قصة هاروت وماروت

قصة هاروت وماروت من القصص التي أنزلها الله تعالى في كتابه الكريم حتى نأخذ منها العبرة والعظة، وقد نزلت عندما سأل اليهود الذين كانوا في المدينة النبي صلى الله عليه وسلم عن السحر، وعندما ذكر لهم قصة سيدنا سليمان، قال اليهود بأن النبي صلى الله عليه وسلم يزعم بأن ابن داوود نبي من الله، حيث أنهم يعتبرون أنه مثله مثل الكهنة الذين يسخرون الجن والشياطين لخدمتهم، فنزلت هذه الآية لتبين كذبهم وافترائهم على سيدنا سليمان عليه السلام، وفيما يلي سنتعرف على قصة هاروت وماروت.
قصة هاروت وماروت
ذكرت قصة هاروت وماروت في القرآن الكريم فيه قوله تعالى “وَاتَّبَعُوا مَا تَتْلُو الشَّيَاطِينُ عَلَى مُلْكِ سُلَيْمَانَ وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَانُ وَلَكِنَّ الشَّيَاطِينَ كَفَرُوا يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ وَمَا أُنزِلَ عَلَى الْمَلَكَيْنِ بِبَابِلَ هَارُوتَ وَمَارُوتَ وَمَا يُعَلِّمَانِ مِنْ أَحَدٍ حَتَّى يَقُولا إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلا تَكْفُرْ فَيَتَعَلَّمُونَ مِنْهُمَا مَا يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ الْمَرْءِ وَزَوْجِهِ وَمَا هُمْ بِضَارِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلا بِإِذْنِ اللَّهِ وَيَتَعَلَّمُونَ مَا يَضُرُّهُمْ وَلا يَنفَعُهُمْ وَلَقَدْ عَلِمُوا لَمَنْ اشْتَرَاهُ مَا لَهُ فِي الآخِرَةِ مِنْ خَلَاقٍ وَلَبِئْسَ مَا شَرَوْا بِهِ أَنفُسَهُمْ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ” وتدور أحداث القصة كالتالي:
قام اليهود الذين كانوا في زمن سيدنا سليمان عليه السلام بالتوجه إلى أعمال السحر والشعوذة، وتركوا كتابهم الذي أنزله الله عليهم، وكانوا يستعينون بالشياطين في سحرهم، حيث تصعد الشياطين إلى السماء، وتسترق السمع على حديث الملائكة بين بعضهم ومن ثم تحيل هذه الأحاديث إلى كهنة اليهود وهذا جعل الكهنة يزعمون أنهم يعملون الغيب.
ثم بدأ الكهنة بإدخال هذه الأخبار وخلطها بأخبار أخرى كاذبة وتدوينها في كتبهم والقراءة منها بل وتعلميها للناس، لذا ظن عامة الناس أن الجن والشياطين يعلمون الغيب بل وأنهم ساعدوا سيدنا سليمان في إكمال علمه.
ولهذا أنزل الله ملكين من عنده هم هاروت وماروت حتى يعلموا الناس السحر، وذلك حتى يعلم الناس أن هذا العلم ليس مقتصرا على الكهنة فقط، كما أن في نزولهم اختبار للناس، وتوضيح الفرق بين السحر والمعجزات.
وكان الملكين لا يعلمان أحد من البشر السحر قبل أن يقولا له أنهما فتنة من الله، وإن هذا العلم إذا عُمل به فإنه كفر بالله، أما من تعلمه ولم يعمل به ومات على ذلك فهو مؤمن وسوف يجازيه الله تعالى.
وكان من الأشياء التي يعلمها هاروت وماروت للناس هو التفريق بين المرء وزوجته بالسحر، كما أنهم يعلمون الناس ما يضرهم أو يضر غيرهم، ولا ينفعهم، وكل ذلك السحر والضرر لا يتم إلا بإذن الله تعالى.
وقد عرف اليهود أنه من يستبدل كتاب الله تعالى بالسحر والشعوذة ليس في الآخرة إلا العذاب والهلاك، وعلى الرغم من ذلك اختاروا السحر وانشغلوا به.
اقرأ أيضا: المسيح الدجال القصة كاملة ولماذا لم يذكر في القرآن؟
مكان هاروت وماروت
حسب الآية الكريمة التي ذكرت فيها القصة فإن مكان نزول هاروت وماروت هو بابل، ويقال أنهم نزلوا في مغارة أو كهف، وهناك بئر يسمى بئر هاروت وماروت، كما قيل أن الكهف الذي أنزل فيه الملكين هو كهف فيه جماعة من اليهود يعملون بعض الطقوس الدينية، مثل أنهم يمكثون داخل ذلك الكهف لمدة تصل إلى أربعين يوماً، وخلال تلك المدة يقوم عدد كبير منهم بتعلم أعمال السحر والشعوذة داخل الكهف.

قصة هاروت وماروت والمرأة
تعد قصة هاروت وماروت مع المرأة من القصص المنتشرة على الرغم من أنه لم يثبت مدى صحتها، حيث الثابت أنها رويت عن كعب الأحبار وهو من التابعين الثقات، وقد كان لديه اطلاع كبير على كتب وعلم بني إسرائيل، فلما أسلم أخذ الكثير من الصحابة من أحاديثه ونقلوها عنه، ولكنهم لم يأخذوا عنه جميع أقواله حيث أنهم ردوا عليه ما خالف دينهم الذي بين أيديهم وهو أمر جائز فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم “حَدِّثُوا عَنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَلاَ حَرَجَ”
أما عن أحداث قصة هاروت وماروت والمرأة التي رواها كعب الأحبار فإنها تتمثل في:
- أن الملائكة عندما رأت أفعال البشر والذنوب التي يرتكبونها، قالوا لله سبحانه وتعالى يا رب هم يذنبون، فقال الله جل وعلا ردا على الملائكة لو كنتم مكانهم لفعلتم مثل ما يفعلون.
- ثم أمر الله ملائكته بأن يختاروا منهم ملكين حتى ينزلهم إلى الأرض، ويضع فيهم شهوات البشر لينظروا ماذا سيفعلون، هل سيطيعون الله أم يعصونه.
- فاختار الملائكة هاروت وماروت فأرسلهم الله إلى الأرض وقال لهم “إِنَّ بَيْنِي وَبَيْنَ النَّاسِ رَسُولًا , فَلَيْسَ بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ أَحَدٌ , لَا تُشْرِكَا بِي شَيْئًا وَلَا تَسْرِقَا وَلَا تَزْنِيَا”.
- وقال كعب الأحبار انهم بمجرد أن نزلوا إلى الأرض لم يكملوا اليوم حتى وقعوا فيما نهاهم الله عنه.
- حيث قيل إنه هناك امرأة حسناء أغوتهما حتى وقعا في الفاحشة، وأن الله مسخها وتحولت إلى كوكب في السماء وهو كوكب الزهرة.
- وبعد ذلك علم الملائكة الأمر وأنهم لو كانوا مكان البشر لوقع بعضهم في الخطايا وارتكب الذنوب، ولهذا استغفر الملائكة للمؤمنين.
اقرأ أيضا: قصة النبي دانيال بالتفصيل وعلاقته بتفسير الأحلام
هل هاروت وماروت يعذبان
إن هاروت وماروت ملكين أرسلهما الله تعالى إلى الأرض من أجل حكمة معينة، وقد امتثل الملكين لأوامر الله عز وجل ولم يعصياه، وعلى ذلك فإنهما مطيعان لله تعالى فيما كلفهم به.
أما الأقاويل التي تقول بأن نزولهم إلى الأرض كان عقاب لهم على ذنوبهم، أو أنهما كانا ملكين في البداية ثم مسخهم الله رجلين ومنعا من الصعود إلى السماء مرة أخرى، أو أنهما يعذبان في الدنيا، فجميع تلك الأقوال كاذبة، ولا تمت إلى القصة الحقيقية بأي صلة بل هي من الافتراءات التي اختلقها بعض المؤلفين، لذا ينبغي على كل مسلم البحث جيدا قبل تصديق أي معلومة يسمعها وأخذ العلم أو قصص القرآن الكريم من علماء موثوق بهم، حيث أن تصديق مثل هذه الأمور في حق ملكين من ملائكة الله تعالى أمر خطير.
اقرأ أيضا: قصة حرب الفجار في الجاهلية التي شهدها النبي قبل البعثة

الأسئلة الشائعة
سنجيب فيما يلي على أكثر الأسئلة الشائعة حول قصة هاروت وماروت:
لماذا علم هاروت وماروت السحر؟
علم الله سبحانه وتعالى السحر لهاروت وماروت حتى ينزلهم إلى الأرض ويعلمونه للناس، وكان ذلك ابتلاء لهم واختبار لقوة إيمانهم، وحتى يعلم الناس أن ما يعلمه الكهنة لهم ليس إلا مما تتلوه الشياطين.
ما هو سحر هاروت؟
لم يرد في قصة هاروت وماروت التي ذكرت في سورة البقرة نوعية السحر التي يعلمونها للناس، سوى التفريق بين المرء وزوجه، ولكن قيل أن من سحرهم هو الترغيب في شراء الأشياء حتى وإن لم يكن الشخص محتاج لها.
أين تقع بابل هاروت وماروت؟
توجد عدة بلاد تسمى بابل، ولكن على الرغم من ذلك أجمع المؤرخين أن بابل المذكورة في قصة هاروت وماروت هي التي تقع في العراق، وهي بلد تقع على نهر الفرات وهي قريبة من أضيق مكان يلتقي في نهري دجلة والفرات.
وهكذا نكون قد تعلمنا كيف برأ الله تعالى سيدنا سليمان من اتهام اليهود له بالسحر من خلال قصة هاروت وماروت، كما تعرفنا تفاصيل القصة الحقيقية بعيداً عن الأقاويل الكاذبة المنتشرة حولها.
اقرأ أيضا:
قصة تحويل القبلة من بيت المقدس إلى بيت الله الحرام
شجرة الزقوم لماذا لعنت؟ وما هو شكلها؟ ومن يأكلها؟