حديث

حكم الطلاق عند الغضب وكفارة الطلاق عند الغضب

حكم الطلاق عند الغضب يختلف من حالة إلى أخرى، خاصةً أن الغضب أنواع؛ منه ما يُخرج المرء عن شعوره فيجعله يقوم بأفعال يكون الندم مُصاحبًا لها بعد الهدوء، ومنه ما يُوقع الطلاق حقًا وهذا ما تقوم بتحديده الزوجة والزوج على حد سواء، أما بالنسبة إلى موضوع مقالنا اليوم فسوف يكون عن حكم الطلاق عند الغضب والحالات التي لا يقع فيها وكفارتها، بالإضافة إلى حكم الطلاق الشفوي في رأي دار الإفتاء المصرية.

حكم الطلاق عند الغضب

تحدثنا دار الإفتاء المصرية عن حكم الطلاق عند الغضب، فيقول الدكتور شوقي علام أن الطلاق تصرف يصدُر بإرادة منفردة وحرة من الزوج. 

ولذلك فلا يقع طلاق الصبي لأنه غير مُكتمل الإرادة، كذلك طلاق المجنون لا يقع وذلك لفساد إرادته، وبالتالي فقد اختلف العلماء في حكم طلاق الغضبان لأنه يُحدد وفقًا لإرادة الشخص الغضبان.

وتقول دار الإفتاء أن طلاق الغضبان لا يقع إذا وصل به الحد إلى الإغلاق، وهذا ما يحدثنا عنه رسولنا الحبيب صلى الله عليه وسلم في الحديث الشريف “لَا طَلَاقَ وَلَا عَتَاقَ فِي إِغْلَاقٍ”.

والإغلاق هنا إما يُعني عدم الإدراك، فيكون عقل الزوج حينها مُنغلقًا ولا يعي ما يقول أو ما يفعل، أو تكون أفعاله مُضطربة وهناك خللًا في تصرفاته وأقواله، فيتفوه بما لا يقصد أو يستوعب، وحينها ينطق لفظ الطلاق عند الغضب دون تروي أو تفكير مُسبق.

ويتحدث الدكتور “شوقي علام” أن لفظ إغلاق يُقصد بها المعنى العام، أي في كل حالة لا يكون العقل يمتلك إرادة كلية، خاصةً أن الطلاق يكون بالاتفاق والإدراك، ومن لا تتوافر فيه هذه الشروط اختلف في حكم طلاقه العلماء والفقهاء، وفي المُجمل ترى دار الإفتاء المصرية أن هذا الطلاق غير واقع.

قد يهمك: حكم الجماع في نهار رَمضْان

ما حكم الطلاق ثلاث مرات في حالة الغضب

جعل الشرع الزوجة سكنًا للزوج، حيث قال الله تعالى “وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ”، وحذر من الطلاق وجعله أبغض الحلال.

وهناك عدة شروط لوقوع الطلاق أثناء الغضب، وهي أن يتمتع بالسلامة العقلية وليس مجنونًا، وألا يكون غضبانًا غضبًا عنيفًا يحيله عن شعوره وإملاكه، وهذا ما يخبرنا به الرسول صلى الله عليه وسلم “إِنَّ اللَّهَ تَجاوزَ عَن أُمتِي الخَطَأْ والنِسيانَ وَما استُكْرِهُوا عَلَيْهِ”.

وحكم الطلاق عند الغضب لا يقع في حالات الغيظ أو القهر وكذلك الغضب الذي يجعله ينطق بكلمة الطلاق في وقت عدم الإدراك أو الإملاك، وبالتالي فالحياة الزوجية تستمر بشكلها الطبيعي دون حدوث أي خلل لها.

والطلاق عامةً لا يكون باللفظ فقط، وإن كان به سيكون وعدًا بالطلاق إلى حين ترتيب الأوراق الرسمية والحياة بعده، ولا مانع من أن تُقيم الزوجة في منزل الزوجية لأنها ليست مُحرمة عليه بل هو من الأمور المُستحبة.

وذلك لأن في هذه اللحظة يضطر الزوج شيئًا فشيئًا إلى إعادة التفكير والتريث في أمر الطلاق وقد يُحدث الله سبحانه وتعالى بعد ذلك أمرًا ويرد الزوج زوجته إليه ويتراجع عن فكرة الطلاق نهائيًا.

ما حكم الطلاق ثلاث مرات في حالة الغضب

كفارة الطلاق عند الغضب دار الإفتاء المصرية

وبعد أن تناولنا حكم الطلاق عند الغضب ، تأتي نقطة أخرى لنتحدث عنها وهي كفارة الطلاق عند الغضب من منظور دار الإفتاء المصرية، التي تُفيد بأنه لا يوجد كفارة للطلاق عند الغضب وهذا باتفاق جميع العلماء وأهل السنة والجماعة، لكن الكفارة يتم تطبيقها على من حلف بيمين الطلاق.

ويقول الله سبحانه وتعالى في سورة المائدة “لا يُؤَاخِذُكُمُ اللهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا عَقَّدْتُمُ الْأَيْمَانَ فَكَفَّارَتُهُ إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ أَوْ كِسْوَتُهُمْ أَوْ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ ذَلِكَ كَفَّارَةُ أَيْمَانِكُمْ إِذَا حَلَفْتُمْ وَاحْفَظُوا أَيْمَانَكُمْ كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ”.

ومن هنا تكون كفارة الطلاق ثلاث مراتب، الأولى تكون بإطعام 10 من المساكين أو توفير ملبسًا لهم، والمرتبة الثانية فهي تحرير رقبة إن لم تستطع فعل الأمر الأول، وإن لم تقدر على كل ذلك تأتي المرتبة الثالثة وهي صيام 3 أيام.

قد يهمك: حكم زيارة القبور في عيد الأضحى

حكم الطلاق الشفوي

يختلف حكم الطلاق عند الغضب وفقًا للحالة التي يكون عليها الزوج الغضبان لأن هناك ثلاث حالات من الغضب يتوقف عليها الحكم بعدها وهذه الحالات تأتي على النحو التالي:

  • الحالة الأولى: يغيب عن الزوج في هذه الحالة الشعور، ويقع الحكم عليه بالجنون ولا يقع الطلاق في هذه الحالة بإجماع أهل العلم.
  • الحالة الثانية: يزداد غضب الزوج لكن لا يفقد شعوره ويكون عنده إحساسًا وعقلًا بعض الشيء، وهنا يكون حكم الطلاق عند الغضب غير واقع أيضًا بالإجماع.
  • الحالة الثالثة: الغضب المعتدل للزوج، هنا يقع الطلاق عند جميع أهل العلم.

وهناك درجات للغضب، وأخف درجة هي التي لا يفقد فيها الإنسان مبادئه أو يتغيب عنه ذهنه وعقله ويدري تمامًا ما يقول، وهنا يكون طلاقه واقعًا وصحيحًا بلا شك في ذلك.

أما بالنسبة إلى الدرجة الثانية فيكون الإنسان قد وصل إلى أعلى درجات الغضب ولا يدري ما يفعل أو بقول وينغلق أمامه باب الإرادة والعلم، وهذا النوع لا يُوجد خلاف في عدم وقوع طلاقه.

ويقول أمين الفتوى بدار الإفتاء المصرية الدكتور “أحمد ممدوح” أن الطلاق الشفوي يقع في حالة توافر كافة الشروط التي تحدثنا عنها في السطور السابقة والتي تتمثل في النظر إلى حالة الزوج أثناء نطقه بلفظ الطلاق.

حكم الطلاق في حالة الغضب عند المالكية

في رأي المذاهب الأربعة ومن بينهم المالكية يتحقق الطلاق بتوافر ثلاث أصول، وهي توافر الأسباب التي أدت إليه، وتحقق أحكامه وشروطه، بالإضافة إلى انتفاء موانعه.

أما بالنسبة إلى المذهب الأول وهو مذهب الحنفية فيرى علمائه أن الغضبان لا يقع طلاقه وهذا ما يؤكده ابن تيمية رحمة الله عليه، وذلك بالاستشهاد بقول رسول الله صلى الله عليه وسلم “رُفع القَلم عن ثَلاثة، عن النائم حتى يستَيقظ، وَعن الصَّغير حتى يكبُر، وعَن المجنون حتى يعْقِل أو يفيق”، والغضب الشديد الذي يصل إلى درجة الجنون لا يقع طلاقه.

أما بالنسبة إلى المذهب الثاني وهو مذهب الإمامية والظاهرية، فيرون أن طلاق الشخص الغاضب يتم تحديده بناءً على وجود النية المُسبقة بالطلاق ووجود إرادة وحكمة حينها يقع الطلاق، وإن لم تتوافر أي منها لا يقع ويُعتبر عندها لغوًا، وذلك بالاستناد إلى الحديث الشريف “إِنَّما الأَعمَال بالنَّيات”.

وفي المذاهب المالكية والشافعية والحنابلة فجميعهم يتفقون على أن حكم الطلاق عند الغضب واقع إلا إن كان في حالة ذهاب العقل تمامًا.

حكم الطلاق في حالة الغضب عند المالكية

إرجاع الزوجة بعد طلاق الغضب

يقول الله في القرآن الكريم “الطَّلَاقُ مَرَّتَانِ فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ”، كذلك يقول “وَبُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ فِي ذَٰلِكَ إِنْ أَرَادُوا إِصْلَاحًا”، وبذلك يصبح الطلاق مرتان فقط ويجوز للزوج إرجاع الزوجة بعد طلاق الغضب لأنه أحق بردها.

وطالما كانت الزوجة في فترة العدة فيجوز لزوجها ردها بالقول وبالفعل، أما القول فيحتاج الرجل لقول “أرجعتك إلى عصمتي” أو “رددتك إلى عصمتي”، أو بأي جملة تحمل المعنى نفسه.

وبالنسبة إلى الفعل فذهب أهل مذهب الحنفية أن الرجعة تكون بالجماع أو المداعبات، ومذهب المالكية يشترط حدوث الجماع بنية الإرجاع، وفي رأي مذهب الشافعية أن الرجعة تكون بالقول وليس بأي فعل من الأفعال سواء أكانت بالجماع أو مقدماته.

ورأي الحنابلة مختلف بعض الشيء عن الآراء السابقة، فيشترط أهل هذا المذهب لإرجاع الزوجة أن يكون بالجماع فقط وليس بالمداعبات والمقدمات أو بأي جملة يقولها الزوج.

وهناك شروط لهذه الرجعة، وهي أن يكون الزوج ذي أهلية وليس في حالة سكر أو غضب وقد بينا سابقًا حكم الطلاق عند الغضب، وتكون الرجعة في الطلقات الأولى والثانية فقط وليس في الثالثة لأن لها أحكامًا خاصة ولا تنطبق عليها الأحكام التي نتحدث عنها، وأخيرًا أن تكون الرجعة في فترة العدة.

والآن نصل بحضراتكم إلى ختام مقال حكم الطلاق عند الغضب بعد أن فرغنا من التحدث عنه باستفاضة، بالإضافة إلى أننا قد وضحنا بعض الأمور والأحكام الأخرى المتعلقة بالموضوع من شروط الطلاق وحكم الطلاق الشفوي وغيرها، ونتمنى أن نكون قد عرضنا لكم الموضوع من كافة الاتجاهات، تابعونا ليصل إليكم كل جديد

قد يهمك:-

هل يجب الغسل بعد المداعبة

هل قطرة العين تفطر

من شروط قبول الحديث عند البخاري أن يكون الراوي

هل يجوز الدعاء بـ “اللهم سخر لي الارض ومن عليها”

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى