عقوق الاباء للأبناء وآيات قرآنية عن حقوق الأبناء على الآباء

عقوق الاباء للأبناء عبارة قد تُشعر من يقرأها لأول مرة بالعجب، فمن المعروف أن العقوق في الغالب يكون من جهة الأبناء وليس الآباء، وقد جاء في جميع الكتب السماوية وعلى رأسها القرآن ما يوصي الإبن بوالديه وبالرفق بهما وطاعتهما قدر المستطاع، ولكن هل للإبن أيضًا حقوق على والديه، وإن قصرا في هذه الحقوق صارا عاقين له، بالفعل ألزم الله الآباء بأمور عديدة تجاه أبنائهم وهذا هو موضوعنا اليوم.
عقوق الاباء للأبناء
جميعنا يعرف عقوبة عقوق الوالدين وأن الإسلام قد شدد على هذا الأمر حتى أنه ذكره بعد الحث على التوحيد لله وعبادته وحده لا شريك له، فقال تعالى (وَقَضَىٰ رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا ۚ إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِندَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا فَلَا تَقُل لَّهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُل لَّهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا﴾.
وهناك أكثر من حديث عن عقوق الوالدين منها قول رسول الله (رضا الربُّ في رضا الوالدينِ، و سخطُهُ في سخطِهما).
وقال كذلك في عِظم بر الوالدين” (الصَّلَاةُ علَى وقْتِهَا قالَ: ثُمَّ أيٌّ؟ قالَ: برُّ الوَالِدَيْنِ قالَ: ثُمَّ أيٌّ؟ قالَ: الجِهَادُ في سَبيلِ اللَّهِ قالَ: حدَّثَني بهِنَّ، ولَوِ اسْتَزَدْتُهُ لَزَادَنِي).
ولكن تساؤلنا اليوم هو هل يوجد عقوق الآباء للابناء، وما مظاهر عقوق الوالدين لأبنائهم، بالفعل يوجد عقوق الاباء للأبناء ومن مظاهر عقوق الوالدين لأبنائهم التالي:
عدم العدل في المعاملة بينهم فهناك من يُميز ابن عن آخر، وقد نهى الرسول عن ذلك وأمر بالمساواة حتى في القُبلات، وهناك من يُعطي ابن أكثر من غيره في الغالب الذكر عن الأنثى، وهذا في ميزان الشرع حرام.
فثبت عن النعمان بن البشير -رضي الله عنهما- قال: (سَأَلَتْ أُمِّي أبِي بَعْضَ المَوْهِبَةِ لي مِن مَالِهِ، ثُمَّ بَدَا له فَوَهَبَهَا لِي، فَقالَتْ: لا أرْضَى حتَّى تُشْهِدَ النبيَّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، فَأَخَذَ بِيَدِي وَأَنَا غُلَامٌ، فَأَتَى بِيَ النَّبِيَّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، فَقَالَ: إِنَّ أُمَّهُ بِنْتَ رَوَاحَةَ سَأَلَتْنِي بَعْضَ المَوْهِبَةِ لِهَذَا، قَالَ: أَلَكَ وَلَدٌ سِوَاهُ؟، قَالَ: نَعَمْ، قَالَ: فَأُرَاهُ، قَالَ: لَا تُشْهِدْنِي عَلَى جَوْرٍ).
اختيار اسم سيء للابن فعن رسول الله”(إِنَّ أَحَبَّ أَسْمَائِكُمْ إِلَى اللهِ عَبْدُ اللهِ وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ”، وكذلك (وَلَا تُسَمِّيَنَّ غُلَامَكَ يَسَارًا، وَلَا رَبَاحًا، وَلَا نَجِيحًا، وَلَا أَفْلَحَ، فَإِنَّكَ تَقُولُ: أَثَمَّ هُوَ؟ فَلَا يَكُونُ فَيَقُولُ: لَا).
عدم الإنفاق على الأبناء، فالابن الطفل مُلزم أبيه بالنفقة عليه.
عدم تربية الأولاد على الدين والخلق الحميد وتعليمهم الصلاة فقال رسول الله”(مُرُوا أولاكمِ بالصلاةِ وهم أبناءُ سبعِ سِنينَ، واضرِبوهم عليها وهم أبناءُ عَشرٍ، وفرِّقوا بينهم في المَضاجِعِ).
المعاملة الحسنة للأبناء وعدم الدعاء عليهم لأن هذا الأمر ذنب عظيم وقد نهانا رسول الله عنه فقال (لَا تَدْعُوا عَلَى أَنْفُسِكُمْ، وَلَا تَدْعُوا عَلَى أَوْلَادِكُمْ، وَلَا تَدْعُوا عَلَى أَمْوَالِكُمْ، لَا تُوَافِقُوا مِنَ اللهِ سَاعَةً يُسْأَلُ فِيهَا عَطَاءٌ، فَيَسْتَجِيبُ لَكُمْ).
قد يهمك: فضل بر الوالدين وأثاره في الدنيا والأخرة
آيات قرآنية عن حقوق الأبناء على الآباء
ورد في شأن عقوق الاباء للأبناء العديد من آيات الذكر الحكيم، والتي تحدثت عن حقوق الابن على والده منها:
ورد في حق الإبن قبل ولادته على أبيه أن يختار له أم على دين الله ويُحسن اختيارها قوله تعالى ﴿وَلَا تَنْكِحُوا الْمُشْرِكَاتِ حَتَّى يُؤْمِنَّ وَلَأَمَةٌ مُؤْمِنَةٌ خَيْرٌ مِنْ مُشْرِكَةٍ وَلَوْ أَعْجَبَتْكُمْ وَلَا تُنْكِحُوا الْمُشْرِكِينَ حَتَّى يُؤْمِنُوا وَلَعَبْدٌ مُؤْمِنٌ خَيْرٌ مِنْ مُشْرِكٍ وَلَوْ أَعْجَبَكُمْ أُولَئِكَ يَدْعُونَ إِلَى النَّارِ وَاللَّهُ يَدْعُو إِلَى الْجَنَّةِ وَالْمَغْفِرَةِ بِإِذْنِهِ وَيُبَيِّنُ آيَاتِهِ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ﴾.
وعن حق الرضاعة الطبيعية للطفل على والدته إذا تيسر لها هذا الأمر ﴿وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلَادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يُتِمَّ الرَّضَاعَةَ﴾
وعن نفقة الطفل على والده قال ﴿لِيُنْفِقْ ذو سَعَةٍ مِنْ سَعَتِهِ وَمَنْ قدِرَ عَلَيْهِ رِزْقهُ فَلْيُنْفِقْ مِمَّا آتَاهُ﴾، وفي الدعاء للأبناء ورد دعاء سيدنا إبراهيم لأبنائه فقال تعالى
﴿رَبِّ اجْعَلْ هَذَا الْبَلَدَ آمِنًا وَاجْنُبْنِي وَبَنِيَّ أَنْ نَعْبُدَ الْأَصْنَامَ﴾، وكذلك ﴿رَبِّ اجْعَلْنِي مُقِيمَ الصَّلَاةِ وَمِنْ ذُرِّيَّتِي رَبَّنَا وَتَقَبَّلْ دُعَاءِ﴾
وعلى الأب توجيه أبنائه إلى الالتزام بشرع الله وقد ورد في ذلك (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلَائِكَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ﴾.

الأب السيء في الإسلام
تعرفنا بشكل مفصل عن حالات عقوق الاباء للأبناء وكيف تكون، فقد يتساءل البعض إذا كان أبيه أو أمه من أصحاب هذه الأفعال والصفات فماذا يجب عليه فعله تجاههم، وهل يجوز الابتعاد عن الوالدين بسبب المشاكل، سنحاول الإجابة من خلال منظور وميزان الشريعة الإسلامية.
اتفق العلماء على أن لا يجوز بأي حال من الأحوال رد الإساءة للأب، أو القسوة عليه، فعلى من ابتلاه ربه بهذا البلاء وهو الأب القاسي أو الأم، الصبر عليه والدعاء له بالهداية واحتساب ذلك عند الله.
ومحاولة البعد عن ما يُثير غضبه ومقابلة إساءته بالإحسان، فلعل ذلك يُرجعه عن ما يفعله من سوء مع أبنائه وإن لم يحدث فأجر ذلك وثوابه عند الله وسيُجزي هذا الابن الخير كله.
قال الله تعالى: ( وَإِنْ جَاهَدَاكَ عَلَى أَنْ تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفاً وَاتَّبِعْ سَبِيلَ مَنْ أَنَابَ إِلَيَّ ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ ).
قد يهمك: الهداية نوعان فما هما؟ وما أسباب الهداية؟
هل يعاقب الله الآباء في أبنائهم
تحدثنا عن عقوق الاباء للأبناء بشكل مُوضَح، ولكن هناك سؤال قد يطرحه أحدهم، هل من الممكن أن يكون عقاب الأب على ذنب ما أو ظُلم وقع منه على أحد، أن يكون عقابه في ولده، أن يحدث له سوء على سبيل المثال أو يقع عليه أذى ويكون ذلك انتقام الله من هذا الأب.
أفتى بعض أهل العلم أنه لا يُضار ابن بفعل أبيه، فالقاعدة الفقهية أنه لا تزر وازرة وزر أخرى، فعن سليمان بن عمرو بن الأحوص عن أبيه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول في حجة الوداع: ألا لا يجني جان إلا على نفسه، لا يجني والد على ولده، ولا مولود على والده. رواه ابن ماجه.
والبعض الآخر أفتى أن صلاح أو طلاح الأب يعود على أبنائه، والدليل على ذلك قصة غلامين سورة الكهف الشهيرة عندما أقام سيدنا الخضر جدار لهما على الرغم من اعتراض سيدنا موسى على ذلك، فأخبره أن سبب هذا هو صلاح أبيهما.
فقال الله تعالى {وَلْيَخْشَ الَّذِينَ لَوْ تَرَكُوا مِنْ خَلْفِهِمْ ذُرِّيَّةً ضِعَافًا خَافُوا عَلَيْهِمْ فَلْيَتَّقُوا اللَّهَ وَلْيَقُولُوا قَوْلا سَدِيدًا}، فمن أراد الحفظ والصلاح لذريته فليحفظ نفسه في البداية.

الأسئلة الشائعة
هناك تساؤلات عديدة بخصوص عقوق الاباء للأبناء كالتالي:-
هل يحاسب الله الوالدين على ظلم أبنائهم؟
بالتأكيد هي معصية كبيرة ويجازي الله صاحبها ويحاسبه على ارتكابها.
متى يكون عقوق الوالدين حلال؟
لا يكون حلال أبدًا ولا يجوز بأي حال قطيعة الوالدين.
ما سبب كره الاب لابنه؟
قد يكون بسبب أمراض نفسية أو عقد ما عند الأب، أو بسبب سلوك الابن الشديد السوء الذي أوصل الأب إلى هذه الدرجة.
عقوق الاباء للأبناء سلوك يُخالف الطبيعية وفطرة الله في خلقه، ولكن الشريعة لم تترك أمر لم تقم بمناقشته حتى تجد حلًا لكل آفة من آفات المجتمع، لذا وجب علينا طرح هذا الأمر بالتفصيل وكيف تصدت له الشريعة الإسلامية.
قد يهمك:
حقوق الزوجه ومتى يسقط حقها عند الطلاق؟
اداب التعامل مع الاخرين والمسنين والفقراء وفي المدرسة
الرجال قوامون على النساء أسباب نزول هذه الآية وشروطها
كيف كان النبي صلى الله عليه وسلم يعامل زوجاته؟