هل صيام أول يوم في رجب بدعة؟

هل صيام أول يوم في رجب بدعة؟ أم هو أمر مستحب؟، إن الكثير من الفقهاء قد تباينت آرائهم في هذا الموضوع، فمنهم من يرى جوازه ومنهم من يرى عدم جوازه، خاصةً أن شهر رجب من الأشهر الحرم التي يضاعف بها الحسنات وتحط فيها السيئات، والأعمال الخيرية فيه تزداد كثيرًا، واليوم سوف نجيب عن سؤال هل صيام أول يوم في رجب بدعة؟ بالتفصيل في سطور هذا المقال.
هل صيام أول يوم في رجب بدعة؟
اختلف العلماء في الإجابة على سؤال هل صيام أول يوم في رجب بدعة أم لا؟، حيث أن هناك من يؤكد استحباب صيامه لسببين أولهما هو أن الصيام بوجه عام أجره عظيم، أما بالنسبة إلى السبب الثاني فهو أن شهر رجب من الأشهر الحرم وفضل صيام الأشهر الحرم كبير.
وجاء في السنة النبوية الشريفة من الأحاديث ما يؤكد ذلك مثل الحديث التالي: “يا رسولَ اللَّهِ! لم أرك تَصومُ شَهْرًا منَ الشُّهورِ ما تصومُ من شعبانَ؟! قالَ: ذلِكَ شَهْرٌ يَغفُلُ النَّاسُ عنهُ بينَ رجبٍ ورمضانَ، وَهوَ شَهْرٌ تُرفَعُ فيهِ الأعمالُ إلى ربِّ العالمينَ، فأحبُّ أن يُرفَعَ عمَلي وأَنا صائمٌ”
واتخذ من يؤكد جواز صيام رجب من هذا الحديث دليلًا على أن صيام رجب فضله كبير، كذلك يستحب صيام شهر شعبان والرسول صلى الله عليه وسلم كان يكثر من الصيام في هذا الشهر على وجه التحديد إلا أيامًا قليلة منه وبالتالي يأمرنا أن نعظمه مثلما نعظم شهر رجب وشهر رمضان المبارك.
وتحدثت دار الإفتاء المصرية عن هل صيام أول يوم في رجب بدعة وقالت أن صيامه يجوز سواء أكان ذلك في بداية الشهر أو في أي يوم آخر، ولا حرج في ذلك لأن هناك أدلة كثيرة تؤكد أن التنفل بالصيام مستحب ولم يتوصل الفقهاء إلى دليل واحد يفيد منع صيام شهر رجب.
وشهر رجب من الأشهر الحُرم التي قال عنها الله سبحانه وتعالى في سورة التوبة “إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا فِي كِتَابِ اللهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ فَلا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنْفُسَكُمْ”.
كذلك يخبرنا الرسول صلى الله عليه وسلم “السَّنَةُ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا؛ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ؛ ثَلاَثَةٌ مُتَوَالِيَاتٌ: ذُو الْقَعْدَةِ، وَذُو الْحِجَّةِ، وَالمُحَرَّمُ، وَرَجَبُ مُضَرَ الَّذِي بَيْنَ جُمَادَى وَشَعْبَانَ”، كذلك أخبرنا أن الذنب فيها عظيم مثل الثواب تمامًا، والآن نكون قد وضحنا هل صيام أول يوم في رجب بدعة أم لا؟.
صيام اول رجب كام يوم؟
أشار أمين الفتوى بدار الإفتاء المصرية الدكتور “محمد عبد السميع” إلى أهمية شهر رجب وعن استجابة الدعاء في أول ليلة من لياليه في بث مباشر له، وذلك عندما سأله أحد المتابعين هل صيام أول يوم في رجب بدعة؟
حيث قال أن إجابة سؤال هل صيام أول يوم في رجب بدعة؟ تتوقف على إنه لم يرد في الشريعة الإسلامية أمرًا مباشرًا يؤكد صيام أول يوم في أيام شهر رجب بل أن كل ما جاء فيها عبارة عن استحباب الصيام في الأشهر الحرم بوجه عام وليس يومًا محددًا من شهر رجب.
وتعددت الآراء في هذا الموضوع لكن الجميع اتفقوا على استحباب صيام شهر رجب خاصةً أيام الإثنين والخميس من كل أسبوع، أما بالنسبة إلى الرأي المعارض لصيام رجب ويؤكد كراهته فيعتمد على عدم جواز إفراد شهر رجب بالصوم فقط.
وهذا هو رأي مذهب الحنابلة لأنهم يرون أن صيام بعض أيام شهر رجب مستحب لأنه ضمن الأشهر الحرم ولا يجوز تخصيصه هو بالصيام لأنه لم يرد دليل عن النبي صلوات الله وسلامه عليه على ذلك ويرون أن إجابة سؤال هل صيام أول يوم في رجب بدعة؟ أنه نعم! ولكن إذا وافق إثنين أو خميس فيجوز.

هل يستحب الصيام في شهر رجب؟
هل صيام أول يوم في رجب بدعة؟، إن صيام الأشهر الحُرم بوجه عام مُستحب وهذا الرأي اجتمع عليه جمهور الفقهاء وأئمة المذاهب الشافعية والحنفية والمالكية، حيث يؤكد مذهب الشافعية على أن شهر محرم ورجب من أفضل الأشهر الحرم ويليهم ذو القعدة وذو الحجة.
ودليلهم هو حديث الرسول صلى الله عليه وسلم “أَيُّ الصَّلاة أفضَل بعد المكْتُوبة؟ وأيُّ الصِيام أفضَل بعد شَهر رمضَان؟ فقَال: أفْضَل الصَّلاة بعْد الصَّلاة المكْتُوبة الصَّلاة فِي جَوف الليْل، وأفْضَل الصَّيام بعْد شَهر رمَضان صِيام شَهر اللَّه المُحرم”.
أما بالنسبة إلى الحنفية فيرون أن صيام يوم الخميس والجمعة والسبت في كل شهر من الشهور الحرم مستحب، والحنابلة يذهبون إلى استحباب صوم شهر محرم دون غيره من الأشهر الحرم.
وصيام الأشهر الحرم تطوعًا يُكمل ما انتقص من صيام رمضان يوم القيامة، حيث يقول الله سبحانه وتعالى إلى الملائكة “انظُروا في صَلاة عبْدي أتَمها أم نَقصها؟ فإن كانَت انظُروا هل لعَبدي من تطَوع؟ فإن كان له تَطُوع قال أتِموا لعبدي فرِيضَته من تطَوعه، ثم تُؤخذ الأعمَال على ذاكُم”.
والجدير بالذكر أن صيام التطوع ينجي من النار ويدفع عنا الشهوات، حيث يقول صلوات ربي وسلامه عليه “يا معْشَر الشَّباب مَن استَطاع مِنكم البَاءة فلْيتَزوج، ومَن لم يَستطع فعَليه بالصَّوم فإنَّه له وجَاء”.
ومن يصوم يومًا في سبيل الله يباعد الله عز وجل بين وجهه وبين النار سبعين خريفًا وأهل الصيام يدخلون إلى الجنة من باب الريان، وفي الصيام أيضًا مغفرةً للذنوب ومن كانت خاتمة أعماله صيامًا تطوعًا دخل الجنة، والصائم له دعوة لا ترد عند الإفطار.
ما هي الايام التي يجب صيامها في شهر رجب؟
وبعد أن تحدثنا عن هل صيام أول يوم في رجب بدعة؟ نتحدث الآن عن أفضل أيام الصيام في شهر رجب، حيث ورد في السنة النبوية الشريفة أيامًا يُستحب الصيام فيها من كل شهر بوجه عام وليس شهر رجب فقط، ولكل منها سببًا قويًا ودليلًا قاطعًا عليها من القرآن الكريم والأحاديث النبوية الشريفة، وهذه الأيام تأتي على النحو التالي:
الإثنين والخميس
اجتمع جمهور الفقهاء من المالكية والحنابلة والشافعية والحنفية على استحباب صيام هذين اليومين على وجه الخصوص من كل أسبوع، حيث جاء عن أسامة بن زيد رضي الله عنهما: “إن نبي الله صلى الله عليه وسلم كان يصوم يوم الاثنين ويوم الخميس، وسئل عن ذلك فقال، إنَّ أعْمال العِباد تُعرض يوم الاثنين ويوْم الخَميس”.
كذلك عندما سئل الرسول عن سبب صيامه ليوم الإثنين بالتحديد فقال أن هذا اليوم قد ولد فيه وبعث فيه وأنزل الوحي عليه فيه، وإذا وافق أول يوم في شهر رجب يوم إثنين أو خميس يستحب صيامه، ويمكنك الاطلاع على فقرة هل صيام أول يوم في رجب بدعة؟.
ثلاث أيام من كل شهر
اتفق العلماء على أن صيام ثلاث أيام من كل شهر لهو أمر مستحب حيث جاء عن أبي هريرة رضي الله عنه “أوصاني خليلي بثلاث لا أدعهن حتى أموت: صَوم ثلاثة أَيام مِن كُل شَهر، وصَلاة الضُحى، ونَومٍ علَى وتر”.
الأيام البيض
ترى المذاهب الأربعة الحنابلة والحنفية والشافعية وبعض من المالكية أن صيام الأيام البيض من كل شهر مستحب والدليل على ذلك ما قاله الرسول صلى الله عليه وسلم “يا أبا ذِر إذَا صُمت من الشهر ثلاثةَ أيامٍ، فصُم ثلاث عشرة، وأَربع عشَرة، وخَمس عَشرة”، وهذِه الأيَام إعتاد عمر بن الخطاب رضي الله عنه على صيامهم.
الصوم يوم وإفطار يوم
يستحب العلماء صيام يوم وإفطار اليوم الذي يليه وجعلوا منه أفضل أشكال صيام التطوع، لكن باستثناء كل من صيام يوم الشك أو أيام التشريق التي تلي يوم النحر أو يوم الجمعة أو يوم 16 من شهر شعبان، ويومي العيدين، وبالتالي تصبح إجابة هل صيام أول يوم في رجب بدعة؟ أنه “لا” لأنه يمكنك الآن صيامه والإفطار في اليوم الثاني ولا حرج في ذلك.
صيام يوم وإفطار 2
وهذا ما ورد عن الرسول صلى الله عليه وسلم حينما كان يتحدث مع عبد الله بن عمرو رضي الله عنه فقال له “فصم يومًا وأفطر يومين”، وهذا أيضًا يؤكد فكرة هل صيام أول يوم في رجب بدعة؟ حيث تستطيع البدء به ثم التأخر بعده بيومين والبدء مجددًا.

صيام رجب وشعبان
ورد سؤال إلى دار الإفتاء المصرية عن هل صيام أول يوم في رجب بدعة؟ وهل يجوز صيام رجب وشعبان؟، أما بالنسبة إلى الجزء الأول “هل صيام أول يوم في رجب بدعة؟” فقد وضحناه من قبل.
وبالحديث عن الجزء الآخر من السؤال عن صيام رجب وشعبان فقد أجازت التطوع في شهر رجب وشهر شعبان بالصيام ولا حاجة للبدء في صيام ما قبلهما وتحدثنا باستفاضة عن شهر رجب وصيامه.
أما عن شهر شعبان فيجوز للمسلم أن يصومه كاملًا في حالة واحدة فقط وهي أنه يكون مُعتادًا على ذلك من قبل، أما من لم تكن له عادة فعليه أن يصوم إلى يوم 15 من شعبان فقط.
ولا يستكمل صيام النصف الثاني لأن هذا ما نهانا عنه النبي صلى الله عليه وسلم الذي كان يكثر الصيام فيه ولم يرد في الشريعة الإسلامية أنه أتم الصيام شهرًا كاملًا غير شهر رمضان المبارك إلا شعبان.
وهذا النهي هدفه أن يستريح المسلم من الصيام لفترة من الوقت قبل البدء في صيام شهر رمضان كاملًا وحتى لا يمل الصيام ويفتر من الطاعات ويثقل عليه القيام بها.
ويجوز الصيام في النصف الثاني من شعبان إذا كان الشخص قد اعتاد على صوم الإثنين والخميس من كل شهر، أو عليه قضاء أو كفارة أو نذر، أو في حالة العادة فقط لا غير وهذا ما يخبرنا به الرسول صلى الله عليه وسلم في الحديث الشريف “إذا انْتصف شَعْبان فلَا تصُوموا”.
سنة شهر رجب
من سنن شهر رجب أن نسترجع أهم الأحداث التاريخية التي حدثت في هذا الشهر والاستفادة من تجارب المسلمين فيها، مثل غزوة تبوك أو تحرير القدس على يد صلاح الدين الأيوبي من الصليبيين والحادثة الأعظم بينهما وهي حادثة الإسراء والمعراج وهي أكبر حادثة وقعت في شهر رجب.
كذلك يمكننا القيام ببعض الطاعات والإكثار منها في شهر رجب بوجه خاص والأشهر الحُرم بوجه عام، وبعد توضيح هل صيام أول يوم في رجب بدعة أم لا؟ نتحدث الآن عن أهم هذه الطاعات ومن بينها ما يلي:
- بذل قصارى جهدنا في الطاعات ومحاولة المواظبة عليها والإكثار من الأعمال الصالحة للاستعداد لشهر رمضان المبارك.
- الصيام التطوعي وصلاة النوافل والإكثار من العبادات بشتى الطرق.
- البعد عن الظلم في الأشهر الحرم عامةً وفي شهر رجب خاصةً.
- التصدق بشكل مستمر لأنها من أفضل الأعمال الصالحة في شهر رجب.
- الإكثار من الباقيات الصالحات.
- الاستغفار والصلاة على أشرف المرسلين سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
- الدعاء في كل وقت وخاصةً آناء الليل وأطراف النهار.
- قراءة القرآن بتدبر أو الاستماع إليه بعناية.
نية صيام شهر رجب
بينت دار الإفتاء هل صيام أول يوم في رجب بدعة؟ كذلك وضحت هل الصيام فيه بشكل عام جائز أم لا؟، بالإضافة إلى أنها تحدثت عن مسألة نية الصوم في شهر رجب، حيث من الوارد أن ترغب السيدات اللاتي أفطرن في شهر رمضان على إثر الدورة الشهرية تعويض هذه الأيام في أيام أخر كما أمرهن الله سبحانه وتعالى.
كذلك من أصابه المرض أو كان على سفر، وحالات أخرى كثيرة توجب تعويض هذه الأيام في أيام أخرى على مدار العام، فهل يجوز جمع نية صيام الفرض مع صيام التطوع في شهر رجب؟.
هناك خلاف بن العلماء في هذا الموضوع، حيث يرى بعضهم عدم جواز جمع نية قضاء أيام رمضان مع نية صيام التطوع، وفي المقابل يجب عدم إشراك النية أبدًا، لكن هناك من يرى نقيض ذلك تمامًا وهو أنه يجوز، لكن كي نخرج من هذا الخلاف علينا أن نتجنب ذلك وننوي صيام القضاء بشكل طبيعي وبعد الانتهاء نبدأ في صيام التطوع كما يحلو لنا.

صيام ٢٧ رجب
أقرت دار الإفتاء المصرية أنه لا يوجد ما يمنع صيام ٢٧ رجب أو ما تسمى بليلة الإسراء والمعراج، ولا يوجد في الشرع ما يؤكد عدم جواز ذلك، حيث ورد عن الرسول صلى الله عليه وسلم أنه “من صام يوما في سبيل الله بعد الله وجهه عن النار سبعين خريفًا”.
وقالت إنه لأمر مستحب أن نحيي ليلة الإسراء والمعراج بالطاعات والعبادات ولعل أفضل هذه العبادات التطوع بالصيام في المقام الأول ثم إطعام المساكين وإخراج الصدقات وقضاء حوائج الناس والاستغفار وقراءة القرآن والذكر بشكل عام.
وهي ليلة يستحب فيها الدعاء بشكل مستمر لأنه مستجاب بإذن الله تعالى، وعلينا جميعًا إحيائها لما تتمتع به من فضل ومنزلة كبيرة عند الله، فهي الليلة التي أسرى الله سبحانه وتعالى بنبيه محمد من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى وصعد فيها إلى السماوات السبع وحدثت فيها الكثير من المعجزات.
وفي الختام فإن سؤال هل صيام أول يوم في رجب بدعة؟ لم يتفق على إجابته العلماء، لكن الجميع يتقابل في نقطة أن الصيام التطوعي في الأشهر الحرم مستحب، لكن تخصيص يومًا محددًا بالصيام فهو أمر لا يجوز ويعتبر بدعة، والبدعة ضلال، لذلك علينا الاقتداء بالرسول صلى الله عليه وسلم في كل أمر ونحاول الابتعاد عن العبادات المستحدثة قدر الإمكان حتى لا تصير بدعة يتبعها الناس ظنًا منهم أنها من الرسول.