دعاء الستر .. في كل خطوة يخطوها المسلم

Huda26 يناير، 2022

0 1٬251 13 دقائق

دعاء الستر هو دُعاء شامل وجامع يجمع ما بين خيري الدنيا والآخرة، إذ أن الستر بمعناه الواسع لا يقتصر فقط على ستر رب العالمين للعبد من المعاصي، بل أن ذاك المعنى اليسير ما هو إلا نقطة في بحر المعنى الحقيقي للستر، وما أحوج العبد لسترٍ يُغدق الراحة والأمان على حياة المُسلم وجميع من حوله، وهنا سنعرض بالتفصيل معناه الشامل من خلال موقع اذكر الله، وما هي دلائله من القرآن والسُّنة النبوية، وما هي أنواعه.

دعاء الستر

إن كُل خطوةٍ يخطوها المُسلم بحاجة إلى أن يغمره رب العالمين خلالها ستراً يستنير به دربه، وتُلقى به محبة له في صدور جميع من حوله، ومن أجمل ما جاء في دعاء الستر الآتي:

اللهم يا جميل الستر ويا كامل الصفات ويا مُنجي من المُهلكات، نسألك بكلِ اسمٍ هو لك سَميت به نفسك أن تسترنا بجميل سترك، وتعزنا بكريم فضلك، وتُرح صدورنا، وتكتب لنا من خيري الدُنيا والآخرة بقدر قدرك لا بقدر قدرنا يا أرحم الراحمين.
اللهم استرنا ستراً يتعجب منه أهل السماوات والأرض.
اللهم استرنا فوق الأرضِ وتَحتَ الأرضِ ويوم العَرض عليك.
اللهم باعد بيننا وبين شهواتنا ومعاصينا كما باعدت بين المشرق والمغرب، واستر ما بدر منا فأنت أهلٌ لذلك وقادرٌ على كل شيء.
اللهم أنت ربي، رب كل شيء ومليكه، أسألك باسمك الأعظم الذي إذا سئلت به أجبت أن تغمرنا بسترك يا ستَّار.
نسألك يا ستِّير يا رؤوف يا رحيم ألا تقبض أرواحنا إلا مستورين، وأن تُسلمنا كتابنا بيميننا وأن تُتم سترك علينا يوم العرض عليك.

دعاء الستر وراحة البال

خلق الله – جل في علاه – الإنسان ضعيفاً، يميل إلى الشهوات ويحتاج دائماً إلى من يُذكره بالتوبة، فمنا من ابتُليَ بحب المال، وآخرون قد ابتلوا بحب النساء والأولاد وغير ذلك مما يشتهي الإنسان بطبعه، وكما أننا بحاجة إلى الاستغفار في كل وقت فإننا أيضاً بحاجة إلى ترديد دعاء الستر وراحة البال لتطمئن قلوبنا، ومن تلك الأدعية ما يلي:

اللهم إنا نسألك أن تخلصنا خلاصاً طيبًا بعظيم سترك يا رب العالمين.
اللهم ستراً في الصحة، وستراً في المال، وستراً في الأولاد، وستراً في الدين، اللهم إنا نعوذ بك من شرور الفتن ما ظهر منها وما بطن، وأن تحفظ أهلينا وأحبتنا وترزقنا راحة البال يا عزيز يا غفار.
اللهم لا تُخيِّب رجائي، فمن استظل برحمتك شملته، ومن تيقن في عفوك ناله، فاللهم لا تحرمني عفوك وسترك ورضاك وحُسن لقاك.
اللهم لا تجعل بلائي في ديني، ولا تخرجني من ظل سترك يا أرحم الراحمين.

دعاء الستر من الفضيحة

نُدرك جميعاً أننا نعيش – ومع كامل الأسفِ – في زمن الفتنة، وأن القابض على دينه في مثل تلك الأيام كالقابض على جمرةٍ من النار بل وأشد، وكثرة الخَبَث قد خلقت فئة من منعدمي الدين ومنفلتي الأخلاق أصحاب الضمائر المَعيبة الذين يُتاجرون بفضائح العباد علناً، وذكراً لما ورد من دعاء الستر من الفضيحة إسلام ويب نسرد أهم الأدعية الآتية:

اللهم عافنا بسترك في الدنيا والآخرة.
اللهم اكتب لنا من فضلك وبرك وإحسانك ما يملأنا ستراً وعافية.
اللهم إنا نسألك أن تستر عيوبنا وذنوبنا بسترك الجميل يا أرحم الراحمين.
اللهم باعد بيننا وبين الفضائح بين خلقك، ولا تردنا خائبين يوم القيامة إنك التواب الرحيم وعلى كل شيء قدير.
اللهم إنا نسألك الستر والعفو والعافية في ديننا ودنيانا وأهلينا وأموالنا.
اللهم استر عوراتنا، وآمن روعاتنا، واحفظنا من بين أيدينا ومن خَلفِنا وعن أيماننا وشمائلنا ومن فوقنا، ونعوذ بعظمتك أن نُغتال من تحتنا.

إقرا المزيد :-دعاء الليله الثانيه من شهر رجب

دعاء الستر ورفع البلاء

كَثُرَت البلايا وأصبحت تُحيط بنا من كل صوبٍ وحدب، فهلَّا رجعنا إلى رب العالمين مُتضرعين متوسلين ليرفع عنا ما أصابنا، إليكم أفضل وسيلة للتقرب إلى الله وهي دعاء الستر ورفع البلاء فلا تقنطوا من ترديده ليلاً ونهاراً، ونذكر أبرز تلك الأدعية فيما يلي:

اللهم زدنا ستراً وارفع عنا البلاء والوباء وسيء الأسقامِ، فلا شافي سواك، ولا رحيم غيرك.
اللهم إن كانت مُصيبتنا لمعاصٍ اقترفناها فاغفر لنا وأغدق علينا ستراً من عندك يحول بيننا وبين معاصيك.
اللهم اقسم لنا من خشيتك ما تُبلغنا به الجنة، ومن يقينك ما تهون به علينا مصائب الدُنيا والآخرة واسترنا اللهم بأسماعنا وأبصارنا أبداً ما أحييتنا واجعله الوارث منا.
ربنا احجبنا عن البلاء وسطوته، ونجنا من النقم وفجأتها، وقنا من زوال نعمك، وامنع عنا زلل الأقدام، واجعلنا يا رب في حمايتك وسترك وعزك وحرزك من مباغتة الدوائر.
اللهم اخسف بأرض البلاء، وأنسف بجبال السوء، واكشف كروب الدهر، واصرف عنا من الأمور عوائقها، واجعلنا نرد السلامة، واحملنا اللهم بقدرتك على مطايا الكرامة، واستر منا عوراتنا وزلاتنا، وامنن علينا بآلائك واكشف ما يحل من بلائك، وادفع عنا ضرائك.
اللهم إنا نعوذ بك من ما يلم بنا من نوازل البلاء، ومن أهوال الضراء وعظائمها، ومن صرعة البأساء.
اللهم إنا نسألك أن تفتح لنا من لدنك فتحًا يسيرًا وتسترنا ستراً عظيماً، وأن تجعل لنا من كل ضيقٍ مخرجاً وإلى كل سعة منهجاً إنك أرحم الراحمين.

دعاء الستر ابن باز

يبحث الكثيرون عن دعاء الستر ابن باز ليُكرروه بُكرَةً وعشيَّاً، وليكون لهم عوناً على طلب المغفرة والتوبة النصوح التي ينشدونها من رب البرية – تبارك وتعالى – ونذكر أكثر من دعاء على النحو التالي:

رزاق أنت يا الله، فارزقنا من حلالك رزقًا يكفينا، وباعد بيننا وبين حرامك، وأبعد عنا كل شر يؤذينا، ولا تجعل لنا حاجة إلى طبيب يداوينا، يا رب سترك إذا وُرينا التراب، وارحمنا تحت الأرض.
نسألك يا غفار يا خير الغافرين، يا فتاح يا خير الفاتحين، يا رزاق يا خير الرازقين، يا مُحسِنٌ يا خير المحسنين، اجعل عمري كله خيرًا، واجعل محياي ومماتي ستراً.
سبحان الذي إذا ذكرته ذكرك، وإذا شكرته أعطاك وزادك، وإذا توكلت عليه كفاك وأعطاك، سبحان الله والحمد لله والله أكبر، اللهم سترك فوق أرضك، وتحت أرضك ويوم عرض الخلق عليك.
ستيِّر ستار يا الله، فإن تسترنا فهو بجميل سترك، فاجعل اللهم تحت سترك ما ترضى به عنا.
اللهم اجعل سرائرنا مليئة بطاعتك وعلننا مليء بسترك فأنت الأهل أنت تغفر وأنت الأهل أن ترحم.

دعاء الستر والتوبة

لعل أول ما يحضُرنا في دعاء الستر والتوبة هو سيد الاستغفار، الذي علمنا إياه النبي الكريم – صلوات ربي وسلامه عليه – ونذكره كما ورد ضمن الأحاديث الصحيحة فيما يلي:

سيد الاستغفار “اللَّهُمَّ أنْتَ رَبِّي لا إلَهَ إلَّا أنْتَ، خَلَقْتَنِي وأنا عَبْدُكَ، وأنا علَى عَهْدِكَ ووَعْدِكَ ما اسْتَطَعْتُ، أعُوذُ بكَ مِن شَرِّ ما صَنَعْتُ، أبُوءُ لكَ بنِعْمَتِكَ عَلَيَّ، وأَبُوءُ لكَ بذَنْبِي فاغفر لِي، فإنَّه لا يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إلَّا أنْتَ”.
روي عن النبي – صلى الله عليه وسلم – أنه قال: “اللَّهُمَّ أَنْتَ المَلِكُ لا إلَهَ إلَّا أَنْتَ أَنْتَ رَبِّي، وَأَنَا عَبْدُكَ، ظَلَمْتُ نَفْسِي، وَاعْتَرَفْتُ بذَنْبِي، فَاغفر لي ذُنُوبِي جَمِيعًا، إنَّه لا يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إلَّا أَنْتَ، وَاهْدِنِي لأَحْسَنِ الأخْلَاقِ لا يَهْدِي لأَحْسَنِهَا إلَّا أَنْتَ، وَاصرف عَنِّي سَيِّئَهَا لا يَصْرِفُ عَنِّي سَيِّئَهَا إلَّا أَنْتَ، لَبَّيْكَ وَسَعْدَيْكَ وَالْخَيْرُ كُلُّهُ في يَدَيْكَ، وَالشَّرُّ ليسَ إلَيْكَ، أَنَا بكَ وإلَيْكَ، تَبَارَكْتَ وَتَعَالَيْتَ، أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتُوبُ إلَيْكَ”.
اللهم إن سري وعلني عندك سواء، وما حرام إلا ما حرمت، وما حلال إلا ما حللت، والأمر كُله ما قضيت، وما الدين إلا ما شرعت، وما الستر إلا سترك، والعباد عبادك والخلق خلقك يا خالق، أنت ربنا أنت الرؤوف الرحمن الرحيم.
اللهم إنا نسألك بنور وجهك الذي أشرقت به الظلمات والسموات والأرض، فإن الحق كله لك، وإليك يرجع الأمر كله علانيته وسره، فاللهم بحق السائلين عليك، أن تقبلني اللهم بين عبادك الأخيار الصالحين، وأن تجبرني بسترك ورحمتك من نار جهنم.

دعاء الستر والفرج

يستزيد المسلم من ترديد دعاء الستر والفرج ثقةً منه بقدرة رب العباد – سبحانه وتعالى – على تفريج الكربات، وإزاحة الهم وإبعاد الغم، ومن تلك الدعوات المستجابة – بإذن الله – ما يلي:

اللهم إنا نسألك أن ترزقنا رحمتك، ونرجو منك ألا ترد أيدينا خائبةً فلا تُكلنا إلى أنفسنا طرفة عين.
اللهم ارزقنا الفلاح، اللهم إنا نسألك أن تُصلح لنا الأمور كلها، ما ذكرناها وما نسيناها فأنت الأهل أن تُعبَد وأنت الأهل أن تُسأَل.
ربي ارحمنا وارزقنا وأكرمنا فقد مسنا الضُر وأنت أرحم الراحمين – ثم نردد قوله تعالى – “وَإِن يَمْسَسْكَ اللَّهُ بِضُرٍّ فَلَا كَاشِفَ لَهُ إِلَّا هُوَ ۖ وَإِن يُرِدْكَ بِخَيْرٍ فَلَا رَادَّ لِفَضْلِهِ”.
اللهم إنا نعوذ بك من التعرض إلى الضراء والبأساء، اللهم إنا نسألك أن تفرج كربتنا وتحجب عنا البلاء وأن تنجينا من التعرض إلى فقدان النعم وتبدُّلِها إلى نقم وأن تنجينا من فجأة نقمتك وجميع سخطك وزوال رزقك وكرمك عنا.
اللهم إنا نسألك أن تجعلنا في حماك يا رب العالمين، اللهم اكشف عنا بواطن الأمور ما ظهر منها وما خفي، اللهم اصرف عنا الهم والكرب والسوء، اللهم باعد بيننا وبين كرب الدهر كما باعدت بين المشرق والمغرب.

دعاء الستر للبنات

لكل فتاة ينتابها الخوف من أن تُفتَن بالدنيا، وأن تستزلها المعاصي وتقع تحت طائلة الشُبهات، فعليها أن تتحصن من خلال دعاء الستر للبنات الذي نذكره فيما يلي:

اللهم إني اسألك أن تُحصِّن فَرجي، اللهم اجعل في قلبي نور وفي سمعي نور وفي عقلي نور وفي بصري نور، اللهم أصلح لي أمري وطهر قلبي، اللهم ارزقني درجات الفردوس الأعلى.
اللهم ارحم أمَتُك الضعيفة المكسورة، واكشف عنها ما نزل بها من ضُر وسوء ومكروه، اللهم لا ملجأ منك إلا إليك، اللهم عاملني بكرمك وفضلك عليَّ، اللهم نجني من مفترقات الطرق والنقم.
اللهم إني أسألك أن تعجل ليَ بالزواج، اللهم ارزقني زوجاً صالحاً يكون لي خيرًا وأكون أنا خيرًا له.
اللهم إني أرجوك أن ترزقنيَ الزوج الصالح الذي تقر به عيني وتشرح به صدري، اللهم إنك على كل شيء قدير.
اللهم اغننا بحلالك عن حرامك، اللهم يا حنان يا منان يا ذا العرش المجيد يا فعال لما تريد اسألك بكرمك أن تغنيني إنك أعلم بنفسي.
رب إني أسألك أن ترزقني زوجاً تقي مؤمن صالح يكون لي عونا وسنداً ويقربني إليك يا وهاب يا رزاق.
اللهم إني أعوذ بك من ضعف نفسي وأن أقع في الحرام وأقترفه، اللهم احفظ لي جميع جوارحي، اللهم إنك خير حافظًاً.

قد يهمك :- هل يجوز الدعاء بـ “اللهم سخر لي الارض ومن عليها”

دعاء الستر ليلة الزواج

لكل مُقبلِ ومُقبلة على الزواج عليكم بالصلاة ودعاء الستر ليلة الزواج لتمتليء حياتكم بالبركة والرضا من رب العالمين، ولا تغفلوا عن تكرار الأدعية الآتية:

اللهم بارك لنا وبارك علينا واجمع بيننا في خير، اللهم استرني بزوجي واجعله خير عونٍ لي يُذكرني بأمور ديني ويرفق بحالي، ويكون الصاحب في الطريق، واسترني وإياه في الدنيا والآخرة.
اللهم إنا نسألك أن ترزقنا الطمأنينة بعد الخوف والأمن بعد القلق، اللهم لا مانع لما أعطيت ولا مُعطي لما منعت ولا مباعد لما قربت ولا مقرب لما باعدت.
اللهم ارزقنا ذرية صالحة واغمرنا وإياهم بسترك، واجعلهم من حفظة القرآن وأنبتهم نباتاً حسناً يا رب العالمين.
اللهم استرني وزوجي في ديننا وأموالنا ومعيشتنا وصحتنا وسُمعتنا ودنيانا وآخرتنا.

دعاء الستر في الامتحان

يخشى كل طالب حين يحل موعد الامتحان ألا يستذكر ما قد ذاكره من معلوماتٍ، وهنا تكون الوسيلة الوحيدة هي دعاء الستر في الامتحان والذي يناجي به ربه في أن يكون عوناً له في اختباره، وذلك من خلال الأدعية الآتية:

اللهم إني أستودعك ما قرأته وحفظته فرده إليّ يا رب العالمين عند حاجتي إليه.
اللهم سترك إن صَعب السؤال وضاق الفكر وخفق القلب، فذكرني ما نُسيت وعلمني ما جهلت يا علام الغيوب.
اللهم أرح قلبي بالنجاح وأسعد قلوب أحبتي بتوفيقي ولا تُخزني يا كريم.

الخوف من كشف الستر

مَن منا لا يُخطيء!، فليست تلك هي القضية بل أن التمادي في الخطأ وعدم الاعتراف به وتبريره هو الخطأ الأكبر، فلندعو الله – سبحانه وتعالى – بقلبٍ منيب أن يسترنا ويغفر لنا ذنوبنا، ويجب على كل من يُلازمه خوف من كشف الستر أن يُلازم النصائح التالية:

تكرار دعاء الستر في سره وعلنه وضمن أذكار الصباح وضمن الأذكار اليومية مثل أذكار ما بعد الصلاة وأذكار ما قبل النوم.
قراءة وِرد يومي من القرآن الكريم تضرعاً إلى الله – تبارك وتعالى – بطلب الستر وإقراراً بالتوبة النصوح.
عدم الشروع في تكرار المعصية مرة أُخرى.
الحفاظ على قيام الليل وإحياء سُنته ولو بركعتين يومياً، فالقليل الدائم خير من الكثير المتقطع.
التصدق بنية الستر وتفريج الكربة.
نهي اللسان عن الخوض في الغيبة والنميمة والتي قد تكون سبباً أساسياً في فقدان غطاء الستر عن العبد.
صلاة النوافل وهي عبارة عن اثنتي عشرة ركعة يومياً.
ستر الغير لكي يُرد ذاك الستر لنا، لقول النبي – صلى الله عليه وسلم – مَن ستر مسلماً ستره الله في الدنيا والآخرة.

المعنى الواسع للستر

إن معنى الستر لُغَةً فهو الغطاء، أي حين نقول ستر فلان شيئاً فإننا نعني أن فلان قد غطى الشيء، وبالنظر إلى معنى الستر اصطلاحاً، فإننا نجده يعني عدم الإفصاح والمُجاهرة بالمعصية، كما يعني إخفاء العيب وعدم إفشاء السر.

أما عن المعنى الواسع للستر وما يجب أن يشمله دعاء الستر والذي لا بُدَّ وأن يرغب فيه كل مسلم وينشده من رب العالمين فهو كالآتي:

ستر الصحة: ألا يشتد عليه المرض ويحتاج إلى طبيب ليُداويه وتبتعد عنه الأسقام والأوبئة.
ستر المال: أن لا يحوج الله – جل في علاه – المسلم ويستره ولو بالقليل ويبث في نفسه الرضا بما يملك.
ستر الذنوب: ألا يفضح الله عبده في الدنيا.
ستر الأولاد: أن ينبتهم رب البرية نباتاً حسناً ويكفيهم شر صُحبة السوء.
ستر العِرض: أن يحفظ الله الأبناء والبنات من فتن الدنيا.
ستر الآخرة: ألا ينشر الله صحيفة المسلم على الملأ ويُرى ما بها من ذنوب.
ستر الموت: ألا يكشف له عورة ولا يتركه بلا قبرٍ.
ستر القبر: ألا يُعذبه الله في قبره.
ستر الفرج: بالزواج والعفة بالحلال وكفاية المسلم شر الزنا.
ستر الأرزاق: أن يحول الله بين الرزق وزواله ويبارك فيه ويرضينا به ويُطمئننا به.
نقيس على ذلك أي ستر لأي جارحه أن يكفيها رب العالمين شر الفتن والمصائب والذنوب وما إلى ذلك، فليس الستر خاصاً بفضح السر فقط بل أنه يشمل كافة تفاصيل حياة المسلم.

فضل دعاء الستر

أما عن عظيم فضل دعاء الستر فلن تسعنا الكلمات عن حصره، إذ أنه من أعظم الصفات المُستحبة في المسلم والتي تجلب النفع له ولغيره، وعلى سبيل المثال لا الحصر فمن أفضاله ما يلي:

فضل الستر يعود أولاً وأخيراً على صاحبه، إذ أن من يستر غيره أو نفسه يُستَر من رب العالمين في الدنيا والآخرة.
كما أن للستر فضل كبير على المجتمع، إذ ينأى به عن الوقوع في الفواحش والمجاهرة بالذنوب والمعاصي.
فضلاً عن كون الستر يُجسد النجاة الحقيقية للأُمة بأكملها، فلن يتمكن أحد من الرويبضة أن ينال من أُمتنا إذا استمسكنا بالستر والتضرع إلى الله به.
يزيد من المحبة والمودة بين صفوف المسلمين.
يرفع من درجات المسلم في يوم القيامة.
يُنال به رضا رب العالمين ويُتقى به سخطه وغضبه.

تابع ايضا :-الأسباب الـ 8 الفعالة في استجابة الدعاء أمرنا به القرآن الكريم

الستر في القرآن

حثنا رب العالمين على الستر والتستر والابتهال والتقرب إلى الله من خلال دعاء الستر في عدة مواضع صريحة في القرآن الكريم ومن تلك الآيات ما يلي:

قوله تعالى “يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ وَلَا تَجَسَّسُوا وَلَا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضًا أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا فَكَرِهْتُمُوهُ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ رَحِيمٌ” سورة الحجرات – 12.
قال الطبري – رحمه الله – في تفسير قول “ولا تجسسوا” بأنه أمر بألا يتتبع المسلم عورة أخيه ويفشيها.
قوله تعالى “وَمَا كُنْتُمْ تَسْتَتِرُونَ أَنْ يَشْهَدَ عَلَيْكُمْ سَمْعُكُمْ وَلَا أَبْصَارُكُمْ وَلَا جُلُودُكُمْ وَلَكِنْ ظَنَنْتُمْ أَنَّ اللَّهَ لَا يَعْلَمُ كَثِيرًا مِمَّا تَعْمَلُونَ” سورة فُصلت – 22.
أشار القرطبي – رحمه الله – أن لفظ “تستترون” في الآية يُعني تستخفون من أن تشهد عليكم جوارحكم، وبالمعنى الأدق هو أن يترك العبد المعصية خوفاً من الله عز وجل.

الستر في الأحاديث النبوية

تكتظ السُّنة النبوية بالعديد من الأحاديث الصحيحة التي وردت في استحباب دعاء الستر وتزكيته والدفع إليه، ومن أمثلة تلك الأحاديث ما يلي:

روى عبد الله بن عمر – رضي الله عنهما – أن النبي – صلى الله عليه وسلم – قال: “المسلم أخو المسلم، لا يظلمه، ولا يسلمه، ومن كان في حاجة أخيه كان الله في حاجته، ومن فرج عن مسلم كربة فرج الله عنه بها كربة من كرب يوم القيامة، ومن ستر مسلماً، ستره الله يوم القيامة”.
قال النبي – صلوات الله وسلامه عليه – “من نفَّس عن مُؤمن كربة من كرب الدنيا نفس الله عنه كربة من كرب يوم القيامة، ومن يسَّر على معسِر يسَّر الله عليه في الدنيا والآخرة، ومن ستر مسلماً ستره الله في الدنيا والآخرة، والله في عون العبد ما دام العبد في عون أخيه”.
قال الرسول الكريم – صلى الله عليه وسلم – ” من ستر عورة أخيه المسلم ستر الله عورته يوم القيامة، ومن كشف عورة أخيه المسلم كشف الله عورته حتى يفضحه الله بها في بيته”.
عن ابن عمر – رضي الله عنهما – قال: “صعد رسول الله – صلى الله عليه وسلم – المنبر، فنادى بصوت رفيع فقال: يا معشَر من أسلم بلسانه ولم يفض الإيمان إلى قلبه، لا تؤذوا المسلمين ولا تعيروهم، ولا تتبعوا عوراتهم، فإنه من يتبع عورة أخيه المسلم يتبع الله عورته، ومن يتبع الله عورته يفضحه ولو في جوف رحله”.
قال العينيّ – رحمه الله – “أنَّ ستْر الله مستلزم لستْر المؤمن على نفسه، فمن قصد إظهار المعصية والمجَاهرة، فقد أغضب الله تعالى فلم يَسْتُره، ومن قصد التَّسَتُّر بها حياءً من ربِّه ومن النَّاس، مَنَّ الله عليه بِسِتره إيَّاه”.

ما هي أنواع الستر؟

هُناك أكثر من صورة من صور الستر التي أوصانا بها نبي الأُمة – صلوات ربي وسلامه عليه – والتي نذكرها تفصيلاً ضمن النقاط الآتية:

أولاً: ستر المُسلم لنفسه، وهو أن لا يُجاهر بمعصيته ويتفاخر بها، بل ولا يذكر ما تزل به قدميه أمام الناس ويُسارع بترديد دعاء الستر ليستره الله.
يُستدل على ذاك النوع بقول أبي هُريرة عن النبي – صلى الله عليه وسلم – قال “كلُّ أمَّتي معافى إلا المجَاهرين، وإنَّ من المجَاهرة أن يعمل الرَّجل بالليل عملًا، ثم يصبح وقد ستره الله عليه، فيقول: يا فلان، عملتُ البارحة كذا وكذا، وقد بات يَسْتُره ربُّه، ويصبح يكشف سِتْر الله عنه”.
كذلك قول النبي – عليه الصلاة والسلام – “أيُّها النَّاس قد آن لكم أن تنتهوا عن حدود الله، من أُصاب من تلك القاذورات شيئًا، فليَسْتَتر بسِتْر الله”.
ثانياً: ستر المُسلم لأخيه المُسلم إذا رأي منه عيباً أو ذنباً، وألا يسير كاشفاً عنه ستر الله فاضحاً إياه، فقد توعَّد الله لمن يفعل ذلك بهتك ستره في الدنيا والآخرة.
ثالثاً: ستر الموتى، ويأتي ذاك النوع خصيصاً ليحفظ حرمة الميت وقت تغسيله وتكفينه، فإذا رأى منه أحداً عيباً لا بُدَّ وأن يستره.
نستدل على هذا النوع بقول النبي الكريم “من غسَّل ميِّتًا، فكتم عليه، غَفَر الله له أربعين مرَّةً”.

كيف للمسلم أن يكتسب صفة الستر؟

أكَّد النبي الشريف أن هُناك أكثر من وسيلة يُمكن أن يستعين بها المسلم لكي يكتسب صفة الستر، ونوضح ذلك فيما يلي:

الاطلاع على فضائل دعاء الستر والطمع في نيلها جميعاً.
استشعار الأُنس برب البرية وأن العبد معنيُّ بستر ربه ما دام ساتراً لنفسه ولغيره.
الإيمان بأن الأُمة الإسلامية جميع أفرادها أُخوة ومتحابون ويجب أن يستر بعضهم بعضاً لكي لا ينال منهم أعداء الله ورسوله.
قياس مسألة الستر على النفس، بمعنى أن المسلم إن أطلعه الله – سبحانه وتعالى – على سوأة أخيه المسلم، لا بُدَّ وأن يضع نفسه مكان ذاك المسلم، وحينئذ يود لو أن كان من رآه على ذاك الذنب قد ستره.
من ثم لا يهتك ستر أخيه أبداً، وليعلم أن ذاك اختبار من رب العزة، فإن ستر غيره نال رضاه وستره، وإن رسب في ذاك الاختبار كُتب عليه سخط رب العالمين.
أن يحمد المسلم ربه حين يرى عيباً في أخيه، ويقول “حمداً لله أن عافانا مما ابتلى به غيرنا” فليس بينه وبين الوقوع في مثل تلك المعصية سوى ستر الله.
أن يشغل المسلم نفسه بنفسه وصلاحها، ولا يستطرد عورات الناس ويتتبعها.

إقرا المزيد :-دعاء الليله الثانيه من شهر رجب

وقائع من حياة الصحابة حول الستر

روي في السيرة النبوية أنه كان هُناك رجلاً يُدعى ماعِز جاء أبا بكر الصديق وقال له أنه قد وقع بالزنا، فسأله أبو بكر عن ما إذا كان أخبر بذلك أحداً غيره، فقال ماعز: لا، فقال أبو بكر: فتُب إلى الله واستتر بستره أي وادع دعاء الستر يسترك.

ثم ذهب ماعز وقص نفس القول على عُمر بن الخطاب فسأله ما سأله أبو بكر، ثم قال له استتر بستر الله، فإذا به يأتي رسول الله – صلى الله عليه وسلم ويُخبره بكونه قد زنى.

فيُعرض عنه النبي الكريم ثلاث مراتٍ، ولكنه يُكرر فبَعَث النبي لأهله فقال لهم: أيشتكي أم به جِنَّة؟، فقالوا: والله إنه لصَحيح، فسألهم النبي: أبِكرٌ هو أم ثيِّب؟، فقالوا: بل ثيِّب.

فأمر به النبي فرُجِم، وحين علم رسولنا الكريم أن رجلاً يُدعى هَزَّال هو من أشار على ماعز بأن يُخبر النبي – صلوات الله وسلامه عليه – فقال له: يا هزَّال لو أنك سترته بردائك لكان خيراً لك.

أقوال الأئمة في الستر

ذكراً لأهم ما ورد عن الأئمة في الستر هو قول الإمام الشافعي “مَن نَصَحك أمام الناس فقد فضَحَك” فبالرغم من كون الستر محمود إلا أن ذلك لا يُثني المُسلم عن أن يأمر بالمعروف وينكر المُنكر.

فمن رأى مُنكراً فليغيره بيده أو بلسانه أو بقلبه وذلك أضعف الإيمان، ولكن بأشراط ألا يكون ذلك على الملأ فيتعارض النصح مع الستر فتظهر الفضيحة، وقد كتب الشافعي في ذلك قائلاً:

تَعَمَّدني بنصحك في انفرادي .. وجنِّبني النَّصيحة في الجماعهْ

فإنَّ النُّصح بين النَّاس نوع .. من التَّوبيخ لا أرضى استماعه

وإن خالفتني وعصيت قولي .. فلا تجزع إذا لم تُعط طاعهْ

في نهاية المطاف وبعد أن ذكرنا شتى الصور التي جاءت عن دعاء الستر بات لزاماً علينا أن نُسلط الضوء على أنه من أراد ستراً، بادر بالستر لغيره كي تناله رحمات الله – جل وعلا – في الدنيا والآخرة، لكون ستر المسلم لنفسه ولغيره يحول دون هتك ستره فوق الأرض وتحت الأرض ويوم العرض.