مقالات عامة

متى يكون القرض حلال؟ ومتى يكون ربا؟

متى يكون القرض حلال؟ سؤال يطرأ على ذهن هؤلاء المقترضون، ففي كثير من الأحيان يلجأ الناس إلى البنوك لأخذ قرض مالي ييسر لهم مصلحة ما، لكن هناك من يحلل هذا وهناك من يحرمه، ولكل منهم دليل مقنع وقوي، إذًا متى يكون القرض حلال؟ وما هي شروطه في الدين الإسلامي الحنيف، وهل يجوز الاقتراض للزواج أو لإقامة مشروع ما؟، هذا ما سوف نتحدث عنه بشكل مفصل في هذا المقال.

متى يكون القرض حلال؟

قبل البدء في الحديث عن متى يكون القرض حلال؟ يجب الإشارة أولًا إلى أن كلمة (القرض) أو (الدين) عبارة عن مبلغ ما يقوم الدائن بإدانة المدين به، على أن يتفقا على سداد المبلغ بالإضافة إلى فائدة عليه.

ويتوجب على كل من الدائن والمدين اختيار الوسيلة التي يتم سداد المبلغ بها، سواء أكانت مالية أم خدمات أو سلع، مع تحديد الفترة التي يجب دفع القرض فيها وهي الركن الأساسي في اتفاقية القرض.

وللقرض أنواع، منها ما يكون بضمان ومنها ما يكون بغير ذلك، كذلك هناك قرض خاص وقرض عام، وهناك أيضًا قرض ثنائي ومشترك، وجاء في الشريعة الإسلامية أدلة كثيرة تؤكد جواز الاقتراض ولكن وفقًا لبعض الشروط الواجب توافرها في ذلك، والتي سوف نتحدث عنها في الفقرات التالية.

وقد تجد من يؤكد أن القرض ما هو إلا وجه آخر من الربا، لذلك تتساءل متى يكون القرض حلال؟، وهذا السؤال يجيب عليه أمين الفتوى في دار الإفتاء المصرية الشيخ “أحمد وسام” بعد أن تداول بعض الأشخاص هذا السؤال على المواقع الرسمية لدار الإفتاء.

وكانت إجابته أن الاقتراض من البنوك جائز في حالة إذا كان من أجل التمويل لشيء ما سواء أكان لمشروع أم لشراء شيء ضروري جدًا لا يمكن الاستغناء عنه.

متى يكون القرض حرام؟

وبعد أن وضحنا متى يكون القرض حلال؟ نتحدث الآن عن متى يكون القرض حرام؟ وهو على النقيض تمامًا، حيث تتوقف حرمانية القرض على الهدف الذي يهدف إليه الشخص الذي يريده، فإذا اقترض من أجل الاستهلاك فسيكون حينها القرض حرام.

حتى أن هناك من يعتقد بأن الاقتراض من أجل أداء فريضة الحج أو العمرة حرام ولا يجوز، ذلك لأن الله لا يكلف نفسًا إلا وسعها والله جعل هذه الفريضة لمن استطاع إليها سبيلًا.

لذلك فإن القرض سيكون حرامًا إذا أخذ في حالة عدم الضرورة ويكون حلالًا في حالة إن كان المقترض مضطرًا إلى ذلك، وهذا ما يشير إليه الله عز وجل في كتابه العزيز في قوله تعالى “فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلَا عَادٍ فَلَا إثْمَ عَلَيْهِ، إِنَّ اللَّه غَفُورٌ رَحِيمٌ”.

كذلك أكد مفتي الجمهورية المصرية السابق الدكتور “علي جمعة” أن كل قرض لا يتمكن المرء من سداده يعتبر قرض حرام، لأنه لا يجوز لأي فرد منا أن يقترض قرضًا ولا يسدده بعدها لأن السجن سيكون محلًا له في نهاية المطاف، والرسول صلى الله عليه وسلم يقول “لَا ينْبَغِي لمُؤمِن أَن يَذِلَّ نفْسَهُ، قَالوا: وَكيْفَ يَذِلَّ نَفْسَه؟ قَال: يتَعرَّض مِن البَلاء مَا لَا يَطِيقْ”.

متى يكون القرض حلال ومتى يكون حرام؟

هل القرض لشراء شقة حرام؟

استقبلت دار الإفتاء المصرية سؤالًا على موقعها الرسمي «فيسبوك» يفيد بأن هناك من تستفسر عن متى يكون القرض حلال؟ لشراء شقة أم هو حرام بأي شكل من الأشكال.

وهنا رد عليها أمين الفتوى بأن هذه الحالة لا تُسمى قرضًا بل تُعتبر تمويلًا، ويأخذ العميل هذا التمويل العقاري من البنك ليشتري به عقار جديد يستطيع أن يعيش فيه حياة أكثر استقرارًا.

ويكون ذلك بشرطين فقط لا غير، أما الشرط الأول فهو عدم استطاعة الشخص دفع ثمن إيجار جديد، والشرط الثاني هو أن يشتري العقار فور استلام المبلغ من البنك مباشرةً.

شروط القرض في الإسلام

وبعد أن انتهينا من سؤال متى يكون القرض حلال؟ حان الآن التحدث عن شروط القرض في الإسلام التي يجب توافرها كي يكون القرض حلالًا وليس حرامًا، وهذه الشروط تأتي على النحو الآتي:

  • أهلية المقرض والمقترض فلا يجوز للمجنون أو الصبي أو السفيه أن يكون طرفًا في هذه العملية.
  • وجوب كون المال قابلًا للثبوت وذلك مثل العقارات والنقود والحيوانات والحبوب.
  • ألا يختلط القرض بغيره أي ألا يختلط الشعير بالقمح على سبيل المثال.
  • أن يكون القرض معلوم للوزن والعدد.
  • العزم على سداد القرض فلا يجوز لأحد أن يقترض ولا يسدد القرض لقول النبي “مَنْ أخَذَ أمْوَالَ النَّاسِ يُرِيدُ أدَاءَهَا أدَّى اللهُ عَنْهُ، وَمَنْ أخَذَ يُرِيدُ إِتْلافَهَا أتْلَفَهُ اللهُ”.
  • يستحب توثيقه بالكتابة وفي ظل وجود شهود لقوله تعالى “{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا تَدَايَنْتُمْ بِدَيْنٍ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى فَاكْتُبُوهُ”.
  • أن يكون مال القرض حلالًا.
  • ألا يكون في شيء من المحرمات مثل الخمر أو الخنزير.

متى يكون القرض ربا؟

تحدث المستشار العلمي لمفتي الجمهورية الدكتور “مجدي عاشور” عن متى يكون القرض حلال؟ ومتى يكون وجه آخر من الربا، وقال أن الربا عبارة عن زيادة يتم إضافتها إلى رأس المال نتيجة لإقراض شخص ما مبلغًا من المال لمدة زمنية.

أما بالنسبة إلى الربح فهو زيادة في المال المستخدم في التجارة وهو جائز ولا شك في ذلك، لكن الفرق الجوهري بينهما هو أن زيادة الربا تكون نتيجة الإقراض وليس التمويل، وهذا حرمه الله ورسوله وهناك أدلة كثيرة على ذلك منها قوله تعالى “وَأحَلَّ اللَّهُ البَيعَ وَحَرَّمَ الرَّبَوٰاْ”.

ويختلف القرض في البنوك عن القرض بين الأفراد، لأن القرض بين الأفراد يشترط الزيادة وهو لا يجوز، لكن التابع للبنوك يجوز لكونه بهدف التمويل لا الإقراض.

متى يكون القرض ربا؟

هل القرض حلال للزواج؟

أشار مدير إدارة الفتاوى الشفوية في دار الإفتاء المصرية “الشيخ عويضة عثمان” إلى عدم جواز أخذ قرض من البنك بهدف الزواج، لكن أباح ذلك في أمر واحد فقط وهي الخوف من الوقوع في شباك الفاحشة والزنا.

وأضاف أن هنالك من يستطيع تمالك نفسه والسيطرة عليها والانشغال عن شهواته بعبادة الله سبحانه وتعالى ويبذل قصارى جهده من أجل عدم الوقوع في الحرام، وهذا الشخص نقول له اصطبر حتى يحدث الله بعد ذلك أمرًا ولا تقترض.

وفي آخر حديثه خاطب كل من يخاف على نفسه من الوقوع في الزنا أن يقترض قرضًا ويتزوج، لكن من لا يخاف على نفسه من ذلك فلا يفعل هذا أبدًا حتى لا يقع في ذنب كبير.

وذلك لقول الله تعالى في سورة البقرة “فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلَا عَادٍ فَلَا إثْمَ عَلَيْهِ، إِنَّ اللَّه غَفُورٌ رَحِيمٌ”، والضرورات تبيح المحظورات والزواج ليس من الضرورات، ولذلك فلا يجوز أخذ قرض له لأن الربا من الكبائر ولا يحق لنا اللجوء إليه إلا في الحالات القصوى.

ويأمرنا الله تعالى بالعفة في سورة النور “وَلْيَسْتَعْفِفِ الَّذِينَ لَا يَجِدُونَ نِكَاحًا حَتَّى يُغْنِيَهُم اللَّه مِنْ فَضْلِه”، لذلك علينا أن نأخذ بالأسباب ونتوكل على الله لأنه من يتق الله يجعل له مخرجًا ويرزقه من حيث لا يحتسب.

حكم القرض للاستثمار

أما بالنسبة إلى هذا سؤال متى يكون القرض حلال في الاستثمار وحكمه؟ فقد أجاب عنه “الشيخ محمد عبد السميع” أمين الفتوى في دار الإفتاء بأن في هذه الحالة يكون المال من أجل التمويل وليس اقتراضًا.

وتمويل المشروعات جائز لأنه من أجل الاستثمار وعمل مشروعات، والبنك من حقه أن يأخذ نسبة من الربح والتي تسمى «نسبة الفائدة»، وهي جزء من الأرباح وليست فائدة للقرض.

ويتم التعاقد بعد دراسة جدوى والاطلاع على أوراق المشروع بعناية وفي ظل وجود ضمانات تضمن نية العميل في الاستثمار حقًا وبعدها يتم الاتفاق على نسبة الربح، وهذا يجوز شرعًا بالإجماع.

وفي الختام نخلص إلى أن سؤال متى يكون القرض حلال؟ يتوقف على الهدف من هذا القرض، فإذا كان من أجل الزواج فلا يجوز، وإذا كان من أجل التمويل ومن أجل ضرورة قصوى فيجوز ذلك مع توافر الشروط التي تناولناها في السطور السابقة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى