هل الميت يشعر بمن يزوره ويبكي عليه أو يدعو له؟

هل الميت يشعر بمن يزوره؟ سؤال يدور في الأذهان مرارًا وتكرارًا خاصةً مع دخول الأعياد لأن الكثير من المسلمين اعتادوا على زيارة المقابر فيها، فهل حقًا يشعر الميت بمن يزوره ويسمعه؟، أم هي مجرد خرافات توارثناها عن أجدادنا القدماء.
هل الميت يشعر بمن يزوره؟
ردت دار الإفتاء المصرية على سؤال هل الميت يشعر بمن يزوره؟ وقالت أن المتوفى بالفعل يشعر بكل شخص يقوم بزيارته ويُلقي عليه السلام، وأيضا يرد عليه السلام ويفرح بزيارته تلك.
وأوردت دار الإفتاء الدليل على ذلك من أحاديث الرسول صلى الله عليه وسلم الشريفة والتي منها ما يؤكد ذلك وهو أن الرسول صلى الله عليه وسلم كان دائمًا ما يحث صحابته على إلقاء السلام على الموتى عند دخول المقابر ويقولون “السَّلامُ عَلَيْكُم أَهل الدّيَارِ مِنَ المُؤمِنينَ وَالمُسلِمينَ، وإِنَّا إنْ شَاءَ اللَّه للَاحِقُون، أَسْأل اللَّه لَنَا وَلكُم العَافِية”.
كذلك يخبرنا رسولنا الحبيب أنه “مَا مِن رَجُلٌ يَمُر بِقَبر رجُلٍ كَانَ يَعْرِفهُ فِي الدُّنيا، فَيُسَلّم عَلَيهِ، إلَّا عَرِفَهُ وَرَدَّ عَلَيهِ”، والجدير بالذكر أن زيارة القبول مستحبة للمسلم خاصةً أنها تثير الفرحة في نفوس الموتى، ويسمعوننا لكنهم لا يستطيعون الرد.
وهذا ما يقوله الرسول في الحديث الشريف “والذي بَعَثَني بِالحَقْ مَا أَنتم بأَسْمعَ لِما أَقُولُ مِنهُم، وَلَكِنَّهُم لَا يَستَطيعُونَ جَوابًا”، وبالتالي فإن هل الميت يشعر بمن يزوره؟ سؤال إجابته هي أجل، فهو يدرك من يزوره لذلك يجب أن نظهر فرحتنا بزيارته كما لو كنا نزوره في حياته.
قد يهمك: حكم زيارة القبور في عيد الأضحى
هل الميت يشعر بمن يزوره ويسمعه؟
إذا كنت تتساءل هل الميت يشعر بمن يزوره؟ فيجب أن نخبرك أنه نعم، فهو يشعر ويستأنس بزيارتك له، فالموت لا يعني الفناء لكن فيه انطلاق لروح الإنسان من سجن الجسد لتحيا في عالم آخر.
وخروج الروح من الجسد لا يعني بالضرورة فناء هذا الشخص، بل تعني انقطاع التصرفات والأفعال، ولا يزال يشعر بنا ويستأنس بوجودنا إلى جواره ويفرح بزيارتنا له، وقد رغَّب الرسول صلى الله عليه وسلم إلى زيارة القبول للاعتبار بها وإدراك أن الدنيا فانية والآخرة خير وأبقى، حيث يقول “زُورُوا القُبُورَ، فإِنَّها تُذكرُكُمْ الآخِرةَ”.

هل يدرك الميت من يزوره؟
هناك خلاف بين العلماء في مسألة هل الميت يشعر بمن يزوره أم لا؟، ولكل منهم دليل يعتمد عليه، وكثيرًا ما يتفقون في الأدلة نفسها لكن مع اختلاف تفسير معناها من وجهة نظر كل فرد منهم.
فنجد أن من بينهم من يؤكد أن الميت بالفعل يحس ويدرك وجود الزائر إلى جواره ويسمعه وهو يتحدث ويشعر به ويستأنس به، والدليل على ذلك بالإضافة إلى أدلة أخرى ذكرناها من قبل الحديث الشريف “إذا فرغ من دفن الميت وقف عليه، فقال: اسْتَغفِروا لأَخيكُم، وَسَلوا لَهُ بالتَّثبِيت، فَإنَّه الآن يُسأل”.
لكن من جهة أخرى، نجد أن هناك من يعتقد أن قضية هل الميت يشعر بمن يزوره من الغيبيات التي ليس لنا الحق في السؤال عنها والتفكير فيها، والدليل على ذلك قول الله تعالى في كتابه العزيز “وَلَا تَقف مَا لَيسَ لَكَ بِهِ عِلْم إِنَّ السّمع والبَصَر وَالفُؤاد كُل أِولئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولًا”.
وبناءً على ذلك فإن الميت يتمتع بإدراك غير إدراكنا وشعور غير شعورنا، وبالطبع لا يعلم به أحد من خلق الله سبحانه وتعالى، وهذه المسألة ليست ضمن ثوابت الدين الجديرة بالبحث عنها وإهدار الكثير من الوقت في التفكير فيها.
وفي مجمل الأمر، فإن زيارة القبور تعد مستحبة من أجل الاعتبار بالموت وتذكره حتى نفيق من غفلتنا ونتحرر من حبال وسلاسل الدنيا التي شلت من حركتنا.
هل يعلم الميت أحوال أهله؟
إن الميت يطلع على أحوال أولاده وأهله وهذا ما أكده الكثير من العلماء، ويكون ذلك عن طريق تلاقي الأرواح، فيسأل الميت من مات حديثاً ليخبره عن أهله وكيف حالهم، فيخبره الأخير عما يعرف ومن هنا يستطيع الميت معرفة أحوال أهله.
أما بالنسبة إلى هل الميت يشعر بمن يزوره؟ أو هل يسمع صوت الحي؟ فهي مسألة خلاف، ولكن الجميع اتفقوا على أن الميت يدرك الحي عن طريق العمل الصالح فقط لأن الله سبحانه وتعالى يخبره بمصدره.
قد يهمك: هل النوم على البطن حرام أم مكروه؟ وهل يزيد الوزن؟
هل الميت يشعر بمن يدعو له؟
إن الميت يسمع دعاء الداعين له وذلك لأن الأجر يصل إليه ويستفاد منه، بل ويشعر بالسعادة حيال ذلك ويسعد بزيارة أقاربه له، وأجابت لجنة الفتوى بالمجمع الإسلامي على سؤال هل الميت يشعر بمن يزوره ويدعو له حيث قالت أنه يعرف من يدعوا له لأن الأجر يصل إليه.
والدليل على ذلك ما قاله الرسول صلى الله عليه وسلم: “إِنَّ اللَّه تَبَارَك وتَعَالى ليَرفَع لِلْرجُل الدَّرجَة فَيَقُولُ: “رَب أنَّى لِيَ هذه الدرَجة؟ فَيقُول: بدُعاءِ وَلَدَك لكَ”.
يجب الأخذ بعين الاعتبار أن الدعاء للميت قد أمرنا الله تعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم به، وهذا في قوله تعالى “وَالَّذِينَ جَاءُوا مِن بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ”، ولذلك شرع الله الصدقات والدعاء للميت والحجة والعمرة لأنه ينتفع بها.

هل الميت يشعر بمن يبكي عليه؟
إن الموت عبارة عن مرحلة نمر بها لنصل إلى حياة أخرى، فليس معناه الموت بشكل تام بل هو مرحلة انتقالية يليها البرزخ، وسوف يبعث الله سبحانه وتعالى جميع خلقه مرة أخرى يوم القيامة والحساب والبعث، وبمجرد موت المرء يفقد السيطرة على جسده فيفقد الشعور والقلب يتوقف عن عمله فهل الميت يشعر بمن يزوره ويبكي عليه حقًا؟
يقول حبيبنا محمد صلى الله عليه وسلم “إنَّ العَبد إِذَا وَضَعَ فِي قَبْرِهِ وَتوَلَّى عَنْهُ أَصْحَابه وإِنَّهُ لَيَسْمَعُ قَرْعَ نِعَالَهُمْ”، ومعنى ذلك أن البكاء يشعر به الميت ويسمعه.
وهذا ما وضحته لنا أم المؤمنين السيدة عائشة رضي الله عنها أن الرسول صلى الله عليه وسلم اعتاد على زيارة البقيع في أواخر الليل وينادي على الأموات أن “السَّلامُ عَلَيْكُم دَارَ قَومٍ مُؤمِنِينٍ وَأَتَاكُمْ مَا تُوعَدُون غَدًا مُؤجَّلُون وَإنَّا إِنْ شَاءَ اللَّه بِكُم لَاحِقُونْ”.
لكن ورد عن الرسول صلوات الله وسلامه عليه أن بكاء أهل الميت يؤذيه، حيث يقول “إِنَّ اللَّه لَيَزيِد الكَافِر عَذابًا، بِبُكَاء أَهْلِهِ عَلَيهِ”، ولكن بعد ذلك قالت زوجته السيدة عائشة “وَلَا تَزِر وَازِرَة وِزرَ أُخْرَى”، أي أنها أنكرت سماع الميت للأحياء واستدلت بقول الله تعالى: “إنك لا تسمع الموتى ولا تسمع الصم الدعاء إذا ولوا مدبرين”.
هل الميت يحس بأولاده؟
اختلف الفقهاء والعلماء في موضوع هل الميت يشعر بمن يزوره أو بأولاده وأهله؟، فهناك منهم من أكد أن الميت يشعر بأولاده الأحياء، والأدلة قد وضحناها في السطور السابقة.
لكن إدراك الميت لهم مختلف في حياة البرزخ، لأن روحه تكون في كيان آخر غير الذي نعيش فيه، ويشعر بنا فقط إذا وهبنا له ثواب دعاء أو صدقة أو حج وعمرة وما إلى ذلك.
فيقول الرسول صلى الله عليه وسلم “إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث: صدقة جارية، أو علم ينتفع به، أو ولد صالح يدعو له”، وهذا الحديث يؤكد على أن الولد الصالح يصل ثواب دعائه وصدقاته إلى والده وتكون هذه هي همزة الوصل بينهما.
هل الميت يحس عند الغسل؟
يعتقد بعض العلماء أن الميت لا يشعر بأي شيء أثناء الغسل، وذلك بالاستناد إلى قول الله عز وجل في سورة فاطر “وَمَا أَنتَ بِمُسْمِعٍ مَّنْ فِي القُبُورِ”، وبالتالي فإن إجابة سؤال هل الميت يشعر بمن يزوره أو يشعر بمن يغسله هي “لا”، فالميت لا يشعر بأي شيء فور وفاته ولا يسمعهم.
ويجدر الإشارة إلى أن الغسل يتم عن طريق 4 خطوات، الخطوة الأولى وهي الغسل والثاني. التكفين والثالثة هي الصلاة والرابعة هي الدفن، ولكل مرحلة منهم بها أركان، أما بالنسبة إلى المرحلة الأولى وهي الغسل فيمكن الاكتفاء فيها بكوب ماء كبير سواء أكانت دافئة أو باردة أو ساخنة، أو حتى بها عطر.
ويتم صب الماء على سائر جسد الميت وكأنه في البانيو، لكن يمكن إضافة بعض الخطوات الأخرى مثل تنظيف عين الميت وبطنه وأنفه والأعضاء الأخرى لكن كل ذلك ليس فرضًا.
وبعدها يوضع الميت على لوح ويقوم المغسل بتلبسيه قميصًا واسعًا ويكره أن ينظر الشخص الذي يقوم بذلك إلى جسد الميت إلا لضرورة قصوى، ثم يغسله من كافة الجوانب، والرجال جديرون بتغسيل الرجال والنساء للنساء.
لكن إن تعذر وجود رجال يمكن للزوجة تغسيل زوجها لكن في المقابل لا يجوز للرجل أن يغسل أمه أو شقيقته، لكن يجوز له أن يفعل ذلك مع زوجته.

هل الميت يشعر بالبرد؟
وبعد أن تحدثنا عن هل الميت يشعر بمن يزوره؟، نتحدث عن موضوع آخر وهو هل الميت يشعر بالبرد، ويجدر الإشارة إلى أن هذا الأمر من الأمور الغيبية التي يجهلها الجميع عدا الله سبحانه وتعالى.
وإحساس المتوفى بعد وفاته بمن حوله يختلف عن إحساسه بهم في حياته، ويقاس على ذلك إحساس المتوفي بالبرودة سواء في القبر أو في ثلاجة الموتى.
ولم نتوصل إلى حديث صحيح عن الرسول صلى الله عليه وسلم قاطع لهذا الأمر ولا حتى في القرآن الكريم أو السنة النبوية الشريفة، وجميع الفقهاء والعلماء قد أجمعوا على أن الميت لا يستطيع إدراك ما كان يدركه في حياته بجوارحه.
قد يهمك: حقيقة عذاب القبر واحداثه
هل يشعر الميت بالوقت؟
إن شعور الميت بمرور الوقت يختلف عن شعوره به في حياته، حيث أنه يشعر وكأنه يمر بسرعة البرق، والدليل على ذلك أن الله قد أمات رجلًا لمدة 100 عام وعندما بعثه مرة أخرى للحياة قال “قَالَ كَمْ لَبِثْتَ قَالَ لَبِثْتُ يَوْمًا أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ قَالَ بَل لَّبِثْتَ مِاْئَةَ عَامٍ”.
وهذا ما أشار إليه الشيخ متولي الشعراوي رحمة الله عليه حيث قال أن الميت لا يشعر بالوقت نهائيًا، واستدل على ذلك بقصة أصحاب الكهف الذين ناموا 309 عام ثم استيقظوا وقالوا “قَالَ قَائِلٌ مِّنْهُمْ كَمْ لَبِثْتُمْ قَالُوا لَبِثْنَا يَوْمًا أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ”.
والزمن عند المتوفي مرتبط بالأحداث، وبما أن الأحداث تتوقف بوفاته فإنه لا يشعر بأي وقت حينها واستشهد أيضًا بقول الله تعالى في كتابه العزيز “كَأَنَّهُمْ يَوْمَ يَرَوْنَهَا لَمْ يَلْبَثُوا إِلَّا عَشِيَّةً أَوْ ضُحَاهَا”.
وفي الختام وبعد أن جاوبنا على سؤال هل الميت يشعر بمن يزوره؟ وأسئلة أخرى كثيرة ومتنوعة في السياق نفسه، نسأل الله تعالى أن يرحم موتانا وموتى المسلمين وأن يلحقنا بهم في الفردوس الأعلى أجمعين.
قد يهمك: