قصة الصحابي عبيدة بن الحارث في الإسلام

عبيدة بن الحارث هو أحد أشهر الصحابة رضوان الله عليهم الذين جمعتهم الكثير من المواقف الحسنة مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، كما أن حياته كانت مليئة بالفضائل التي سوف نسلط الضوء عليها خلال هذا المقال، غير أنه من أهم الشخصيات المؤثرة في رحلة النبي صلى الله عليه وسلم في نشر الدين الإسلامي الحنيف وتأدية الرسالة على أكمل وجه، وهو ما نتعرف عليه خلال السطور التالية.
اسم عبيدة بن الحارث ونسبه
اختلف في تحديد اسمه المؤرخون، فقد ورد عن عبيدة بن الحارث سير أعلام النبلاء أنه عبيدة بن الحارث بن المطلب بن مناف بن قصي المطلبي القرشي، ومنهم من أكد على أنه عبيدة بن الحارث بن عبد المطلب، ولد عام 61 قبل الهجرة في مكة المكرمة، وتوفي عام 2 هجرياً عن عمر يناهز 63 عاما، وله كنيتين “أبو الحارث، أبو معاوية”، وزوجته هي أم المؤمنين السيدة زينب بنت خزيمة رضي الله عنها والتي أصبحت من ضمن زوجات النبي بعد وفاة زوجها عبيدة.
أما بالنسبة إلى والدته فهي سخيلة بنت خزاعي بن الحويرث الثقفية، ومن الجدير بالذكر أن عبيدة كان يكبر عن الرسول صلى الله عليه وسلم في السن بعشرة أعوام، وله أخوين وهما الحصين والطفيل، أما عن أبنائه فهم عشرة من أمهات مختلفة وهم خديجة وإبراهيم والحارث ومنقذ وعون ومعاوية ومحمد وريطة وصفية وسخيلة.
ينتمي إلى قبيلة بني هاشم وبالرغم من ذلك آخى الرسول صلى الله عليه وسلم بينه وبين بلال بن رباح الذي كان وقتها عبداً من عبيد أمية بن خلف، إلا أن النبي أراد بذلك أن يقضي على فكرة التفرقة بين الناس على أساس الطبقات ورغبته في تحقيق المساواة بين الجميع بدون تفرقة بين عربي أو أعجمي إلا بالتقوى.
وكان عبيدة يتمتع بمكانة خاصة في قلب الرسول صلى الله عليه وسلم، والدليل على ذلك أنه حينما كان أمير المؤمنين علي بن أبي طالب يقاتل عمرو بن عبد ود العامري يوم الخندق هنالك دعا الرسول وقال “اللهم إنك أخذت مني عبيدة بن الحارث يوم بدر، وحمزة بن عبد المطلب يوم أحد، وهذا علي فلا تدعني فرداً وأنت خير الوارثين”.
قد يهمك: قصة الصحابي الجليل عبد الله بن عمرو بن حرام
إسلام عبيدة بن الحارث
كان الصحابي الجليل عبيدة بن الحارث رضي الله عنه من أوائل الناس الذين اعتنقوا الدين الإسلامي الحنيف قبل أن يدخل الرسول صلى الله عليه وسلم إلى دار الأرقم بن أبي الأرقم، وكان معه الأرقم وأبو سلمة بن عبد الأسد وكذلك عثمان بن مظعون.
عهد عبيدة مع الله ورسوله
اتخذ عبيدة بن الحارث عهداً مع الله ورسوله صلى الله عليه وسلم بالدفاع عن الإسلام ولهذا وَفى بعهده بالشهادة في نهاية المطاف، وقد كشف علي بن أبي طالب عن هذا العهد فقال “لقد كنت عاهدت الله عز وجل ورسوله أنا وعمي حمزة وأخي جعفر وابن عمي عبيدة على أمر وفينا به لله عز وجل ولرسوله صلى الله عليه وآله”.
كما أن ذلك استوجب من تلميذ الإمام الصادق “هشام بن الحكم” أن يجعل اسم عبيدة بن الحارث ضمن أفضل شهداء الإسلام، حيث جعله ضمن أفضل أربعة وهم حمزة بن عبد المطلب وعلي بن أبي طالب وجعفر وعبيدة بن الحارث.
سرية عبيدة بن الحارث
قبل الحديث عن سرية عبيدة علينا أن نفهم أولا ما هو معنى سرية في المعاجم، فهي عبارة عن قطعة من الجيش تبدأ من 5 رجال وتصل إلى 300 أو 400 رجل في بعض الأحيان وفيها يتقدم القائد لمواجهة العدو.
وأول سرية من سرايا المسلمين كانت من نصيب حمزة بن عبد المطلب رضي الله عنه وكان يطلق عليها “سرية سيف البحر”، وقد عقد حمزة أول لواء في الإسلام مع الرسول صلى الله عليه وسلم وكان مسؤولاً عن حمل هذا اللواء أبو مرثد الغنوي.
أما بالنسبة إلى اللواء الثاني فقد كان مع عبيدة بن الحارث بن المطلب سنة 1 هجرياً في شهر شوال، أثناء بعثته نحو بطن رابغ، وكان لون هذا اللواء أبيض وحمله له مسطح بن أثاثة، وهذه السرية شملت 60 رجلاً من المهاجرين والذين خاضوا المعركة في “ثنية المرة” مقابل 200 رجل من قريش وتقدمهم أبو سفيان بن حرب، وخلال هذه السرية تلقى سعد بن أبي وقاص أول سهم في الإسلام.
وانضم كل من عتبة بن غزوان المازني وعمرو البهراني من جيش مكة إلى جيش المسلمين، وبالرغم من كل هذه الأحداث إلا أنها كانت عبارة عن مناوشات ولم يحقق أي من الطرفان أي انتصار يذكر، وعاد المشركون إلى مكة وكذلك المسلمون إلى المدينة، لكنها على الصعيد المعنوي حققت انتصارات كبيرة لأنها رفعت من الروح المعنوية للمسلمين وقضت على معنويات الكفار المشركين.
قد يهمك: قصة حياة الصحابي الحارث بن أوس بن معاذ
وفاة عبيدة بن الحارث
توفي عبيدة في غزوة بدر، والتي شارك فيها وهو أكبر المشاركين فيها سناً، وحدث وقتها أن تبارز كل من الوليد وشيبة وعتبة مع الحمزة وعلي وعبيدة، فتمكن الحمزة من قتل عتبة وكذلك علي من قتل الوليد، بينما تمكن شيبة من قطع ساق عبيدة ومات على إثرها بسبب كثرة النزيف بمجرد أن وصل إلى منطقة الصفراء بالقرب من آبار بدر، وحمله إلى الرسول علي والحمزة فما كان له إلا أن مسح على رأسه ووضعها على ركبته وأزال ما عليها من تراب.
وحينما أحس عبيدة أنه سيفارق الحياة الآن نظر إلى النبي صلوات الله وسلامه عليه وهو مبتسم حتى في ظل تلك الجراح التي تغمر جسده وقال له “ألست شهيداً يا رسول الله؟، فقال له الرسول “بلى والله، وأنا الشاهد عليك، أنت أول شهيد من أهل بيتي”، ثم بكى النبي وعندما رآه عبيدة قال قبل أن يلفظ أنفاسه الأخيرة:
ستبلغُ عنّا أهـل مكّة وقعة *** يهبُّ لها من كان عـن ذاكَ نائيا
بعتبة إذ ولّى وشيبة بعده *** وما كان فيها بكر عـتـبة راضيا
فإن تقطّعوا رجلي فإنّي مسلمٌ *** أرجي بها عيشاً مـن اللهِ دانيا
مع الحورِ أمثالَ التماثيلِ أخلصت *** مع الجنّة العليا لمن كان عاليا
وبعتُ بها عيشاً تعرقت صفوه *** وعالجته حتّى فـقدت الأدانيا
وأكرمني الرحمن مــن فضل منةٍ *** بثوبٍ من الإسلامِ غطّى المساويا
وقد روي عن الرسول صلى الله عليه وسلم أنه حينما نزل مع الصحابة إلى المقبرة التي دفن فيها عبيدة قالوا له “إنا نجد ريح مسك يا رسول الله”، حينها قال لهم “ما يمنعكم، وها هنا قبر أبي معاوية” وهي كنية عبيدة بن الحارث رضي الله عنه.
قد يهمك: من هو الصحابي الذي اشتهر بحُسن صوته بالقرآن الكريم؟
عبيدة في القرآن
خلَّد الله سبحانه وتعالى اسم عبيدة بتوثيق أكثر من موقف له في القرآن الكريم تشريفاً له ولمجهوداته العظيمة في نصرة الدين الإسلامي الحنيف، ولهذا فإنه حينما دخل إلى عداد الشهداء نزلت فيه الآية الكريمة في سورة البقرة “وَلَا تَقُولُوا لِمَن يُقْتَلُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتٌ ۚ بَلْ أَحْيَاءٌ وَلَٰكِن لَّا تَشْعُرُونَ”.
كذلك يؤكد الإمام محمد الباقر عليه السلام أن المقصود من الآية الكريمة “وَبَشِّرِ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ” هم عبيدة وعلي وحمزة رضي الله عنهم جميعاً، وقد أكد كلامه أبو ذر الغفاري وأنها نزلت فيمن شاركوا في غزوة بدر.
أسئلة شائعة
من أهم الأسئلة التي أوردت عن عبيدة بن الحارث ما يلي:
من هو عبيدة بن الحارث رضي الله عنه؟
هو أحد الصحابة رضوان الله عليهم نال الشهادة في غزوة بدر على يد شيبة بن ربيعة، واحتل مكانة خاصة عند الرسول صلى الله عليه وسلم حيث بكى عليه بعد وفاته.
من هو الصحابي الذي يفوح المسك من قبره؟
إنه عبيدة وهو ما أكده صحابة الرسول صلى الله عليه وسلم حينما زاروه في قبره الموجود بالقرب من آبار بدر.
من أول من استشهد من المسلمين في غزوة بدر؟
إن أول من استشهد من المسلمين في غزوة بدر هو عبيدة حيث قطعت رجله ونزف كثيراً ومات بعدها بعد أن تأكد من النبي صلى الله عليه وسلم أنه من الشهداء.
ما هو معنى اسم عبيدة؟
هو اسم عربي وهو علم مذكر وتصغير لكلمة عبدة أو عُبيد ومعناه مدق طيب أو الناقة الشديدة.
والآن نكون قد انتهينا من الحديث عن الصحابي عبيدة بن الحارث الذي أمتعتنا سيرته إلى أبعد الحدود خاصةً بعد أن تعرفنا على أكثر من جانب من جوانب حياته ومسيرته مع الرسول صلى الله عليه وسلم في نشر الإسلام ودوره البارز في ذلك والذي انتهى بحصوله على مرتبة الشهداء.
قد يهمك:
من هو الصحابي الذي اهتز عرش الرحمن لموته؟
الصحابي عبد الله بن الزبير .. مسيرة حياته ودوره فى الحروب
زيد بن حارثة مولى النبي .. الصحابي الوحيد الذي ذكر اسمه في القرآن
من هو أبو سلمة بن عبد الأسد؟ | الغزوات التي شارك فيها