فضل ليلة النصف من شعبان وموعدها

ليلة النصف من شعبان ليست مجرد ليلة في شهر مبارك، وإنما هي واحدة من الليالي صاحبة القدر والشان، وعلى الرغم من أنها قد اختلف في فضلها العلماء، لكنها ستظل عند المسلمين في موضع تبجيل وتقديس، غَيَر الله فيها قبلة الصلاة من المسجد الأقصى إلى المسجد الحرام إرضاء لنبيه الكريم، ليلة مليئة بالأسرار والهِبات، وعلى كل مسلم أن لا يجعلها تمر مرور الكرام بل عليه استغلالها على خير وجه، لعله ينال رضا الله بسبب ذلك أو تُصيبه نفحة من نفحاته في هذه الليلة العظيمة فلا يشقى بعدها أبدًا.
متى ليلة النصف من شعبان؟
تبدأ ليلة النصف من شعبان منذ غروب اليوم الرابع عشر من شهر شعبان الجليل وحتى فجر اليوم الخامس عشر، أسرار ليلة النصف من شعبان تحدث عنها العلماء فحدَثْ تغيير اتجاه القبلة الواقع فيها كما كان إرضاء لرسول الله وتعريف للعالمين بمكانته عند الله، كان كذلك اختبار لقوة إيمان المسلمين.
قال الله تعالى في هذا الشأن “سَيَقُولُ السُّفَهَاءُ مِنَ النَّاسِ مَا وَلَّاهُمْ عَن قِبْلَتِهِمُ الَّتِي كَانُوا عَلَيْهَا ۚ قُل لِّلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ ۚ يَهْدِي مَن يَشَاءُ إِلَىٰ صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ”، وكذلك قوله تعالى «وَمَا جَعَلْنَا القِبْلَةَ الَّتِي كُنْتَ عَلَيْهَا إِلَّا لِنَعْلَمَ مَنْ يَتَّبِعُ الرَّسُولَ مِمَّنْ يَنْقَلِبُ عَلَى عَقِبَيْهِ»، فالمسلم الحق لن يُغير أو يُزعزِع من إيمانه اتجاه القبلة وقد كان ذلك فكانوا جميعًا من الثابتين على كلمة الحق.
نزلت في هذه الليلة الآية الشريفة” “إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً” سورة الأحزاب
لليلة النصف من شعبان أسماء أخرى مثل الليلة المباركة وليلة البراءة وليلة الدعاء وليلة التكفير وليلة الغفران والبعض أسماها ليلة القسمة والتقدير أما أهل الصوفية فأطلقوا عليها ليلة المحو والثبات.
قد يهمك: فضل شهر شعبان وأحكامه
صيام ليلة النصف من شعبان
تحدث عن ذلك فضيلة مفتي الجمهورية شوقي علام فقال من الطيب صيام نهارها وإحياء ليلها بصلاة القيام فقال عن ذلك رسول الله «إِذَا كَانَتْ لَيْلَةُ النِّصْفِ مِنْ شَعْبَانَ فَقُومُوا لَيْلَهَا وَصُومُوا يَوْمَهَا؛ فَإِنَّ اللهَ يَنْزِلُ فِيهَا لِغُرُوبِ الشَّمْسِ إِلَى سَمَاءِ الدُّنْيَا فَيَقُولُ: أَلَا مِنْ مُسْتَغْفِرٍ فَأَغْفِرَ لَهُ؟ أَلَا مُسْتَرْزِقٌ فَأَرْزُقَهُ؟ أَلا مُبْتَلًى فَأُعَافِيَهُ؟ أَلا كَذَا أَلا كَذَا؟ حَتَّى يَطْلُعَ الْفَجْرُ».
وكذلك عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: ” فَقَدْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَاتَ لَيْلَةٍ ، فَخَرَجْتُ ، فَإِذَا هُوَ بِالْبَقِيعِ رَافِعٌ رَأْسَهُ إِلَى السَّمَاءِ ، فَقَالَ لِي : ( أَكُنْتِ تَخَافِينَ أَنْ يَحِيفَ اللَّهُ عَلَيْكِ وَرَسُولُهُ ؟ ) ، قَالَتْ : قُلْتُ : ظَنَنْتُ أَنَّكَ أَتَيْتَ بَعْضَ نِسَائِكَ ، فَقَالَ: ( إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ يَنْزِلُ لَيْلَةَ النِّصْفِ مِنْ شَعْبَانَ إِلَى السَّمَاءِ الدُّنْيَا فَيَغْفِرُ لِأَكْثَرَ مِنْ عَدَدِ شَعَرِ غَنَمِ كَلْبٍ).
ومن السُنة النبوية البُعد عن الخصام والمُشاحنة في هذه الليلة فعلى كل اثنين بينهما شيء من ذلك أن يتصالحا ابتغاء وجه الله فعن أبي موسى الأشعري -رضي الله عنه- إنَّ رسول الله قال: “إنَّ اللَّهَ ليطَّلعُ في ليلةِ النِّصفِ من شعبانَ فيغفرُ لجميعِ خلقِه إلَّا لمشرِك أو مشاحنٍ”.

أقوال العلماء في ليلة النصف من شعبان
اختلف العلماء في فضل ليلة النصف من شعبان فمنهم من أقر ذلك وعلى النقيض نجد من أنكره.
فنجد البيهقي في كتابه شعب الإيمان يؤكد على مكانة ليلة النصف من شعبان فكتب عن أبي ثعلبة الخشني رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ” إذا كان ليلة النصف من شعبان اطلع الله إلى خلقه، فيغفر للمؤمنين، ويملي للكافرين، ويدع أهل الحقد بحقدهم حتى يدعوه” ورواه الطبراني.
وكذلك عطاء بن يسار وهو من التابعين قال عنها أنها أعظم ليلة بعد ليلة القدر.
وورد عن الإمام الشافعي في كتاب الأم أن ليلة النصف من شعبان واحدة من ضمن خمسة ليالي يستجيب الله فيها الدعاء.
وفي كتاب جمع الجوامع أو الجامع الكبير للشيخ جلال الدين السيوطي وصف قائم ليلة النصف من شعبان بأنه لن يموت قلبه يوم تموت القلوب.
بينما رأى البعض من فقهاء الشام مثل لقمان بن عامر وخالد بن معدان الاجتماع في المساجد لإحيائها، فكانوا يلبسون ويتطيبون ويتكحلون ويذهبون للمساجد ليلتها، وقد أنكر البعض عليهم ذلك أو الاجتماع في المساجد لسُنة سوى صلاة التراويح.
وفي وجهة أخرى مختلفة تمامًا نجد ليلة النصف من شعبان ابن باز ذكرها بشكل يختلف عما سبق فأنكر بشكل كلي الاحتفال بها أو إحيائها أو صيام نهارها ورأى أن ذلك بدعة واستحداث في الدين، وقال كذلك أن كل ما ورد عن ليلة النصف من شعبان وفضلها ضعيف وبعضها موضوع.
قد يهمك: حكم صيام شهر شعبان وفضل ليلة النصف من شعبان

الأسئلة الشائعة
ورد في ليلة النصف من شعبان الكثير من التساؤلات مثل التالي:
هل ثبت أن الأعمال ترفع في النصف من شعبان؟
لم يرد ما يفيد رفع الأعمال في نصف شعبان على وجه الخصوص، ولكن ورد عن النبي أن الأعمال يتم رفعها إلى الله في شهر شعبان كله فقال عليه الصلاة والسلام عنه “ذلك شهر يغفل الناس عنه بين رجب ورمضان، وهو شهر ترفع فيه الأعمال إلى رب العالمين، فأحب أن يرفع عملي وأنا صائم”.
هل توجد أقاويل أخرى بشأن موعد تغيير قبلة المسلمين؟
نعم يوجد فالبعض قال أن هذا التغيير قد تم في شهر رجب، ولكن الراجح من القول أن ذلك تم في ليلة النصف من شعبان.
هل توجد أحداث أخرى مهمة حدثت خلال شهر شعبان؟
نعم فلقد فرض الله الصيام وهو الركن الرابع من أركان الإسلام على أمة الإسلام في الثاني من شهر شعبان.
ليلة النصف من شعبان كانت موضوعنا اليوم بكل ما يخصها وما تم ذكره فيها من قِبل العلماء، ونرجو أن نكون قمنا بذلك بشكل جيد وعلى وجه الخصوص أنها اقتربت ونأمل أن يكون جاء معها الخير واليمن لبلاد الإسلام.
قد يهمك:
ليلة النصف من شعبان… الإجابة عن جميع التساؤلات
ادعية شهر شعبان .. وفضل ليلة النصف من شعبان
فضل شهر شعبان والاستعداد لرمضان