صحة حديث إذا أحب الله عبداً كشف له حقيقة الناس من حوله

صحة حديث إذا أحب الله عبداً كشف له حقيقة الناس من حوله، نظراً لانتشاره بين الناس وكثرة الأقاويل أنه ورد عن رسول الله، أصبح تساؤل يدور بين الكثيرين هل هو حديث ثَبُت عن النبي، أم قول مأثور أو هو من الأمثلة الدارجة بين العامة.
صحة حديث إذا أحب الله عبداً كشف له حقيقة الناس من حوله
عند البحث عن مدى صحة حديث إذا أحب الله عبداً كشف له حقيقة الناس من حوله، نجد أنه من الأقوال المأثورة، وأنه لم يرد تماما عن النبي، ولم يرتق لدرجة حديث ضعيف أو غير صحيح.
المقصود هنا من هذه المقولة، أن العبد القريب من الله، الكثير الذكر والصلاة، يمنحه الله قدر كبير من الشفافية والبصيرة، مما يجعله يرى حقيقة الخلق كما هم، وليس كما يَدَعون.
فبعض الناس يَدَعي المحبة والفضيلة لمن حوله وهو من داخله يكن له العداوة كما قال المولى جل وعلى” وَمِنَ ٱلنَّاسِ مَن يُعْجِبُكَ قَوْلُهُۥ فِى ٱلْحَيَوٰةِ ٱلدُّنْيَا وَيُشْهِدُ ٱللَّهَ عَلَىٰ مَا فِى قَلْبِهِۦ وَهُوَ أَلَدُّ ٱلْخِصَامِ”.
فكلما ازداد الإنسان قُرباً من الله عن طريق النوافل والعبادات وصفاء القلب لله سبحانه، كلما باعد الله بينه وبين كل خبيث من البشر أو ممن سواهم، ووجهه الله لما يكشف له حقيقة من هو مخدوع فيهم، ويظن فيهم الخير، وهم يحملون له كرها لا ينتهي، بل ويكيدون له المكائد والخطط حتى يقع في مشاكل في أسرته أو عمله.
ولا يعلمون أن الله مُطلِع لكيدهم، وأنه تعهد سبحانه بحفظ عباده المؤمنين، لذا يُسبب الأسباب لكي يكشفهم ويكشف كيدهم أمام عباده المؤمنين كما قال سبحانه وتعالى”وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللَّهُ وَاللَّهُ خَيْرُ الْماكِرِينَ”.
قد يهمك :- ناقصات عقل ودين ومعناها الحقيقي
الأحاديث الشريفة التي وردت في بصيرة المؤمن
تحدث النبي عن قدرة المؤمن بنور الله أن يكتشف حقيقة من حوله، فقال عليه الصلاة والسلام”
اتقوا فراسة المؤمن فإنّه ينظر بنور الله” ثم قرأ ( إِنَّ فِي ذَلكَ لآيَاتٍ للمُتُوسِّمِين) (سورة الحجر : 75)
وفي حديث آخر روى الترمذي الحكيم عن أنس قال: قال رسول الله، صلى الله عليه وسلم،:”إن لله عزّ وجلّ عبادًا يعرِفون الناس بالتوسُّم”، وصف رسول الله في هذا الحديث حال عباد الله، أصحاب القلوب المتعلقة بالله.
فمن الصعب خداعهم من شرار خلقه، وذلك لأنهم يملكون نور في قلوبهم يُنير لهم ظلمات الدنيا، فكما وصفهم أهل الصوفية بأنهم يمتلكون عين ثالثة، يكشف بها الله لهم كل سوء فيمن حولهم.
وفي حديث آخر لرسول الله، نجده قائلا ً عليه الصلاة والسلام”لولا أن الشياطينَ يحومون على قلوب بني آدم لنظروا إلى ملكوتِ السموات”.
فهو عليه الصلاة والسلام في هذا الحديث، يتحدث عن حال الإنسان الذي ملأ حب الدنيا قلبه، وانشغل في حب الدنيا عن ذكر الله، فلولا تمكن الشيطان من هذه القلوب لاستطاعت أن ترى الكثير، فالذنوب عندما تملأ القلب فإنها تُضعف بصيرة العبد.

مواقف لصالحين من أصحاب الكشف والبصيرة
توجد الكثير من المواقف في حياة الأنبياء والصالحين، تدل على مدى كشف الله لبصيرة هؤلاء، هذه المواقف منها المواقف الآتية:
موقف اختيار سيدنا شعيب لسيدنا موسى حتى يملأ الماء لابنتيه، فاختياره له بوجه خاص يدل مدى بصيرته لأمانة سيدنا موسى ونزاهته.
الموقف الشهير لسيدنا النبي، في حادث الإسراء والمعراج، عندما أراد الكافرون أن يشككوا في رواية النبي بذهابه إلى المسجد الأقصى، وكان بعضهم يعرفونه نظراً لذهابهم هناك خلال رحلاتهم التجارية.
ونظراً لأن وقت الاسراء كان ليلاً، فلم يستطيع النبي تحديد أوصاف المسجد بشكل دقيق، لكن الله أراد أن يُتم نور نبيه ومعجزاته بكشف بصيرته، فنظر أمامه فوجد سيدنا جبريل رضي الله عنه، أمامه لا يراه إلا هو يحمل نموذج مُصغر، للمسجد الأقصى، فاستطاع عليه الصلاة والسلام أن يقوم بوصفه بكل دقة مما أذهل عقول الكافرين يومها.
المواقف الثلاث لسيدنا الخضر مع سيدنا موسى والتي وردت في القران الكريم، فموقف السفينة الأول عندما خرقها سيدنا الخضر، حتى لا يأخذها الملك الظالم، والموقف الثاني عندما قتل الغلام وكان سيصبح شقياً يشقى به والداه، والموقف الثالث موقف الجدار الذي أقامه بعد ميله لأن ينقض، لانه كان تحته كنز سيجده فيما بعد غلامان كان أبوهما صالحا ً، من أخبره بكل ذلك، هو إلهام الله العليم الخبير الذي جعل هذا الرجل من أهل البصيرة.
موقف سارية الجبل، الخاص بسيدنا عمر بن الخطاب، عندما كانت إحدى غزوات المسلمين، وكان القائد هو سارية،اذ رأى الإمام عمر رضي الله عنه، هجوماً على جيش المسلمين فصاح وهو في المدينة’ ياسارية الجبل”، أي اعتَصِم بالجبل، والغريب هو سماع سارية نداء الفاروق وبينهما آلاف الكيلو مترات، ويعتصم بالفعل بالجبل وينجى بالجيش من هجوم الرماح من قِبل الأعداء، بفضل بصيرة عمر رضي الله عنه.
تابع المزيد :-صحة حديث من تعار من الليل وما الذي نقوله عند الإستيقاظ من النوم فجأة
الفرق بين الفراسة والبصيرة
هناك فرق بين الفراسة وبين البصيرة، فالفراسة هو علم اشتهر به العرب قديماً، وتم وضع قواعد له في العصر الحديث.
هذا العلم قائم على معرفة الكثير عن حياة الشخص، مهنته على سبيل المثال، وكذلك سمات محددة في شخصيته، كل ذلك عن طريق علامات معينة ظاهرة في جسده، أو خلال حركات يقوم بإصدارها لا إرادياً دون إدراك.
اشتهر العرب من أيام الجاهلية ببراعتهم في الفراسة، فكانوا يعرفون كل شيء عن الرجل بمجرد النظر إليه، ومراقبة بعض حركاته وعلامات مُعينة في جسده.
أما البصيرة فليست بعلم، وليس لها أسباب أو مسببات، فهي منحة من الله يختص بها عباده الذين اصطفاهم.
أطلق عليها أهل الصوفية الكرامات، واشتهر بها كبار مشايخ الصوفية، فعُرف عن كبار الأولياء والمشايخ كراماتهم العديدة، في كشف الأشخاص ممن تعاملوا معهم أو غيرهم من أهل الحُكم والسطوة.
إقرا ايضا :-شرح حديث: يا ابن آدم إنك ما دعوتني ورجوتني غفرت لك

لماذا يحب الله العبد
ما مُسببات حب الله لعباده، وما الذي يجعل العبد محبوباً في السماوات، لدرجة أن يكشف الله بصيرته لمن هم حوله وللكون بأكمله.
اجتهد العلماء كثيراً لمعرفة هذه الأسباب، وتوصلوا لبعضها عن اجتهاد منهم، فكان التالي:
صفاء القلب وشدة الاخلاص لله، فكلما اجتهد العبد في العباده وأخلص نيته لله كلما كان الله معه في كل حين، كما قال أحد مشايخ الصوفية، مرادي عند الله يلقى إجابة لأن مراد الله هو سلوتي.
الانتظام على الفروض والنوافل، بقلب مخلص لله خالي تماما ً من الرياء، أو النفاق والتصنع أمام البشر، فمن المعروف أن من أكثر طرق التقرب إلى الله هو النوافل، في الصلاة والصوم والوضوء وغيرها.
حب النبي وآل البيت الكرام، حباً من القلب كحب الأهل وأكثر، وأكثر الصلاة والسلام على رسول الله، فمن أقرب الطرق ليحب الله العبد، هو أن يحب نبيه بإخلاص.
أن يكون العبد حياته في خدمة الناس لوجه الله تعالى لا يبغى شيئاً، سوى أن يرضى عنه الله، وأن يُحسن إسلامه بتركه مالا يعنيه وأن يُشغل وقته في عمله، وعبادة الله وعمل الخيرات، ولا يتدخل في حياة الناس ويتلصص على خصوصياتهم.
صحة حديث إذا أحب الله عبداً كشف له حقيقة الناس من حوله، وإذا كان صحيح أو ضعيف أو موضوع أم هو ليس حديث من الأساس، كان من الضروري البحث الجيد عن أصله، نظراً لانتشاره كثيراً بين العامة.
فيديو عن صحة حديث إذا أحب الله عبداً كشف له حقيقة الناس من حوله
قد يهمك ايضا :-
افضل المباديء التي حث الإسلام على توطينها في النفوس المسلمة
المعوذتين من افضل السور القرآنية التي امرنا بها رسولنا الكريم
تعرف على ما هو الابتلاء وما الحكمه منه
ما هو الركن الثاني من أركان الإسلام الخمس
المصادر
مصدر 1 https://www.alukah.net/sharia/0/14101