تعرف على الصحابي عبادة بن الصامت الذي خاف منه ملك الروم
عبادة بن الصامت صحابي جليل مخضرم جمع في حياته بين العصر الجاهلي والعهد الإسلامي فكان خير من شارك النبي ،في الغزوات والأحداث التاريخية في العهد الإسلامي وشارك في جمع القرآن الكريم، وكان له مكانة مهيبة وعظيمة في فتح مصر والكثير من الفتوحات الإسلامية بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم ،إلى أن توفي ودفن في فلسطين بعد حياة زخرت بالإنجازات ونصرة الله تعالى ودينه.
من هو عبادة بن الصامت
ان الصحابى عبادة هو من أوائل جماعة الأنصار الذين أسلموا لله تعالى رب العاملين وآمنوا برسالة سيد الخلق محمد صلى الله عليه وسلم واسمه بالكامل عبادة بن الصامت بن قيس بن أصرم من بني سالم بن عوف من الخزرج.
شهدت المدينة المنورة ميلاده قبل 38 عام من الهجرة النبوية المشرفة فقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يكبر عن عبادة بن الصامت 15 عام وفي حين اعتبار عبادة ضمن المسلمين الأوائل من الأنصار إلا أنهولم يدخل في الإسلام وظل مشركًا إلى أن توفي، لكن الله تعالى من على عبادة بن الصامت بهداية أمه للإسلام وكانت تدعى قرة العين بنت عبادة بن نضلة بن مالك بن الخزرج.
أعلن عبادة بن الصامت إسلامه في العام العاشر من بعثة النبي صلى الله عليه وسلم وكان ذلك قبل 3 أعوام من هجرة النبي والمسلمين من مكة إلى المدينة، وقد أظهر حبًا شديدًا للنبي صلى الله عليه وسلم وتعلق به تعلقًا فوق الخيال، حتى أنه حضر كافة الأحداث التي عاصرها بعد إعلان إسلامه فقد غزا مع النبي في كافة الغزوات وسار معه صلى الله عليه وسلم إلى كل مكان، كما شرف بأن نقل 181 جديثًا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.
شارك عبادة في جمع القرآن الكريم وشارك في تعليمه إلى من يدخل حديثًا في الإسلام وسافر إلى أكثر من مدينة ضمن البعثات التي كان يرسلها رسول الله صلى الله عليه وسلم لتعليم الناس تعاليم الدين الإسلامي.
حديث عبادة بن الصامت
عن عبادة بن الصامت رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:” من شهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، وأن محمداً عبده ورسوله ، وأن عيسى عبد الله ورسوله وكلمته ألقاها إلى مريم وروح منه ، والجنة حق والنار حق أدخله الله الجنة على ما كان من العمل” قم عبادة بن الصامت برواية هذا الحديث الشريف عن فضل عقيدة التوحيد.
ومن أبرز المفردات اللغوية بالحديث الشريف:
“شهد أن لا إله إلا الله” تعني لغويًا النطق باللسان بالشهادة والإيمان بها بالقلب.
وحده، تعني فردًا أو واحدًا.
عيسى، والمقصود به نبينا عيسى بن مريم عليهما السلام.
كلمته، تعني خلقه حيث سمى عيسى بكلمة لكونه خلق من كلمة كن.
روح منه، تعني أن عيسى عليه السلام هو روح من ضمن الارواح التي أوجدها الله تعالى وخلقها.
الجنة والنار حق، تعني حقيقة تواجد الجنة والنار وثبات هذه الحقيقة دون شك فيها.
أما عن معنى الحديث الشريف في مجمله فقد جاء عن عبادة بن الصامت قول النبي صلى الله عليه وسلم أن هناك خمس معتقدات من آمن بها ظاهرًا وباطنًا كان له الجنة وهذه
ا لأمور الخمسة
- أولًا: التوحيد بالله وحده لا شريك به والاعتراف بوحدانية الله تعالى والتجرد من عبادة أي من خلقه وتوجيه العبادة لله لا شريك له ويتضمن ذلك الامتثال لأوامر الله واجتناب نواهيه.
- ثانيًا: الاعتقاد الجازم بأن محمد هو نبي الله ورسوله والنطق بشهادة أن محمد رسول الله موصوله بأن لا إله إلا الله والإيمان بأن الله تعالى قد اصطفى نبيه محمد وأرسله هاديًا ومبشرًا ونذيرًا للجن والإنس بعمومية الرسالة وشموليتها، والتي لم تكن موجهة لقوم بعينهم، والإيمان بأن محمد صلى الله عليه وسلم هو خاتم الأنبياء والمرسلين ومن أبرز ملامح الإيمان به الامتثال لما أمر به والانتهاء عما نهى عنه.
- ثالثًا: الاعتقاد بكون عيسى عليه السلام هو عبد من عباد الله ونبي أرسله الله برسالة فعيسى ليس بسفاح كما يقول اليهود، وعيسى ليس هو الله ولا هو ابن الله ولا هو ثالث ثلاثة كما يقول النصارى، بل عيسى نبي أرسله الله تبارك وتعالى برسالة إلى بني إسرائيل لدعوتهم إلى التوحيد بالله وحده لا شريك له، الإيمان بأن عيسى عليه السلام خلق من كلمة كن أي أنه روح خلقها الله كما خلق أرواح العباد فهو عبد من عباد الله خلق من تراب كما خلق الله آدم عليه السلام من قبله.
- رابعًا: الإيمان بأن الجنة حق فقد أعدها الله تعالى للطائعين فهي حقيقة راسخة لا خلاف عليها فهي المثوى الأخير للتابعين والرسل والصالحين من عباد الله.
- خامسًا: النار حق فكما خلق الله تعالى الجنة للطائعين خلق أيضًا النار وتوعد بها كل من كفر به و تمادى في الذنوب والمعاصى فتكون النار مثواه الأخير خالدًا فيها.
نشأة عبادة بن الصامت
ولد الصحابى في بنو غنم بن سالم بن عوف بن عمرو بن عوف بن الخزرج وأطلق عليهم القواقلة وكنية عبادة بن الصامت أبا الوليد الأنصاري.ولد عبادة لأمه قرة العين بنت عبادة بن نضلة الخزرجيةوكانت من بنات أعمام عبادة ولم يكن هناك من الصحابيات من حملت هذا الاسم غيرهاولد عبادة بن الصامت في المدينة في عام 38 قبل الهجرة االموافق عام 586 ميلاديًا وكان من الصحابة المخضرمين حيث عاش في فترة الجاهلية وأكمل عمره في الإسلام.
زواج عبادة بن الصامت
تزوج عبادة من أم حرام بنت ملحان وكانت خالة خادمه أنس بن مالك وتعد من صحابيات الأنصار من أهل قباء واستشهدت أم حرام زوجة عبادة رضي الله عنه في غزو البحر.
شاركهو زوجته وأولاده في نصرة الإسلام ومساندة رسول الله صلى الله عليه وسلم.
من أبنائه الوليد وعبد الله وداود حيث ولد ابنه الأكبر الوليد في أواخر عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم ووافته المنية في فترة خلافة عبد الملك بن مروان في الشام.
تميز عبادة منذ الصغر بالذكاء والدهاء وكان يتمتع ببنية جسمانية قوية وتميز بحسن الخلق وقد كان ممن ألحق بهم الكثير من أعمال الحرب في غزوات النبي صلى الله عليه وسلم.
شهد عبادة بن الصامت بيعة العقبة الأولى كما كان أحد نقباء الأنصار ممن بايعوا النبي صلى الله عليه وسلم في بيعة العقبة الثانية بمكة وكان النبي يشهد عبادة رضي الله عنه في الكثير من المصادقات.
حفظ عبادة القرآن الكريم وقام بتعليمه وبعد أن توفي النبي صلى الله عليه وسلم انتقل إلى الشام وكان ممن شاركوا في جمع القرآن الكريم ومعه معاذ بن جبل وأبي أيوب وأبو الدرداء وكان عبادة ممن ذهبوا حاملين القرآن الكريم وتعليمه للناس في الشام فسكن في بيت المقدس.
عبادة بن الصامت والمقوقس
حينما شرع عمرو بن العاص في فتح مصر ودخولها كان وقتها حكم مصر في يد الملك المقوقس، حيث أرسل رسله إلى عمرو بن العاص ناهيا إياه من دخول مصر، فما من عمرو بن العاص إلا أن قام بحبس رسل المقوقس يومين وليلتين حتى أن المقوقس قد خاف على رسله وتسائل عما إذا كان من الممكن أن يقتلوا أم لا.
فك عمرو بن العاص أسر الرسل وأرسلهم إلى المقوقس حاكم مصر واشترط عليه الدخول في الإسلام أو الالتزام بدفع الجزية إما القتال، وحينما سأل المقوقس رسله عما وجدوه في هؤلاء القوم، فردوا عليه أنهم رأوا منهم كل تواضع وحب للموت عن الحياة فلا يرغبون من الدنيا نهم فطالب المقوقس بإرسال رسول من عمرو بن العاص للتفاوض.
فصاحه عبادة
أرسل عمرو بن العاص عددًا من الأفراد كان منهم الصحابي فكان متكلم البعثة وحينما رآه المقوقس فهابه وقال نحو هذا الأسود وقدموا غيره ليحدثني فاستقر الأمر على أن عبادة هو من سيتحدث فهو الأفضل رأيًا والأعلى علمًا، وكان اعتراض المقوقس على سواد وجه عبادة فأجابه فريق البعثة إن الدين لا يفرق بين الناس باللون.
فأذن المقوقس لعبادة بالكلام وطلب منه الحديث برفق فقد رهب من سواد وجه وزادت رهبته من شدة حديث عبادة بن الصامت، فقال عبادة أن هناك ألف صحابي يريدون الجهاد في سبيل الله ومثلهم مثل سواد وقوة عبادة، فقال المقوقس لقد هبت منظر عبادة وهبت قوله أكثر وقال عنه وأصحابه “أن هذا وأصحابه أخرجهم الله لخراب الأرض وما أظن ملكهم إلا سيغلب على الأرض كلها”.
عرض المقوقس على عبادة وأصحابه أن ينصرفوا ولكل رجل فيهم دينارين ومائة دينار لقائدهم وألف دينار خليفتهم محذرًا عبادة من هجمة للروم لن يستطيعوا ردها، فأجابه عبادة رضي الله عنه أنهم مستعدون للقتال والتضحية بالنفس والمال ابتغاء لوجه الله ونيل جنته ولا كلام بعد ما قيل من شروط عمرو بن العاص.
فرفض المقوقس الشروط الثلاث ووقع القتال والحصار إلى أن تم الاتفاق على دفع الجزية وبدأ العهد الإسلامي في مصر.
صفات الصحابي أ بن الصامت
من أهم ما ميز عبادة بن الصامت صفاته الجسمانية والشخصية فأما صفاته الجسمانية فقد كان يتمتع بالشكل العربي الأصيل من حيث قوة البنية وضخامة الجسم فكان أسمر اللون جميل الهيئة وطويل الجسم.
قال عنه سعيد بن غفير أنه كان عشرة أشبار أي أكثر من 200 سم وكان لديه من القوة الجسمانية ما مكنه من خوض الحروب ببسالة وتحمل أعباء القيادة فما شبه بالقائد الإسرائيلي طالوت الذي أرسله رب العالمين ملكًا على بني إسرائيل.
وكان من أهم مزايا ه الشكلية أنه كان مهندم في لباسه فقد وصف بجمال الهيئة والملبس وحسن المظهر فوصف بالجمال والحسن والاهتمام باللباس.
أما عن صفاته الشخصية فقد وصفه عمر بن الخطاب رضي الله عنه قائلًا:”رجل يعد في الرجال بألف رجل” فقد قيل هذا الوصف بعد أن أرسل به عمر بن الخطاب ليكون مدد يساند عمرو بن العاص في فتح مصر.
فقد كان رجلًا محنك عاصر الجاهلية والإسلام فقد كان ذكي فطن فكان أحد رجال البيعة الأولى كما ناصر النبي وبذل في سبيل ذلك كل غالي ونفيس فلم يبخل على نصرة الإسلام بمال أو مجهود.
عبادة بن الصامت عند الشيعة
هز أبو الوليد عبادة بن الصامت بن قيس الخزرجي الأنصاري الذي بايع رسول الله صلى الله عليه وسلم في بيعة العقبة الأولى وكان أحد نقباء بيعة العقبة الثانية ممن اختارهم النبي بإشارة من جبرائيل عليه السلام ليكونوا نقباء لأمته ويقول الشيعه أنه كان بمثابة نقيب كما عدة نقباء موسى عليه السلام.
شارك الصحابى الجليل في كل غزوات النبي صلى الله عليه وسلم بداية من بدر ومرورًا وأحد والخندق وغيرها من الغزوات كما استكمل الفتوحات الإسلامية بعد وفاة النبي الكريم.
يرى الشيعة أن عبادة بن الصامت الأنصاري كان من السابقين الأولين ممن رجعوا إلى الإمام علي حيث وصف من الإمام الرضا في قوله عن عبادة:” الذين مضوا على منهاج نبيّهم (صلى الله عليه وآله)، ولم يغيّروا، ولم يبدّلوا مثل:… عبادة بن الصامت… وأمثالهم رضي الله عنهم، ورحمة الله عليهم”.
قال السيد بحر العلوم عنه من أكابر الصحابة، وعظماء الأنصار، ومن النقباء الاثني عشر، شهد العقبات الثلاث وبدراً وما بعدها من مشاهد رسول الله”.
كما كان عبادة بن الصامت من رواة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم وذلك في القرن الأول هجريًا.
قبر ه رضى الله عنه
توفي عبادة بن الصامت رضي الله عنه في السنة الرابعة والثلاثين من الهجرة وكان عمره وقت وفاته 72 عام حيث دفن في قبره بالقدس الشريف بفلسطين في بقيع الرحمة وهو بجوار الباب الذهبي.
ويذكر أن عبادة رضي الله عنه حين حضره الموت طلب إخراجه إلى صحن البيت وطالب بجمع مواليه وخدمه وجيرانه وكل من دخل عليه وقال لهم جميعًا أن هذا اليوم هو آخر أيامه في الدنيا وأول لياليه في الآخرة وطلب منهم السماح أن كان قد خرج منه قولًا أو فعلًا يقتصوا منه يوم القيامة وردوا عليه بأنه كان مؤدبًا فرد اللهم فاشهد.
كما أوصى ذويه وأحبائه أن كان قد فارق الحياة فليتوضأ وأحسنوا الوضوء ويدخلوا المسجد ليصلوا ويستغفروا له ولأنفسهم على أن يسرعوا في دفنه دون أن يتبع جنازته نارًا ولا توضع تحته الأرجوانا.
ذرية الصحابى
شملت ذرية الصحابي عبادة بن الصامت بنوه وهم الوليد ، وعبد الله، وداود وآخرون من أبنائه.
كان الوليد أكبر أبناء عبادة بن الصامت وولد في أواخر عهد النبي صلى الله عليه وسلم وكانت وفاته في عهد الخليفة عبد الملك بن مروان في الشام.
وعبادة له حفيدين من ابنه الوليد وهما يحيى وعبادة.
بماذا سمّى الصحابى ابى الوليد بيعة العقبة الثانية
كان عبادة بن الصامت ممن لقبوا بلقب السابقون من الأنصار حيث أعلن إسلامه وآمن برسالة النبي صلى الله عليه وسلم قبل أن يكون للإسلام قوة كما كان من أصحاب البيعة الأولى ضمن 12 رجل بايعوا النبي.
شارك عبادة بن الصامت ضمن أصحاب البيعة الثانية وكان عددهم 73 رجلًا وامرأتين حيث كان من أوائل من أعلنوا دخولهم إلى الإسلام.
فقد أسلم عبادة بن الصامت في أول دعوة النبي عليه الصلاة والسلام للأنصار فكان ضمن جمع يضم معاذ بن عبد قيس وأبو عبد الرحمن ويزيد بن ثعلبة وأسعد بن زرارة ورافع بن مالك وعويمر بن ساعدة وعدد آخر من الأوس و الخزرج فأسلموا حينما عرض عليهم النبي دعوته للإسلام.
سميت بيعة العقبة الثانية بهذا الاسم حيث كانت المبايعة لرسول الله من قبول وفدي الأوس والخزرج في منطقة العقبة وسبقت بيعة العقبة الثانية بيعة العقبة الأولى.
شجاعة عبادة بن الصامت
كان عبادة بن الصامت يمتاز بشجاعته وبسالته التي جعلته واحدًا ممن شاركوا مع النبي في كافة الغزوات و أبلوا بلاءً حسنا فقد دخل الإسلام راغبًا لا راهبًا وضحى بنفسه وماله من أجل نصرة النبي والإسلام.
كانت بطولة عبادة وشجاعته متجلية في الكثير من المواقف التي زينت حياته وعطرت سيرته فقد كان ضمن 4000 رجل بعثوا كمدد لعمرو بن العاص لفتح مصر وقيل عنه أنه بألف رجل.
ومن ضمن المواقف الشجاعة لعبادة بن الصامت موقفه مع معاوية حينما أنكر على معاوية شيء ما وقال لا أساكنك بأرض ورحل عبادة إلى المدينة فسأله عمر بن الخطاب عن سبب مجيئه فأخبره بموقفه مع معاوية.
فأمره بالعودة وأكد له بأن لا إمارة لمعاويه عليه فقد كان لا يخاف في الله لومة لائم ولا يسكت عن الباطل.
عبادة بن الصامت هو أحد سادات الصحابة ممن كان له فضل كبير في انتشار الإسلام حيث شارك النبي في غزواته ضد اليهود وكان له باع طويل في الفتوحات الإسلامية ومنها فتح مصر.