين، حيث كانوا يختبئون في حظيرة، “وَلَمَّا جَاءَ أَمْرُنَا نَجَّيْنَا هُودًا وَالَّذِينَ آمَنُواْ مَعَهُ بِرَحْمَةٍ مِّنَّا وَنَجَّيْنَاهُم مِّنْ عَذَابٍ غَلِيظٍ”، كما وصلت أنباء هلاك عاد للأمم التي تحيط بهم.

أين يوجد قبر سيدنا هود؟

لم يتم تحديد مكان قبر سيدنا هود عليه السلام، حيث أشار البعض إلى وجوده في اليمن، وأشار البعض إلى وجوده في بلاد الشام، لكن إلى الآن لا يوجد مكان معلوم لأي نبي إلا سيدنا محمد عليه الصلاة والسلام.

بذلك نكون قد تحدثنا عن نشأة وحياة ودعوة سيدنا هود عليه السلام، وهو من الأنبياء الذين تم ذكرهم بالقرآن الكريم، وهو أحد الأنبياء العرب كذلك.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى