عام الحزن ما هو ولماذا سمي بهذا الاسم؟

عام الحزن هو من أشد الأوقات التي مرت على نبينا الكريم، وذلك لتعرضه لعدة مواقف كل منها أشد من الآخر، وكان عليه الصلاة والسلام صابرًا كعادته على أمر الله، ولكن القلب كان لابد وأن يُصيبه الحزن مع كل هذه الأحداث، فلما أراد المولى أن يُدخل على قلبه السرور أسرى به من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى حتى سدرة المنتهى، فما هي يا تُرى أحداث عام الحزن التي أوجعت قلب الحبيب، ومتى كان؟ وكيف استطاع تخطيها؟ كل هذا سنحاول تغطيته خلال مقالنا هذا.
عام الحزن
في البداية يجب معرفة لماذا سمي عام الحزن بهذ الحزن؟ سبب تسميته بهذا الاسم ما واجهه النبي فيه من أمور كدرت قلبه وأصابته بالشجن.
كان توقيته في العام العاشر من البعثة المُشرفة، كانت البداية بموت الحبيبة والخليلة التي ملأت قلبها بالحب والعطاء له، صاحبة الحكمة والعقل الراجح، والطهارة والشرف والنسب والخلق عزيزة قومها، السيدة خديجة بنت خويلد أولى زوجات النبي والتي حظيت بمكانة خاصة عنده وعند الله عز وجل لما بذلته من عطاء له وللدعوة الإسلامية.
فكانت أول من آمن به من النساء وأيدته ووقفت بجانبه بقلبها ومالها، وكانت خير السند له، فقال في حقها ما ورد في حديث السيدة عائشة
من حديث عائشة رضي الله عنها، قالت: استأذنت هالة بنت خويلد أخت خديجة، على رسول الله، فعرف استئذان خديجة فارتاع لذلك فقال: “اللهم هالة!” فغرت فقلت: “ما تذكر من عجوز من عجائز قريش، حمراء الشدقين، هلكت في الدهر أبدلك الله خيرا منها؟” فتغير وجهه عليه الصلاة والسلام وزجر عائشة غاضبا: “والله ما أبدلني الله خيرا منها، آمنت بي حين كفر الناس، وصدقتني إذ كذبني الناس، وواستني بما لها إذ حرمني الناس، ورزقني منها الله الولد دون غيرها من النساء”.
فبعد موتها بعد الخروج من حصار شعب أبي طالب بعدة شهور، تمكن الحزن من قلبه لفراقها.
وكانت الصدمة الثانية له، وهي وفاة أبو طالب عم النبي، وقد كان يحبه حُبًا شديدًا، وكان من يحميه من بطش قُريش وخير ظهير له من أذاهم، حتى أنه بعد موته قابله أحد سفهائهم وألقاه بالتراب حتى أصاب وجهه ورأسه الشريف، وما زاد من حزنه موته وهو كافر، فلا يوجد دليل على إسلام أبو طالب عند أهل السنة.
قد يهمك: الطعام الذي كان يفضله النبي وماذا كان يتناول النبي على الريق وفي السحور؟
ماذا فعل الرسول في عام الحزن؟
وهنا يظهر التساؤل تُرى ماذا كان رد فعل الحبيب بعد كل هذا الحجم من المآسي، كيف تَصرف؟ وكيف سارت حياته بعد فقده لحبيبيه؟
ازداد أذى قريش له بعد أن خلت الساحة من نصيره أبو طالب، حتى أن أبا لهب أخذ يقذفه بالحجارة ويردد أنه حاشاه صابئ مجنون.
فالتزم بيته لفترة من كثرة شجنه وللبعد عن أذى الكفار، وبعد استمرار الضرر الواقع عليه منهم جاءته فكرة ألا وهي الخروج للطائف ودعوتهم إلى الإسلام واللجوء إليهم.
لكنه قابل رد فعل مفاجئ له من سادتهم حيث وجدهم يرفضون بشدة وغلظة وقسوة دعوته الكريمة، ويطلبون منه الرجوع إلى قومه، بل وأن أمروا سفائهم وعبيدهم بملاحقته ومطاردته، وقاموا بإلقائه بالحجارة هو وزيد الذي اصطحبه معه في هذه الرحلة.
ففروا منهم حتى أصابه التعب فجلس يُناجي ربه مما رأى، ودعا ربه وذكر نفسه بأنه ضعيف وقليل الحيلة، فآتاه سيدنا جبريل ليُخبره أن الله أرسل معه ملك الجبال إن شاء أن يُطبق على أهل الطائف الأخشبين، لكنه رفض ذلك بشدة بسماحته المعهودة.
وأثناء جلوسه ليأخذ قسطه من الراحة، أرسل إليه أصحاب البستان الذي جلس يستريح فيه فتى يُدعى عُداس ببعض من العنب، فلما عرف أنه نبي انحنى ليقبل قدميه الشريفتين ويديه.
ذهب بعدها إلى أصحاب البستان الذي استراح فيه النبي، والذين يعمل لديهم ثم قال لهم هذا الرجل خير مما في الأرض، وأسلم الفتى بعدها.

عام الحزن والاسراء والمعراج
الكثير لا يعرف هذه المعلومة أن من أهم أسباب الإسراء بالنبي ومعراجه هو ما حدث له في عام الحزن، فأراد المولى أن يواسيه في فقده لحبيبيه ولما حدث له من مُجريات مؤسفة من سفهاء الطائف.
فأراد أن يُعرفه قدره الذي لا يعرفه أهل الأرض أجمعين، فأذن له بهذه الرحلة العظيمة التي أراه فيها ما لم يراه أحد قبله، فرأى الجنة والنار والسماوات السبع وصلى بالأنبياء إمامًا، حتى وصل إلى سدرة المنتهى إلى مكان لم يستطع سيدنا جبريل نفسه التقدم إليها، وقال له أنا إن تقدمت لاحترقت وأنت إن تقدمت لاحترقت.
وفيها تم فرض الصلاة وبرجاء من النبي تم تخفيفها حتى الشكل الذي يقوم به المسلمون الآن.
فكانت البُغية الأساسية من هذه الرحلة العظيمة الترويح عن النبي، ودعمه حتى يستطيع إكمال رسالته في الدعوة إلى الدين ومواجهة كل التحديات من حوله التي تُحاول أن تعيقه لاستكمال هذه المهمة الجليلة، وعلى وجه الخصوص أنه كان على وشك الدخول على مرحلة جديدة وهي الهجرة وما يحيطها من مصاعب.
قال الله تعالى عن هذا الشأن (سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَىٰ بِعَبْدِهِ لَيْلا مِّنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِير).
قد يهمك: بماذا وصف النبي عثمان بن عفان
عام الحزن ابن باز
لم يزد ابن باز في حديثه شيئًا عن عام الحزن، ولكن كان له رد على جزئية مُحددة تم ذكرها من البعض، وهذه المعلومة تخص ما فعله النبي بعد موت أم المؤمنين خديجة.
ذكر البعض أنه بعد انتقالها إلى جوار ربها، قام بذبح شاة وأقام فراش لاستقبال الناس للعزاء فيها، فذكر ابن باز أن هذا الكلام غير صحيح بالمرة، ولم يحدث من رسول الله أن أقام عزاء لها أو ذبح شاة لهذه المُناسبة، ولكن ما ثبت عنه أنه كان يدعو لها باستمرار، ويذبح شاة أو أكثر كل فترة ويقوم بتوزيعها لأصحابها وأقاربها كهدايا.

الأسئلة الشائعة
هناك الكثير من الأسئلة التي انتشرت بخصوص موضوع عام الحزن مثل:-
ما هو العام الذي سمي بعام الحزن؟
هو العام العاشر من البعثة، قبل الهجرة بثلاث أعوام، سُمي بذلك لموت السيدة خديجة وأبو طالب عم النبي خلاله.
ماذا قال الرسول في عام الحزن؟
بكى على السيدة خديجة وكذلك على عمه ودعا له وطلب من سيدنا علي أن يُغسله ويُكفنه.
من الذي سمى العام العاشر عام الحزن؟
النبي عليه الصلاة والسلام
عام الحزن حصل فيه ما ملأ قلب النبي بالشجن، وما أحزن نبينا يُحزننا جميعًا، لذا وجب على كل مسلم أن يعرف ما كان يحتويه وماذا جرى فيه، وكيف واجهها النبي وطريقة مواساة الله عز وجل له، وما علاقة حادث الإسراء والمعراج بذلك، نتمنى من الله أن نكون قمنا بتغطية هذه الأجزاء خلال هذا المقال.
قد يهمك:
زوجات الرسول بالترتيب وأعمارهم
كيف كان النبي صلى الله عليه وسلم يعامل زوجاته؟
حادثة الافك ما علاقتها بالسيدة عائشة؟ وكم استمرت؟