مرض سيدنا ايوب وكم سنة صبر على هذا المرض؟

مرض سيدنا ايوب أحد القصص المشهورة والتي يبحث الكثير من الناس عنها لمعرفة حقيقتها، ومعرفة كيف تعايش النبي أيوب مع هذا المرض؟ وهل عانى لفترة طويلة بهذا المرض أم وجد علاج له؟ والمرض كان عقاب من الله على ذنب فعله النبي أم هناك حكمة أخرى خفية!!.
مرض سيدنا ايوب
سوف نتحدث في هذا المقال عن مرض سيدنا ايوب ولكن قبل أن نتطرق لهذا الموضوع علينا أولًا معرفة من هو سيدنا أيوب؟
سيدنا أيوب من نسل سيدنا إبراهيم عليه السلام، وكان من فضل الله عليه أن أعطاه الله جل وعلا فيض هائل من النعم، والتي منها الكثير من الأولاد، والكثير من البقر والإبل والغنم، فقد كان والده وجده من أثرياء القوم وساداتهم.
وكان يعيش في مكان يُسمى الثنية في المنطقة الجنوبية لبلاد الشام، وكان مشهورًا ومعروفًا بسخائه وكرمه وخاصة على الفقراء والمساكين فكان كثير الصدقات، وكان تاجرًا أمينًا ماهرًا في تجارته.
وشاء الله عز وجل أن يختبر هذا النبي الكريم ليرى ثباته وقدر إيمانه، فابتلاه بالعديد من الابتلاءات، قال عليه الصلاة والسلام: “أشد الناس بلاء الأنبياء، ثم الصالحون، ثم الأمثل فالأمثل، فالرجل يبتلى على حسب دينه فإن كان في دينه صلابة زيد في بلائه”.
ومن ضمن هذه الابتلاءات أنه مرض سيدنا ايوب مرضًا شديدًا ألزمه الفراش فترة طويلة تُقدر بالسنين.
ومات أبناء أيوب عليه السلام جميعهم أيضًا واحد يتلوه الآخر، حتى المال الكثير الذي كان معه ذهب ولم يبق منه شيء.
ولأن مرض سيدنا ايوب كان شديد لا يستطيع معه الحركة ولم يبق معه لا مال ولا بنون، اضطرت زوجته أن تقوم بخدمة الناس لكي تطعمه.
وبمجرد معرفة الناس أنها زوجة سيدنا أيوب ردوها خوفًا من أن فينتقل إليهم هذا المرض عن طريقها، فما كان لهذه الزوجة الصابرة إلا أن تبيع ضفائرها لكي تجد ما تُطعم به زوجها المريض.
قد يهمك: قصة موسى عليه السلام مع فرعون والسامري وقتل القبطي
ماذا فعل ابليس مع سيدنا ايوب
بذل إبليس مجهود كبير أثناء مرض سيدنا ايوب، فكان يتسلط عليه ويوسوس له حتى يجعله في حالة سخط من المرض وأراد بكل الطرق أن يُضعف إيمانه، ولكن لا تنفع أي حيلة من حيله مع سيدنا أيوب، فقد كان إيمانه أكبر بكثير من هذا الابتلاء، وظل صامدًا صابرًا طوال فترة مرضه.
فيئس منه وتركه وظل يوسوس لزوجته حتى تؤثر عليه وتشكو له، فما كان من زوجته إلا أن تتأثر بهذه الوسوسة وتذهب إليه وهي في حالة من الضجر واليأس بسبب إبليس اللعين، فتقول له: متى سينتهي هذا البلاء؟ فغضب أيوب عليه السلام.
وقال: وكم عشنا في نعيم؟ قالت: حوالي سبع سنين، ثم أقسم عليها بعد أن يتم شفائه سوف يضربها مئة ضربة بالسوط.

ما هو علاج سيدنا ايوب؟
بعد أن ضاق الحال بسيدنا أيوب واشتد الكرب، لجأ إلى الله عز وجل خاشعًا متضرعًا سائلًا الشفاء من هذا المرض قال تعالى: {وَأَيُّوبَ إِذْ نَادَىٰ رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ وَأَنتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ} سورة الأنبياء: آية ٨٣.
فاستجاب الله تعالى له، وأمره أن يضرب برجله الأرض، فما لبث أن قام بضربها تفجرت وأخرجت الماء وأمره بالاغتسال من عين والعين الأخرى يشرب منها، فكان هذا علاج مرض سيدنا ايوب.
وذهب المرض الذي عانى منه سنوات عديدة بعد أن صبر ورضى بقضاء الله وقدره، مصداقًا لقوله تعالى : {وَاذْكُرْ عَبْدَنَا أَيُّوبَ إِذْ نَادَى رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ الشَّيْطَانُ بِنُصْبٍ وَعَذَابٍ، ارْكُضْ بِرِجْلِكَ هَذَا مُغْتَسَلٌ بَارِدٌ وَشَرَابٌ، وَوَهَبْنَا لَهُ أَهْلَهُ وَمِثْلَهُمْ مَعَهُمْ رَحْمَةً مِنَّا وَذِكْرَى لِأُولِي الْأَلْبَابِ، وَخُذْ بِيَدِكَ ضِغْثاً فَاضْرِبْ بِهِ وَلَا تَحْنَثْ إِنَّا وَجَدْنَاهُ صَابِراً نِعْمَ الْعَبْدُ إِنَّهُ أَوَّابٌ} سورة ص: من آية 41 إلى آية ٤٤ .
وبعد أن تم شفائه أراد ضرب امرأته بالعصا مئة ضربة لأنه أقسم أن يفعل ذلك بعد أن يأذن الله بشفائه، وحتى لا يكذب في قسمه ويرجع فيه.
أمره الله تعالى أن يقوم بإعداد مئة حزمة من أعواد نبات الريحان الصغيرة، ويقوم بضرب زوجته بها مرة واحدة، وبهذا يكون فعل ما أقسم به دون أن يحنث أي: بهذا الفعل يسقط القسم ويُعتبر أنه قام بتنفيذه، لأن الأنبياء لا يجوز في حقهم الكذب.
قد يهمك: قصة عبد الرحمن بن عوف .. أغنى أغنياء قريش
كم سنة صبر النبي أيوب على المرض
ظل سيدنا أيوب مريضًا ثمانية عشر عامًا على القول الراجح، دون أن يشكو أو يتأفف أو يتذمر من طول المرض، فما كان منه إلا اللجوء إلى الله بالدعاء والذكر والتسبيح وهو هزيل ضعيف قد نال منه المرض.
وبالرغم من أن فترة مرض سيدنا ايوب كانت طويلة، كانت زوجته الوفية معه طوال فترة مرضه تُعينه وتسانده، وطلبت منه أن يستمر في الدعاء ليرفع عنه هذا الابتلاءات.
وكل ما يُقال حول مرض سيدنا ايوب من كونه مرض منفر وكان جلده يتمزق والديدان كانت تخرج من جسده، كل هذه الأقوال لا أساس لها من الصحة.
ومن المعروف لدى المسلمين أن هذا لا يليق بالأنبياء فهم معصومين من جميع الأمراض المنفرة سواء أكانت هذه الأمراض نفسية أو جسدية، وتوفي سيدنا أيوب عليه السلام وهو يبلغ من العمر تسعون عامًا.

الدروس المستفادة من قصة أيوب عليه السلام
مر النبي أيوب عليه السلام بابتلاءات لا حصر لها، ولا يستطيع أحد تحملها ومن أبرزها مرض سيدنا ايوب كما ذكرنا، ولهذا أراد الله أن يعوضه تعويضًا يليق بذاته الشريفة لما رآه منه وسط هذه الابتلاءات الصعبة، ومن هنا تظهر الدروس المستفادة:
- أن الله يُكافئ العبد المخلص بأضعاف ما قد فقده، فكان هذا النبي صالح ومثالا يُحتذى به في الصبر والرضا والأمانة، فبعد أن شفاه الله وعافاه أعاد لزوجته شبابها وأعطاهم من الأولاد ستة وعشرين ذكور وإناث، وبعضهم يقول أنهم كانوا ذكور فقط.
وأمدهم الله تعالى بالكثير من الأموال أيضًا، مكافئة لما فعله أيوب وزوجته أمام هذا التحدي الصعب.
- وكانت قصة مرض سيدنا ايوب عظة وعبرة للأجيال لكي يطبقوها في حياتهم ويعرفوا معنى الصبر والحكمة من هذا الابتلاء، وجزاء الصبر على كل ما يمر به الإنسان من نوازل وابتلاءات.
- أن الله ابتلى أيوب عليه السلام لكي يراه هل هو شاكر وصابر أم ساخط وغير راض، وما ظهر لنا في قصة مرضه أنه صبر وشكر واستحى أن يدعوا الله لكي يأذن له بالشفاء من شدة ورعه وتقواه.
- أن الله بيده كل شيء يحيي ويميت يعز ويذل، يمرض ويشفي، فلابد أن يستجيب الإنسان لأمر الله بالقبول دون أن يفهم الحكمة، وأن يُحسن الظن بالله، فرب الخير لا يأت إلا بكل خير.
- وأهم درس في هذه المقالة يجب أن نسلط عليه الضوء هو التحلي بالصبر، فيجب على المسلم أن يصبر على البلاء والمرض وذهاب الولد والأموال، وكل ما هو غالي وثمين بالنسبة للإنسان.
فكل هذه الأمور من الشهوات والملذات التي يُفتتن الإنسان بها في دنياه وتكون اختبار له، وهنا تظهر حقيقة الإنسان هل هو مؤمن حق أم منافق.
وفي نهاية هذا المقال الذي يحكي لنا قصة مرض سيدنا ايوب، يستطيع القارئ معرفة كيفية التعامل مع أي ابتلاء قد يمر به، وأهمية اللجوء إلى الله في كل النوازل والابتلاءات التي لا نجد معها حل، فنستغفر وندعوا الله بكل إخلاص ويقين، والله تعالى يتقبل منا ويرفع عنا البلاء ويزيدنا من فضله فهو يرزق من يشاء بغير حساب، فهذا هو نهج الأنبياء عليهم السلام.
قد يهمك:
سبب فتح مكة ..قصة فتح مكة ونقض قريش لصلح الحديبية
قصة حرب الفجار في الجاهلية التي شهدها النبي قبل البعثة
قصة تحويل القبلة من بيت المقدس إلى بيت الله الحرام