الهجرة النبوية من مكة إلى المدينة

مما لاشك فيه أن الهجرة النبوية هي من أهم الأحداث التاريخية عند المسلمين حيث كانت بداية لانتشار الإسلام وبناء الدولة الإسلامية بعد أن ظل محصورًا على مدار سنوات طويلة في مكة المكرمة وفيها هاجر الرسول صلى الله عليه وسلم وأصحابه من مكة إلى المدينة وكان ذلك بعد تعرض المسلمين للأذى من المشركين لذلك أمر الله سبحانه وتعالى الرسول بالهجرة.
الهجرة النبوية
استمر سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم يدعو الناس إلى عبادة الله وحده وترك عبادة الأصنام وقد استمرت الدعوة حتى ثلاثة عشر عام ولم يؤمن إلا قلة من أهل مكة.
تعرض النبي صلى الله عليه وسلم إلى كثير من أشكال العذاب وجميع الذين آمنوا به، وقد ظل طوال فترة الدعوة يواجه أذى المشركين حتى أذن الله سبحانه وتعالى له بالهجرة من مكة إلى المدينة وذلك في اليوم الثاني عشر من شهر ربيع الأول.
أسباب هجرة الرسول من مكة إلى المدينة المنورة
كان الرسول صلى الله عليه وسلم يدعو دائمًا قومه إلى الهداية والدخول إلى الإسلام بالحكمة والموعظة الحسنة، وقد ظل المسلمون والرسول يتعرضون إلى الاضطهاد حتى أُذن للرسول بالهجرة من مكة إلى المدينة وذلك للأسباب التالية:
- محاولة قتل الرسول وإلحاق الأذى به:
حاول المشركين إلحاق الأذى والضرر بالرسول صلى الله عليه وسلم فقد قاموا بضرب رأسه بصخرة كبيرة وهو ساجد وقاموا بوضع روث الحيوانات فوق ظهرة وأرسل أبو لهب زوجته كي تضع الأشواك أمام بيته وفي طريقه، بالإضافة أنهم حاولوا قتله عدة مرات حيث قام عقبة بن أبي معيط بخنق الرسول بردائه وقام أبو بكر الصديق بحمايته منه وحاولوا ضربه عدة مرات وفقد وعيه وأخذ أبو بكر ينادي ” ويلكم أتقتلون رجلًا يقول ربي الله” حتى انهالوا عليه بالضرب.
- بدأت قريش في حصار المسلمين:
قام المشركين بمحاصرة المسلمين تحديدًا بني هاشم وأصروا على وضع بنود المقاطعة في الوثيقة وقاموا بتعليقها على ستار الكعبة وكانت تنص على مقاطعة المسلمين لمدة ثلاث سنوات ماديًا ومعنويًا.
موقف الرسول من الهجرة إلى المدينة
كان النبي محمد صلى الله عليه وسلم حريصًا على إكمال دعوته ونشر الإسلام وبعد أن رفض المشركين الدخول في الإسلام واستمروا في إيذاء المسلمين اضطر إلى الخروج من مكة والذهاب إلى المدينة ليستمر في دعوته ونشر الإسلام وتحقيق المزيد من الفتوحات الإسلامية على الرغم من قول الرسول صلى الله عليه وسلم أن مكة المكرمة من أحب البلاد إلى قلبه وكان لا يريد الخروج منها.
أحداث الهجرة النبوية
حاولت قريش قتل محمد صلى الله عليه وسلم قبل الخروج من مكة بعد أن علمت بالهجرة وقرروا أن يجتمع شاب من كل قبيلة ليقوموا بقتله، ولكن سيدنا جبريل أخبر النبي محمد بهذا الأمر وقام علي بن أبي طالب بالنوم في فراش النبي حتى يعتقد المشركون أنه النبي محمد وقام الرسول بالخروج وسط المشركين ولم يره أحد وقد قال الله عز وجل في كتابه الكريم ” وجعلنا من بين أيديهم سدًا ومن خلفهم سدًا فأغشيناهم فهم لا يبصرون”، وعندما أقبل المشركين لقتل النبي وجدوا علي بن أبي طالب في فراش الرسول حتى جنّ قريش لأنهم لم يروه وهو يخرج وقد خصصوا جائزة لمن يعثر عليه وبعد أن خرج الرسول وصاحبه أبو بكر الصديق مكثوا في غار ثور بعيدًا عن قريش وظلت أسماء بنت أبي بكر ترسل لهما الطعام، وقد استطاعت قريش الوصول إلى الغار ولم يعثروا عليهم وكان على باب الغار خيوط العنكبوت فاعتقدوا أنهم ليسوا بالغار وذهبوا، وسار النبي هو وأبو بكر في طريقهما إلى المدينة إلى أن وجدهما سراقة بن مالك وكان يريد أن يخبر قريش حتى دعا عليه رسول الله وغارت فرسه داخل الرمال وساروا إلى المدينة وعند وصولهم استقبلهم المسلمون بالاناشيد ترحيبًا بهم.
الدروس المستفادة من الهجرة النبوية
تمنحنا الهجرة النبوية مجموعة من الدروس المستفادة والعبر ومنها مايلي:
- الدقة في التخطيط والأخذ بالأسباب:
نرى من الهجرة النبوية دقة التخطيط لها منذ بدايتها حتى النهاية وأن النبي محمد هيأ كافة الأسباب واستخدم جميع الوسائل ولكنه ظل يدعو الله عز وجل أن ينصره ودعاه أيضًا أن يسير القوم وهو في الغار وأن تغرس فرس سراقة في الرمال واستجابة الله له.
- الصراع قائم منذ القدم بين الحق والباطل:
الصراع بينهما هو بمثابة سنة إلهية وذلك في قوله تعالى” الذين أخرجوا من ديارهم بغير حق إلا أن يقولوا ربنا الله ولولا دفع الله الناس بعضهم ببعض لهدمت صوامع وبيع وصلوات ومساجد يذكر فيها اسم الله كثيرًا ولينصرن الله من ينصره إن الله لقوي عزيز”.
- الإيمان بالمعجزات:
ظهرت في الهجرة النبوية المعجزات الحسية والتي تدل على رعاية الله عز وجل للنبي محمد وذلك عندما كان في الغار وظهر نسيج العنكبوت أمام الغار وعندما أراد سراقة أن يخبر قريش جعل الله فرسه يغرس في الرمال.
- دور المرأة في الهجرة:
كان لأسماء بنت أبي بكر ذات النطاقين دورًا عظيما حيث كانت تصل الطعام إلى النبي وأبو بكر في الغار وقد قامت عائشة بنت أبي بكر بحفظ أحداث الهجرة وبلغتها إلى الأمة.
النتائج المترتبة على الهجرة النبوية
أثمرت الهجرة النبوية في النهاية على المجتمع بالخير والسلام وكان لها عدة نتائج هامة ومنها:
- بداية الاقتصاد الإسلامي:
كان اليهود قد سيطروا بالكامل على الاقتصاد داخل يثرب وقاموا باحتكار البضائع واستغلوا حاجة المسلمين فقام الرسول بتعديل الأوضاع وبناء سوق إسلامية.
- بناء المسجد النبوي:
قرر الرسول بناء المسجد النبوي والذي كان له أهمية كبيرة عند المسلمين حيث كان في ذلك الوقت مقر الشورى.
- بناء قوة عسكرية:
حرص الرسول صلى الله عليه وسلم على بناء جيش قوى من المسلمين لمواجهة أعداء الإسلام والتغلب عليهم.
تأثير الهجرة النبوية على الدعوة الإسلامية
كان للهجرة النبوية أثرًا عظيمًا على الدعوة الإسلامية وذلك كما يلي:
- ضعفت هيبة قريش وخسرت مكانتها بين القبائل.
- أقبلت القبائل العربية إلى الرسول صلى الله عليه وسلم ليبايعوه ودخلوا في الإسلام.
- كانت الهجرة النبوية هي نهاية لعبادة الأصنام وبداية تعظيم شعائر الإسلام.
- زادت الفتوحات الإسلامية وانتشر الدين الإسلامي في جميع أنحاء العالم.
- أصبحت المدينة هي عاصمة الدعوة الإسلامية بعد أن ارتفعت مكانتها.
- كانت الهجرة هي بداية لبناء دولة إسلامية جديدة.
مواقف الصحابة في الهجرة النبوية
هناك بعض المواقف المشرفة التي قام بها الصحابة في الهجرة النبوية ومنها مايلي:
- كان لأبي بكر دورًا عظيمًا في حماية النبي أثناء الهجرة حيث كان يسير أمامه تارة وخلفه تارة حتى لا يتعرض النبي للأذى.
- قام علي بن ابي طالب بالنوم في فراش النبي عندما جاءت قريش لقتله حتى يظنوا أنه النبي على الرغم من تعرض حياته إلى الخطر.
- ولا ننسى أسماء بنت أبي بكر التي لقبت بذات النطاقين حيث كانت تضع الطعام في نطاق على خصرها وتذهب به إلى الرسول وأبا بكر.
وفي الختام يمكننا القول أن الهجرة النبوية كانت بداية التحول وبناء الدولة الإسلامية وقد أقبل الكثير على الدخول في الدين الإسلامي بالاضافة أنها كانت نهاية الوثنية وقد آخى النبي بين المهاجرين والأنصار وولد أول مولود للمسلمين في المدينة الزبير بن العوام.