مقالات عامة

كان الرسول يحب الفأل الحسن فما هو الفأل الحسن؟

كان الرسول يحب الفأل الحسن وكان يحب كل شيء حسن، فكيف تظن بالله سوءًا وقد قال لك “أنا عند ظن عبدي بي”؟ فكم من مرة جبر الله سبحانه وتعالى فيها خاطرك وحقق لك الكثير من الأمنيات!، إنه الله صانع المعجزات ومجيب الدعوات، ولا يستحق منا أن نسيء الظن به جل وعلا ولا نتشاءم من مجرد رؤية شئ معين أو كلمة قالها أحد ما، لذلك سوف نتحدث اليوم عن أهمية الفأل الحسن وحسن الظن بالله ولماذا كان الرسول يحب الفأل الحسن.

كان الرسول يحب الفأل الحسن

إن رسولنا الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم كان على خلق عظيم وهذا بشهادة من الله سبحانه وتعالى، وله كثير من الطباع الحسنة التي ينبغي علينا جميعًا الاقتداء به فيها.

ومنها أن كان الرسول يحب الفأل الحسن حيث ورد عن أبي هريرة رضي الله عنه أن “كان النبي صلى الله عليه وسلم يعجبه الفأل الحسن، ويكره الطيرة”، وهو حديث صحيح صححه ابن ماجه ورواه.

فالكلمة الطيبة لديها تأثير بالغ على نثر الطمأنينة والهدوء والسكينة في النفس وخاصةً في فترة الكرب والهم فتكون بمثابة البشرى للشخص المهموم بأن فرج الله قريب.

ويحدثنا أبو هريرة رضي الله عنه أنه كان الرسول يحب الفأل الحسن أي يفضله ويستحسنه، لكن المستفسرون أرادوا الاستفسار عن ماهية الفأل.

فأخبرهم أنه كان الرسول يحب الفأل الحسن وهو كل كلمة طيبة تقع على مسمع المرء فتجعله يتذكر أن الله موجود فيحسن الظن به ويرتاح صدره ويزول همه وينكشف الغم عن فؤاده.

كذلك يسترسل في شرحه للحديث ويتحدث عن معنى الطيرة التي يكرهها الرسول صلى الله عليه وسلم، والطيرة هي التفاؤل والتشاؤم بأشياء معينة.

لكن في أغلب الأحيان يكون التشاؤم هو المسيطر على الوضع، ولا ينبغي لأحد أن يقرر حدوث أمر سيء له بمجرد رؤيته لشيء معين أو سماعه لكلمة معينة لأن كل شيء بيد الله سبحانه وتعالى.

وفي المقابل يكون الفأل الحسن هو الملاذ الآمن لكل مهموم فيشرح له صدره ويبث الأمل في نفسه فيحسن الظن بربه.

والطيرة من أفعال المشركين وهي مرادفة لسوء الظن بالله جل جلاله، وينهانا في الحديث عن التشاؤم بأي شيء وأي مخلوق والاستبشار بكل كلمة طيبة تفرح القلب.

قد يهمك: استوصوا بالنساء خيرا ما معناها ولماذا أوصى الرسول بالنساء؟

ما هو الفأل؟

إن الفأل في اللغة وتحديدًا في معجم المعاني الجامع جمعها “فؤول” أو “أفول”، وتأتي على وزن “فِعْل”، وتعني الاستبشار وأن يستبشر المرء بشيء حدوث شيء جميل ومضادها “شؤم”.

وعندما نقول أن شخص قرأ الفأل أي أنه تنبأ بما سيحدث في المستقبل، كذلك ندعي الله ونقول لا فأل عليك أي لا شر عليك.

ولقد تأسست العقيدة الإسلامية على مبادئ وقيم سليمة وموزونة، وتعتمد بشكل أساسي على الدعوة للنجاح والتفاؤل وحسن الظن بالله والابتعاد عن كل ما يصيبنا بالفشل والحزن والهم فـ كان الرسول يحب الفأل الحسن، ورسالته تدعونا دومًا إلى الاجتهاد في الوصول إلى غاياتنا والتوكل على الحي الذي لا يموت ونفوض جميع أمورنا إليه.

والمؤمن الذي يتمتع بعقل راشد وسليم هو الذي يبذل قصارى جهده من أجل الحصول على ما يريد ويأخذ بجميع الأسباب ويسلم أمره لله جل وعلا، لأن الله هو القادر القدير وإذا أراد شيئًا يقول له كن فيكون على الفور.

وقد حثنا الله ورسوله على التفاؤل والأمل في الله وعدم اليأس من رحمته عندما أمرنا الله تعالى في كتابه العزيز ألا نيأس من رحمته وكذلك كان الرسول يحب الفأل الحسن ويرغب فيه الصحابة والتابعين وكافة المؤمنين.

والفأل يطابق التفاؤل ولا فرق بينهم فهما وجهان لعملة واحدة، ويعنيان حسن الظن بالله والتفاؤل به وهذا الأمر يجلب إلينا السعادة والراحة والفرحة والحظ، ذلك لأن الله أمره نافذ ولا يمنعه شيء فكم من مرة يتطير الإنسان بشيء ما وأنه سوف يحدث له كذا وكذا وفي النهاية لا يحدث أي شيء مما توقعه.

وكم من مريض تفاءل وأحسن ظنه بخالقه وقال سوف أشفى بإذن الله وبعد مرور أيام قليلة كان وعد الله حقًا وشفي المريض وعادت إليه صحته مرة أخرى كما لو كان صحيحًا معافى ولم يصبه أي سوء.

والتفاؤل لديه قدرة كبيرة على تقوية العزائم ورفع الروح المعنوية والتشجيع على المثابرة ومواصلة الاجتهاد، أما بالنسبة إلى الإنسان المتشائم فلا يقوم من مجلسه ولا يجتهد في عمله ويفشل دومًا.

ذلك لأن إذا توقع العبد الأفضل وأحسن ظنه بالله عز وجل حدث له ما يتمنى وأكثر وبطريقة لم يكن يتوقعها لأن الله دبر له أمره ولنفعل مثلما كان الرسول يحب الفأل الحسن.

ما هو الفأل؟

الفأل الحسن وحسن الظن بالله

تحدث الدكتور “علي جمعة” مفتي الجمهورية المصرية السابق أنه كان الرسول يحب الفأل الحسن حيث قال في حديث ورد عن أنس رضي الله عنه أنه قال “لا عدوى ولا طيرة ويعجبني الفأل الكلمة الحسنة، والكلمة الطيبة”.

وهذا ما علمه لنا الرسول صلى الله عليه وسلم حتى أنه قال عن الصدقات أن مجرد أن تقول لأخيك كلمة طيبة تفرح بها قلبه تكن لك صدقة حقيقية، ولا يجوز أن نتطير بمخلوقات الله مثل الغراب أو البوم وغيرهم لأن الرسول صلى الله عليه وسلم كان دائمًا يدعونا للتفاؤل.

ويقول المفتي أن التفاؤل شيء جميل يحدث لك عندما تحب نفسك والعالم والدنيا والآخرة، ويجعل السعادة تدق بابك في كل لحظة ويكشف ما بك من هم وحزن ويأس، وفيه تقوية للنفس والعزيمة ويعين على فعل الخيرات والسعي في الدنيا لنربح من خيراتها.

وعندما سألوا الرسول عن ماهية الفأل قال “الكلمة الصالحة يسمعها أحدكم”، وكان الرسول يحب الفأل الحسن ويكره التشاؤم لأنه ينافي ما أمرنا الله به وهو حسن الظن به سبحانه وتعالى، فهو قد قال “أنا عند ظن عبدي بي، إن ظن بي خيرًا فله، وإن ظن شرًا فله”.

قد يهمك: وفاة الرسول وصايا النبي قبل وفاته

كفارة الطيرة

وهناك كثير من الأدلة تؤكد أنه كان الرسول يحب الفأل الحسن، وهناك أدلة أخرى تؤكد كرهه للطيرة، فقد ورد عن بن مسعود رضي الله عنه أن رسولنا الحبيب صلى الله عليه وسلم قال “الطيرة شرك وما منا إلا ولكن الله يذهبه بالتوكل”.

وبالتالي فإذا قال لك أحدهم شيئًا سوف يجعلك تتشاءم أعرض عن سماعها ولا تستجيب له وذلك لأنه عندما ذُكرت الطيرة عند الرسول قال:

“أحسنها الفأل ولا ترد مسلمًا فإذا رأى أحدكم ما يكره فليقل اللهم لا يأتي بالحسنات إلا أنت ولا يدفع السيئات إلا أنت ولا حول ولا قوة إلا بالله”.

ولو كان في الطيرة خير لكان الله أول من حببنا ورغبنا فيه وما كان لينهانا عنه في أكثر من حديث شريف، وتخبرنا أم كرز رضي الله عنها أنها سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول “أقروا الطير على مكانتها”.

وكفارة الطيرة هي أن تردد كما علمنا الرسول صلى الله عليه وسلم “اللهم لا خير إلا خيرك ولا طير إلا طيرك ولا إله غيرك”.

كفارة الطيرة

أمثلة على الفأل

ومن أمثلة الفأل ما حدث لسيدنا موسى عليه السلام ومن تعبه من قبل فرعون وجنوده، حيث كان من خلفهم الأعداء ومن أمامهم البحر لكن موسى عليه السلام لم ييأس وظل محسنًا ظنه بالله إلى آخر لحظة.

حتى قال الله تعالى في كتابه العزيز وتحديدًا في سورة الشعراء “فَلمَّا تَرَاءَى الجَمْعَان قَالَ أصْحَابُ مُوسَى إنَّا لَمُدْركُون، قَال كَلا إنَّ مَعِي رَبِّي سَيَهْدِين”.

وهناك مثال آخر عن الفأل الحسن وحسن الظن بالله وتجسده لنا السيدة هاجر رضي الله عنها أم سيدنا إسماعيل عليه السلام عندما تركها زوجها سيدنا إبراهيم عليه السلام في مكة وحيدة مع ابنها ولم تجد ماء لتروي عطش وليدها.

فقالت لزوجها “يا إبراهيم أين تذهب وتتركنا بهذا الوادي الذي ليس فيه إنس ولا شئ؟”، وكررت ذلك كثيرًا لأنه لم يلتفت إليها فسألته “آلله أمرك بهذا؟ فأجابها بنعم حينها لم تحزن السيدة هاجر بل قالت “إذًا لا يضيعنا”.

كذلك في السيرة النبوية الشريفة كان الرسول يحب الفأل الحسن وبطلة هذا المثال هي السيدة خديجة بنت خويلد رضي الله عنها التي وقفت إلى جانب النبي عندما نزل الوحي على رسولنا الكريم صلوات الله وسلامه عليه وعاد إليها يرتجف من شدة الخوف وهو يقول “زملوني زملوني، لقد خشيت على نفسي”.

حينها طمأنته السيدة خديجة وقالت له “كلا والله ما يخزيك الله أبدًا، إنك لتصل الرحم، وتحمل الكل، وتكسب المعدوم، وتقري الضيف، وتعين على نوائب الحق”.

وتحدث الشيخ المقرئ عبد الله بن أحمد بن سعيد أنه قد أصابه مرضًا شديدًا وأتى إليه الشيخ ابن تيمية رحمة الله عليه وعندما شاهده هكذا اقترب منه وجلس عند رأسه وهو في غاية التعب على إثر الحمى الشديدة فدعا الله له ثم قال له “جاءت العافية”، وبمجرد أن قام من مجلسه شفى الشيخ عبد الله على الفور.

وفي النهاية نشير إلى أن بالرغم من أنه كان الرسول يحب الفأل الحسن إلا أنه لا يزال هناك أناس يتفاءلون ويتشاءمون بحظك اليوم وبرؤية الغراب والبوم، وفي هذا شرك بين وسوء الظن بالله يجلب الحسرة والضيق لأن كل متوقع آت، لذلك علينا أن نحسن الظن بالله ولا نستسلم لوساوس الشياطين لأنها تجلب لنا السوء والمرض والفشل لا محالة.

قد يهمك:

ادعية الرسول في رمضان أدعية دينية في رمضان مأثورة عن النبي

كل ما تريد معرفته عن ليلة الإسراء والمعراج، وحقيقة صعود الرسول إلى السماء

المنزه عن كل نقص ومعنى اسم الله القدوس وفضل الدعاء به

كيف كان النبي صلى الله عليه وسلم يعامل زوجاته؟

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى