صفات خباب بن الأرت وقصته مع الرسول وكيف مات؟
خباب بن الأرت ذلك الصحابي الجليل الذي عانى أشد المعاناة في بداية رحلته مع اعتناقه الإسلام، وبالرغم من ذلك لم يتكاسل أو يتراجع عن موقفه وانغمس في حياة الرسول صلى الله عليه وسلم وله الكثير من الصفات الحسنة التي جعلت الجميع يحبه، ولكن ما هي قصة حياته كاملة وبعض المعلومات الشخصية والتاريخية عنه، هذا ما نعرفه بالتفصيل في السطور التالية.
من هو خباب بن الأرت؟
إنه خباب بن الأرت بن جندلة بن سعد، قيل أنه ينتمي إلى قبيلة بن سعد بن زيد التابعة لقبيلة تميم، وقيل أيضاً أنه من قبيلة خزاعة، وله أكثر من كنية فهو أبو يحيى وهو أيضاً أبو عبد الله.
وبالنسبة إلى إجابة سؤال من هي زوجة خباب بن الأرت فهي تدعى مليكة والتي قال عنها بن منده أنها قد أدركت الرسول صلوات الله وسلامه عليه، وقد قام أبو خالد الوالبي برواية حديثها عن المنهال بن عمرو.
وكانت بداية حيات خباب صعبة للغاية فقد تم بيعه وهو صغير السن في أسواق مكة المكرمة للعبيد، وكان حينها من نصيب أم أنمار الخزاعية الحليفة لعوف بن عبد عوف الزهري أبو عبد الرحمن بن عوف.
وبعدها أرسلته مالكته إلى حداد من الحدادين، فأتقن مهنة صناعة السيوف على يده أيام الجاهلية، ووقتها كان الرسول صلى الله عليه وسلم كثيراً ما يجلس معه ويتحدث إليهز
فكان من أوائل المسلمين الذين اتبعوا رسالة محمد صلوات الله وسلامه عليه حتى قبل أن يبدأ مرحلة الاختباء في دار الأرقم بن أبي الأرقم، ويقال أن ترتيبه العشرين في قائمة الذين دخلوا الإسلام في البداية وقيل أيضاً أنه السادس.
وبعد رحلة عناء في بداية إعلان اعتناقه للإسلام قرر أن يغادر مع المقداد بن عمرو صوب مدينة يثرب وصولاً إلى كلثوم بن الهدم، بعدها آخى الرسول صلى الله عليه وسلم بينه وبين جبر بن عتيك، وهناك من يؤكد أن ذلك كان مع تميم مولى خراش بن الصمة وليس جبر، ثم هاجر إلى الكوفة بعد أن انتقل النبي صلى الله عليه وسلم إلى رحمة الله.
قد يهمك: قصة الصحابي الجليل عبد الله بن عمرو بن حرام
قصة خباب بن الأرت مع الرسول
بعدما أتقن خباب بن الأرت مهنة الحدادة وصناعة السيوف، قامت أم أنمار الخزاعية بتأجير دكاناً له ودعمته بعدة جيدة حتى تستطيع الاستفادة من تلك المهارة العالية في صناعة السيوف.
وفي مدة قصيرة للغاية حظى بشهرة طائلة على مستوى مكة المكرمة حتى أصبح الجميع يعرفونه ويقبلون عليه لشراء ما لديه من سيوف، وأكثر ما كان يميزه حقاً ليست تلك المهارة فحسب، بل صدقه وأمانته في المقام الأول.
وبالرغم من أنه كان صغيراً إلى حد ما إلا أن كل من كان يتحدث معه يراه شيخا حكيما بالرغم من عدم شيوع ذلك في مجتمع جاهلي يغمره الظلام والجهل.
ولهذا أراد أن يصل إلى النور حيث كان فأتاه نبي الله عليه الصلاة والسلام محمد بن عبد الله فمد يده إليه واستمع له خباب بن الأرت وتلفظ بالشهادتين في الحال.
وقد نزلت فيه الكثير من الآيات القرآنية منها: سورة الأنعام أية رقم 51: “وَأَنْذِرْ بِهِ الَّذِينَ يَخافُونَ أَنْ يُحْشَرُوا إِلى رَبِّهِمْ لَيْسَ لَهُمْ مِنْ دُونِهِ وَلِيٌّ وَ لا شَفِيع”.
سورة الأنعام أية رقم 52: “وَلا تَطْرُدِ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَداةِ وَالْعَشِيِّ”، وسورة الكهف أية رقم 28: “وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَداةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ وَلا تَعْدُ عَيْناكَ عَنْهُمْ”.
صفات خباب بن الأرت
الكثير من الصفات المحمودة تمتع بها خباب بن الأرت طيلة حياته، وهذه الصفات كانت سبباً رئيسياً في حب الناس له قبل الإسلام وبعده، وهي تتمثل في النقاط التالية:
- ثباته على دينه: تمسك بدينه بعد إعلان إسلامه أمام كفار قريش بالرغم من الشرط الذي وضعه سيده بأن يكفر مقابل عدم حرمانه من حقوقه فأبى وتمسك به أكثر.
- التقى والكرم: بعد حياة من الفقر في صغره تبدل حاله إلى الغنى في شبابه وطوال حياته، وكان يضع ذهبه وأمواله في مكان معروف في منزله كي يتمكن الفقراء والمحتاجين من أخذ ما يحتاجون إليه دون حرج.
- الذكاء وسرعة البديهة: فعندما أرسلته سيدته لتعلم الحدادة أتقنها في مدة قصيرة للغاية.
- النظر للمستقبل: كان دائم التفاؤل فبالرغم من ظلام هذا العالم الجاهلي كان دوماً يقول “لابد لهذا الليل من آخر”.
- الشجاعة: لم يُخفي إسلامه عن أعين قريش بل أعلن ذلك أمام الجميع وخاصةً أم أنمار التي أرسلت إليه أخيها بصحبة فتيان آخرين لتعذيبه حتى سقط فاقداً للوعي من كثرة ما نزف من الدماء.
قد يهمك: قصة حياة الصحابي الحارث بن أوس بن معاذ
صبر خباب بن الأرت
الصبر على البلاء كانت من أبرز الصفات الأساسية التي ميزت شخصية خباب بن الأرت، حيث اعتادت أم أنمار على كوي رأسه باستخدام حديدة مكواة كي يغير موقفه من الإسلام، لكنه أبى أيضاً وظل ثابتاً عليه.
وحينما فاض به الكيل ذهب إلى النبي صلى الله عليه وسلم وشكى إليه أمره، هنالك دعا له الله بالنصر عليها حيث قال “اللهم انصر خباباً”، ومنذ ذلك الحين وقد أصيبت هذه السيدة بمرض يحتاج إلى كي رأسها حيث كانت تعوي كالكلاب من شدة ألم رأسها ووصف لها الكثير من الأشخاص أن تكتوي بنفس الطريقة التي كانت تعذب بها خباب، فكان هو من يفعل لها ذلك كي يخفف عنها آلامها.
كما أنه كان من أشد المستضعفين عذاباً في الأرض؛ حيث كان الكفار يقومون بإشعال النيران ويسلقونه فيها، وبعد ذلك يطرحوه أرضاً ويقف رجل منهم على صدره كي يزيد من شدة ألمه ليتراجع عن اعتناقه للإسلام، ولكنه أيضاً صبر على هذا البلاء الشديد إلى النهاية.
حتى أنه ورد عن قيس في البخاري “أتينا خباب بن الأرت نعوده، وقد اكتوى سبعاً فقال: لولا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمرنا بالنهي أن ندعو على أحد بالموت لدعوت به”.
شرح حديث الخباب شكونا إلى رسول الله
روى خباب بن الأرت الكثير من الأحاديث عن الرسول صلى الله عليه وسلم، وعلى رأسها هذا الحديث الشريف الصحيح: عن أبي عبد الله خباب بن الأرت رضي الله عنه قال:
“شكونا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو مُتَوَسِّدٌ بُرْدَةً له في ظِلِّ الكعبة، فقلنا أَلاَ تَسْتَنْصِرُ لنا، ألا تدعو الله لنا؟ فقال: «قد كان من قبلكم يُؤخذ الرجل فيُحفر له في الأرض، فيُجعل فيها، ثمَّ يُؤتى بالمِنْشَارِ فيوضع على رأسه فيُجعل نصفين، ويُمشط بأمشاطِ الحديد ما دون لحمه وعظمه، ما يَصُدُّهُ ذلك عن دينه، والله لَيُتِمَّنَّ الله هذا الأمر حتى يسير الراكب من صنعاء إلى حضرموت لا يخاف إلا الله والذئب على غَنَمِه، ولكنكم تستعجلون». وفي رواية: «هو مُتَوَسِّدٌ بُرْدَةً، وقد لقينا من المشركين شدة»”.
ومن خلال تلك الكلمات، يقص علينا خباب بن الأرت ما كان يعاني منه كل المسلم من أذى وعذاب من قبل كفار قريش داخل مكة المكرمة، حتى فرغ صبرهم وقدرتهم على التحمل فذهبوا إلى الرسول صلى الله عليه وسلم كي يشكون إليه ما يمرون به وكان حينها جالساً تحت ظل الكعبة المشرفة.
حينها بين لهم الرسول أن في ذلك بلاء عظيم من الله سبحانه وتعالى لأن البلاء في الدين هو أعظم أنواع البلاء على الإطلاق وأقسم لهم أن نصر الله قريب لدرجة أن المسلم سيكون قادراً على السير من صنعاء إلى حضر موت دون أن يخشى عذاب أحد من الكفار أو أن يهاجم ذئب غنمه،.
وأخبرهم “ولكنكم تستعجلون”، وفي ذلك أمر واضح بالصبر وعدم تعجل ذلك لأن فرج الله قريب وبالفعل هذا ما حدث بعدها.
قد يهمك: من هو الصحابي الذي اشتهر بحُسن صوته بالقرآن الكريم؟
موت خباب بن الأرت
وفي نهاية المطاف توفي خباب بن الأرت في الكوفة عام 37 هجرياً عن عمر يناهز الـ 73 عاماً، وقد شهد جنازته علي بن أبي طالب رضي الله عنه.
وبذلك يصبح خباب بن الأرت هو أول المسلمين الذين دُفنوا في الكوفة، وقال عنه علي “رحم الله خبابا، أسلم راغباً، وعاش مجاهداً، وابتُلِي في جسمه أحوالاً، ولن يضيع الله أجره”.
أسئلة شائعة
من أهم الأسئلة التي أوردت عن خباب بن الأرت ما يلي:
من الذي كان يعذب خباب بن الأرت؟
إنهم المشركين الذين جربوا أسوأ أشكال العذاب معه كي يترك دينه ويعود إلى الكفر من جديد وعلى رأسهم سيدته أم أنمار الخزاعية، لكن جميع محاولاتهم كانت عادة ما تبوء بالفشل.
كيف مات خباب بن الأرت؟
قُتل خباب بن الأرت على يد الخوارج الذين قطعوا طريقه أثناء سيره مع زوجته الحامل، حيث عندما سألوه عن عثمان بن عفان وعلي بن أبي طالب تبين أنه يخالفهم في العقيدة، لهذا قتلوه هو وزوجته بشق بطنها.
ما معنى اسم خباب؟
لكل إنسان نصيباً من اسمه، وكان للخباب بن الأرت نصيباً كذلك، فهذا الاسم عربي يكشف لنا عن أهم ما كان يتميز به الخباب وهو “المرونة في العمل”، وكذلك معناها الخدَّاع وسريع المشي.
وفي نهاية موضوع خباب بن الأرت، ينبغي أن نشير إلى مدى أهمية الصبر على البلاء مهما بلغ صعباً لأن الصبر يتبعه فرج قريب بطريقة تفوق ما كنا ننتظره من الله سبحانه وتعالى الكريم الجبار، وبذلك تنتهي رحلتنا مع هذا الصحابي الصبور التقي الذي تعرفنا على قصة دخوله الإسلام، وكيف صبر على البلاء، وكيف مات.
قد يهمك:
الصحابي عبد الله بن الزبير .. مسيرة حياته ودوره فى الحروب
زيد بن حارثة مولى النبي .. الصحابي الوحيد الذي ذكر اسمه في القرآن
عثمان بن عفان | اسمه ونسبه وخلافته
من هو عثمان بن مظعون؟ وما هي مناقبه؟