حكم التبني في الإسلام | الفرق بين التبني والكفالة

حكم التبني يعتبر من أكثر الأحكام الشرعية التي يرغب في معرفتها كل مسلم ومسلمة لم ينعم الله عليهما بالذرية، خاصةً أن الحلم الوحيد الذي يشغل بالهما هو أن يكون لهما طفلاً يسعدا بتربيته، وقد اختلف الكثير من العلماء في مدى مشروعية التبني في الدين الإسلامي الحنيف ولهذا السبب سنحاول توضيح الصورة كاملة أمامكم خلال سطور هذا المقال.
حكم التبني
إن الإسلام دين حق، يحفظ للمسلمين حقوقهم ويعرفهم واجباتهم على أكمل وجه، ولهذا حرم الله سبحانه وتعالى التبني في قوله تعالى “وَمَا جَعَلَ أَدْعِيَاءَكُمْ أَبْنَاءَكُمْ”.
كذلك يخبرنا الله عز وجل في كتابه العزيز: “ادْعُوهُمْ لِآبَائِهِمْ هُوَ أَقْسَطُ عِندَ اللَّهِ فَإِن لَّمْ تَعْلَمُوا آبَاءهُمْ فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ وَمَوَالِيكُمْ وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ فِيمَا أَخْطَأْتُم بِهِ وَلَكِن مَّا تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ وَكَانَ اللَّهُ غَفُوراً رَّحِيماً”.
وقد كان الرسول صلى الله عليه وسلم يعتبر زيد بن حارثة الذي هو أحد الصحابة رضوان الله عليهم ولداً له، حتى أن المسلمين وقتها كانوا يطلقون عليه اسم «زيد بن محمد»، ولكن بمجرد أن نزلت تلك الآية الكريمة السابقة والتي بينت حكم التبني وحرمته لذلك عاد الناس إلى اسم «زيد بن حارثة» في الحال.
وهناك الكثير من الأمور الشائكة حول حكم التبني تحتاج إلى تفصيل أكثر ولهذا نتناولها خلال سطور الفقرات التالية.
قد يهمك: حكم شراء القطط وتبنيها وتربيتها في المنزل
حكم التبني لمن ليس له ولد
إن كلمة “التبني” تشير إلى معنيين فقط لا غير، أحدهما أن يقوم شخص ما بضم إنسان إلى نسبه ويتخذه ولداً له من حيث الحقوق والواجبات، أما المعنى الآخر فهو إشارة واضحة إلى نسب إنسان بالرعاية والاهتمام والتربية فقط دون منحه اسم هذا الشخص.
وبالنسبة إلى حكم الأول فإنه محرم ولا يجوز، ولكن في المقابل نجد أن الثاني من أعظم الأعمال الصالحة التي يتقرب بها العبد إلى ربه لأنه يمنح هذا الطفل كل ما يفقده من مشاعر حرمان من الأبوة والأمومة أو معاناة من الفقر والمرض وغيرهما.
وبناءً على ذلك فإن كل من حُرم من الذرية يستطيع أن يتولى رعاية طفل ما دون أن يضمه إلى نسبه ويعيش معه مشاعر الأبوة والأمومة التي طالما افتقرها، ويفوز برضوان الله سبحانه وتعالى عليه والجنة في نهاية المطاف، وبهذا نكون علمنا متى يكون التبني حلال؟.
حكم التبني ابن باز
وقد وضح الشيخ ابن باز رحمة الله عليه إجابة قاطعة لسؤال له كان يدور حول حكم التبني وإرضاع هذا الطفل، حيث قال أن هذا الشيء مرفوض ولكنه يجوز في حالة واحدة فقط أن يتم الإحسان إلى هذا الطفل وتربيته على الصراط المستقيم والإنفاق عليه من باب الإحسان دون نسبه إليه.
هذا لأن ذلك يمنحه حق الورث ويحرمه من حق الزواج من بنات هذا الشخص دون وجه حق، والأصح أن يتم منحه اسماً من الأسماء الشرعية نقل صالح ابن عبد الرحمن وما إلى ذلك.
حكم التبني ابن عثيمين
قد أشار الشيخ ابن عثيمين رحمه الله تعالى إلى حكم التبني في الإسلام، حيث وضح أن هذا الشيء الذي حرمه الله ورسوله كان مُطبقاً منذ قديم الزمان في عصر الجاهلية، وكان يتم عن طريق اختيار أي طفل كان ونسبه إلى الشخص الذي اختاره ولكن بمجرد أن أتى الإسلام تم إلغاء ذلك الأمر تماماً.
حكم التبني بالرضاعة
إن حكم التبني بالرضاعة يختلف عما سبق ذكره من أحكام وشروط، هذا لأنه في حالة إذا ما تم إرضاع الطفل من أخت الزوج على سبيل المثال فإن هذا الطفل يكون ابناً لها بالرضاعة وبالتالي يحرم عليه الزواج من أخته في الرضاعة.
ولكن لا يجوز أن يتم ضم نسبه إلى نسب شخص آخر حتى وإن كان ذلك بالرضاعة، لأن التبني حرام وهو يُنسب فقط لأبيه وليس لأبيه من الرضاعة بأي شكل من الأشكال.
حكم تبني طفل مجهول النسب
أجابت «البحوث الإسلامية» عن سؤال حكم التبني لشخص مجهول النسب وإدراجه ضمن نسب شخص آخر، حيث وضحت أن هذا الفعل حرام شرعاً وأكدت على ضرورة نسبة الأبناء لآبائهم الأصليين.
فحتى وإن لم يُعرف لهم نسباً فإنهم يعتبرونهم إخوة في الإسلام وبالتالي نستنتج أنه لا يجوز منح هذا الطفل أو هذه الطفلة اسم المتبني أو إدراج أي اسم آخر غير اسم أبيهما الأساسي.
قد يهمك: ما هو حكم الغلو في اهل البيت؟
الفرق بين التبني والكفالة
إن التبني هو نسب شخص لشخص آخر لأنه بمثابة اختلاق لنسب ليس معلوماً، ولكن الكفالة فإن هذا الشخص الذي تم تعيين نسبه لا يغادر نسب أبيه ولكن يتكفل شخص آخر بالنفقة عليه وتقديم كافة الرعاية التي يحتاج إليها.
وبالتالي إذا تم الاهتمام بطفل ما دون نسبه إلى نسب آخر فإنه حينها يصل إلى سن البلوغ ينبغي أن يتم فصله عن الأبناء الآخرين في المضاجع وأن تلتزم الزوجة بالحجاب الشرعي وأي ابنة موجودة في الأسرة إذا كان ذكراً.
ولكن إذا كان أنثى فإنها تلتزم بالحجاب الشرعي وتلتزم بآداب التعامل مع الأجانب وتطبقها مع أولاد من يعولها ولكن إذا تم إرضاعها فإنها تصبح محرمة على من رضعت عليه.
وقد رغَّب الرسول صلى الله عليه وسلم في كفالة اليتيم حيث قال “مَنْ ضَمَّ يَتِيمًا بَيْنَ أَبَوَيْنِ مُسْلِمَيْنِ إِلَى طَعَامِهِ وَشَرَابِهِ حَتَّى يَسْتَغْنِيَ عَنْهُ وَجَبَتْ لَهُ الْجَنَّةُ الْبَتَّةَ”.
قد يهمك: حكم الغش في الاختبارات في رمضان
أسئلة شائعة
من أهم الأسئلة التي أوردت عن حكم التبني ما يلي:
لماذا التبني حرام في الإسلام؟
إن الإسلام قد حرم التبني لعدة أسباب شرعية، منها أنه يترتب عليه خلوة غير شرعية بين الابن المتنبي وزوجة المُتبنِّي ومحارمه والشيء مثله إذا كان الطفل أنثى.
كما أنه يُضيع حقوق الميراث لأنه يمنح المتبنى حق لا يستحقه، والتبني في العموم يحرم ما أحله الله لأن المتبنى يعتبر نساء أسرته من محارمه لكنهن نساء أجنبيات ويجوز له أن يتزوج منهن.
ماذا قال الرسول عن التبني؟
قد ورد في السنة النبوية الشريفة حديث عن الرسول صلوات الله وسلامه عليه حول حكم التبني في الإسلام حيث قال “من ادعى إلى غير أبيه، وهو يعلم، فالجنة عليه حرام”، وفي صيغة أخرى “من ادعى إلى غير أبيه، أو انتمى إلى غير مواليه، فعليه لعنة الله المتتابعة إلى يوم القيامة”.
ما هو بديل التبني في الإسلام؟
إن أفضل بديل عن التبني هو كفالة اليتيم، وقد سبق وقد رغَّب فيها الله سبحانه وتعالى ورسوله والذي بين لنا حجم الأجر والثواب الذي نحصل عليه منها، حتى أنه أكد على أن مكانة كافل اليتيم عند الله تقترب إلى مكانة الأنبياء في الجنة، حيث قال “أنا وكافل اليتيم في الجنة هكذا”.
هل التبني كبيرة من الكبائر؟
أجل، فإن اعتبار ولد ما لا يربطنا به صلة رحم ولداً من الصلب يعد كبيرة من الكبائر، وهو عادة كان يفعلها الجاهلية لكن الإسلام قضى على هذا المفهوم وأبطله واتخذه كبيرة ضمن كبائر الذنوب.
وفي الختام، يجدر بنا أن نشير إلى مدى أهمية الإحساس بالغير ومد يد العون لهم ولكن بعد توضيح حكم التبني فمن الضروري عدم منح هؤلاء الأشخاص أسماء آباء وأمهات لا علاقة لهم بهم لتجنب الوقوع في كبيرة من أعظم كبائر الذنوب.
قد يهمك:
الوصية الواجبة حكمها وطريقة حسابها
حكم قضاء الشهوة باليد للمرأة وأضرار العادة السرية
حكم الطلاق عند الغضب وكفارة الطلاق عند الغضب
تعرف على ما هو الابتلاء وما الحكمه منه