عبادات

حكم زيارة القبور في عيد الأضحى

حكم زيارة القبور في عيد الأضحى من المسائل الفقهية التي أصبحت مجال للجدل هذه الأيام، فكثيرًا من الناس يتساءل هل من الجائز شرعًا زيارة أحبابه وأقاربه في قبورهم كما هو شائع ومُنتشر في بعض المناطق حيث من الواجب والعادة أن تقوم العائلة بزيارة أقاربهم ممن رحلوا عن دنياهم في مثواهم الأخير في عيد الأضحى أو الفطر.

حكم زيارة القبور في عيد الأضحى

اجتمع العلماء على أن حكم زيارة القبور في عيد الأضحى أو في أي وقت بعينِه، سواء كان في الأعياد أو وقفة العيدين ليس له أصل في ديننا الحنيف، ولكن ماهي إلا عادة عند البعض، وخاصة أهل القرى.

زيارة القبور على وجه العموم حكمها هو سُنة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، حيث ثَبُت عن رسول الله قيامه بزيارة شهداء أُحد عليهم جميعا السلام مرة في العام، وقيامه بزيارة أهل البقيع عليهم رُضوان الله باستمرار، وأنه عليه الصلاة والسلام كان ما مر على قبر إلا وزار أهله وقام بالدعاء لهم بالرحمة والمغفرة، فقال رسول الله” إِنَّي كنتُ نهيتكم عنْ زيارة القبور، فزوروها، لُتذكّركم زيارتُها خيرًا”

كما ثَبُت عن السيدة فاطمة رضي الله عنها وأرضاها أنها كانت تقوم بزيارة سيدنا حمزة ابن عم النبي، وقد ثَبُت عن رسول الله قوله في حديث شريف” زوروا القبور؛ فإنها تذكركم الآخرة”.

فالزيارة في حد ذاتها سنة ووردت عن النبي وصحابته الكرام، ولكن الذي لا أصل له هو تخصيص يوم مُعين لذلك كالعيدين أو ما سواهما، فلا يوجد أوقات مُستحبة للزيارة ولكن على المُسلم زيارة القبور بقدر المُستطاع للعظة والعبرة والدعاء لأحبابه من سكانها.

وقد أفتى البعض أيضًا بأن أعياد المُسلمين أوقات للبهجة والفرحة، ومن غير المُستحب فيها تجديد الأحزان بزيارة المقابر، وتذكر الأحباب من سبقوا لدار الحق.

قد يهمك: حكم الجماع في نهار رَمضْان

سلوكيات مُستحبة عند زيارة المقابر

بعد التعرف على حكم زيارة القبور في عيد الأضحى، من الواجب معرفة ما هي السلوكيات التي يجب القيام بها في حال القيام بزيارة المقابر، يُمكن ذكر بعض منها على النحو التالي:-

  • السكينة والهدوء فمن غير اللائق بالمكان الصخب والتحدث أو الضحك بصوت عالي، ومن المُستحب عدم اصطحاب أطفال حتى لا يقوموا بهذه الأفعال.
  • التدبر فيما سيصل إليه الإنسان لا مُحال في يوم من الأيام، وذلك بالنظر للأحباء ومصيرهم الأخير بعدما كانوا يملؤون الحياة صخب.
  • الدعاء للميت ولأهل القبور جميعًا، بأن يمن الله عليهم بالرحمة والمغفرة وأن يرفع درجاتهم عنده.
  • الاستغفار لأهل القبور.
  • كثرة الصلاة على النبي، لما لها من بركة عظيمة.
  • قراءة ما تيسر من القرآن.
  • الصدقة على روح الميت، ومن العادات الجميلة في بعض الأماكن قيام أهل المُتوفي بعمل الوجبات الخفيفة والقيام بتوزيعها على الفقراء في المقابر بنية إطعام الطعام كصدقة على روح المُتوفى من أهلهم.
  • ومن المُستحب قول ما ورد عن السيدة عائشة عند زيارة القبور حيث قالت عليها الصلاة والسلام أن رسول الله قال لها “فإنَّ جبرِيل أتاني، فقال: إنَّ ربَّك يأمرُك أن تأتي أَهل البقيع فتستغفر لهم، قالت: قُلتُ: كيف أقول لهم يا رسول الله؟ قال قُولي: السَّلام على أهل الدِّيار من المؤْمنين والمسلمين، ويرحمُ اللَّهُ المُستقدمِين منَّا والمُستأخرِين، وإنَّا إن شاء اللَّهُ بكُم للاحقُونَ”.
سلوكيات مُستحبة عند زيارة المقابر

هل يشعر الميت بزواره

لا تدور فقط التساؤلات في مباحث زيارة المقابر، حول حكم زيارة المقابر في عيد الأضحى أو غيره، بل أيضاً قد يتساءل الكثيرون هل عند زيارة قبر شخص بعينه يشعر بمن يزوره ويأنس بزيارته، وقد أفتى بذلك أهل العلم فقالوا، أن الميت بالفعل يشعر بمن يزوره ويُلقي عليه بالسلام، ويأنس به.

وقد استندوا في ذلك إلى حديث رسول الله عندما قال عليه الصلاة والسلام  “ما من رجل يمر بقبر رجل كان يعرفه في الدنيا، فيسلم عليه، إلا عرفه ورد عليه “أخرجه تمام في «فوائده»، والبيهقي في «شعب الإيمان»، والخطيب البغدادي في «تاريخ بغداد».

وفي موقف أيضًا ذُكر عن رسول الله  أنه أمر بقتلى بدر، فألقوا في قليب، ثم جاء حتى وقف عليهم وناداهم بأسمائهم: «يا فلان بن فلان، ويا فلان بن فلان، هل وجدتم ما وعد ربكم حقا؟ فإني وجدت ما وعدني ربي حقا»، فقال له عمر رضى الله عنه: يا رسول الله، ما تخاطب من أقوام قد جيفوا؟ فقال صلى الله عليه وآله وسلم: «والذي بعثني بالحق ما أنتم بأسمع لما أقول منهم، ولكنهم لا يستطيعون جوابا» أخرجه البخاري ومسلم في صحيحيهما بألفاظ مختلفة.

فالموت ما يعني إلا فناء جسد المُتوفى، ولكن الروح تظل باقية تنتقل إلى مكان آخر ويكون أمرها إلى الله، وقد قال الإمام الغزالي في هذا الصدد ألا وهو فراق الروح للجسد بالموت “معنى مفارقتها للجسد: أي انقطاع تصرفها عن الجسد بخروج الجسد عن طاعتها”.

قد يهمك: تعرف على ما هو الابتلاء وما الحكمه منه

زيارة القبور للنساء

بعض النساء تكون حريصة على معرفة حكم زيارة القبور في عيد الأضحى والفطر، وكذلك رأي الدين في أن تقوم إحداهن بزيارة أحبائها في القبور.

هذه المسألة الفقهية من مسائل الخلاف التي اختلف فيها الفُقهاء، فمنهم من أفتى بالكراهة مثل الشافعية وذلك لأن الغالب في النساء هو الجزع وعدم ضبط النفس والبكاء وما غير ذلك وهو من الأمور الغير مُحببة وخاصة في مثل هذا المكان.

ولكن لم يَثبت وجود أي نص بتحريم زيارة النساء للقبور، بل  أنه قد ورد موقف عن رسول الله أنه قد مر بامرأة على قبر تبكي على صبي لها فقال لها: (اتق الله واصبري) متفق عليه، فلم ينهاها عن الزيارة أو التواجد في المقابر، كما ثبت عن السيدة عائشة أنها كانت تقوم بزيارة البقيع.

ولكن هناك بعض الضوابط لخروج المرأة لزيارة المقابر، وهي الالتزام بزيها الشرعي، وعدم التعطر، واصطحاب أحد أقربائها كمِحرم في حال أن المقابر في مكان بعيد ولا توجد صُحبة مناسبة من النساء لاصطحابها، وعدم التحدث بصوت عالي يُلفت الأنظار، أو المخالطة غير الشرعية بالرجال، أو الذهاب لغير العظة والعبرة والدعاء للأحباب وعدم التحدث فيما لا داعي له من سيرة الخلق بشكل غير مُحبب.

الحكمة من زيارة المقابر 

فد يتساءل أحدهم ما الحكمة من زيارة المقابر ولماذا هي من السنن المؤكدة، والإجابة على ذلك يُمكن ذِكرها في بعض النقاط كالتالي:-

  • العظة والعبرة من حال الدنيا الزائل والغير دائم لأحد.
  • الدعاء لمن مات من الأحباء، وكذلك الدعاء لأموات المُسلمين بالرحمة والمغفرة.
  • صلة الميت والتحدث إليه حيث ثَبت شعوره بمن يزوره واستئناسه به.
  • حث النفس على الأعمال الصالحة، فعند رؤية الموت وما انتهى عنده حال الناس ترتفع همة الإنسان للأعمال الصالحة والتقرب من الله.

حكم زيارة القبور في عيد الأضحى، وما يتعلق بالنسبة للآراء الشرعية الخاصة بزيارة القبور بوجه العموم، وما الحكمة من زيارة القبور، ومدى إحساس الميت بمن يزوره كل ذلك من الأشياء التي طالما أثارت جدلاً واسعاً لذا لزم التركيز عليها وذكرها بشكل مُفصل

قد يهمك:

هل يجب الغسل بعد المداعبة

وقت صلاة الفجر متي يبدأ وينتهي حكم السهر والنوم قبلها

سؤال وجواب عن شهر رمضان

هل قطرة العين تفطر

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى