من هم الشهداء وما منزلة الشهداء عند الله

ا
اختلف الفقهاء في تعريف الشهداء، فبعض ا الفقهاء اعتبره من قُتِلَ في سبيل الله – عز وجل-، والبعض من الفقهاء إعتبره من مات متأثر بجراح المعركة، ولكن على الرغم من كل اختلافات الآراء، فإن الشهيد له منزلة خاصة قد خصه بها الله –عز وجل- في القرآن الكريم، وكذلك النبي –صلى الله عليه وسلم في السنة النبوية الشريفة، ولذلك يجب التعرف على الشهداء وتصنيف القرآن لهم، ولماذا خصهم الله –عز وجل- بهذه الصفة.
من هم الشهداء:
الشهيد في اللغة، هو كل مسلم يقتل على يد غير المسلم، أو ظلمًا، وسبب التسمية إنه مشهود له بإذن الله –عز وجل- بالجنة، والشهيد في الشريعة من تعرض للقتل في حرب، أو غدرَا على يد سارق أو قاطع طريق، أو بالتعدي لأي سبب ظلم.
الشهداء في القرآن:
وقد خص الله –عز وجل- الشهيد منزلة خاصة وردت بالقرآن الكريم، فهو حي عند الله –عز وجل-، وتشهد الملائكة على موته، وينال هذه الدرجة من ظل محاربًا عن دين الله وكلمته، حتى أخر رمق في حياته، ولذلك فضله الله –عز وجل بهذه الفضائل.
أنواع الشهداء:
عن النبي –صلى الله عليه وسلم- إنه ذكر أن الشهيد له أنواع عدة، فمن مات في البحر غريقًا فله منزلة الشهيد وأجره، ومن مات في الإصابة بالطاعون فهو شهيد، ومن مات مبطونًا أي بأي مرض يصيب البطن فهو من الشهداء، ومن قًتِلَ غدرًا، وصاحب الهدم، والشهداء في سبيل الدفاع عن كلمة الحق في سبيل الله.
مراتب الشهداء في الجنة:
قد خص الله تعالى الشهداءبالعديد من المراتب التي فضلهم إلى يوم الدين، ومن هذه المراتب التي خصت الشهداء، وهي كما وردت في القرآن الكريم والسنة النبوية المشرفة، شفاعة الشهيد لسبعين من أهله، وحياته في قبره، كما ذكر الله تعالى في القرآن الكريم إنهم أحياء ولا نحتسبهم من الموتى، فهم في نعيم في الجنة، وأرواحهم معلقة بجوف الطير الخضر بالجنة تسكن إليها وتنعم بها، فلقد كرم الله –عز وجل- الشهداء فهم أحياء طاهرين، يظلون بثيابهم في حياتهم بقبورهم، وتفوح منهم الريح الطيب، ويعصمه الله من فتنة القبر، و يقيه عذاب النار في الأخرة، كما يغفر الله تعالى ذنوبه، ويكفر سيئاته، ويُأجر على عمله وشهادته في سبيل الله.
وعن النبي –صلى الله عليه وسلم- أن الله خص الشهيد بالمغفرة، وأن يرى مكانة بالجنة، ويجيره الله –عز وجل- من عذاب القبر، ويأمن الفزع الأكبر، ويكرمه الله عز وجل بتاج من الياقوت، دلالة على الوقار والمنزلة التي يكون عليها الشهيد، بأمر الله سبحانه وتعالى.
أهمية الشهداء:
الشهادة رحمة من الله وبشرى، لحسن المآب عندا لله –عز وجل-، ومدى رحمة الله بمن مر بألم قبل الموت، سواء في مرض أو قتال أو غدر، ولأهمية الشهادة ومنزلتها العظيمة فقد قُسمت إلى قسمين شهادة في الدنيا وشهادة في الآخرة
.
الشهيد في الدنيا، من يطبق عليه حكم الشهيد من يكفن بثيابه، وعدم الغُسل، ولكنه في الآخرة ليس بشهيد، فحسابه على الله، مثال من قُتل في حرب ولكن جهاده لم يكن خالصًا لوجه الله تعالى، أو يكون بهدف الغنائم لا الدفاع عن الأرض أو العرض، أو من اجل رياء الناس، والحصول على السمعة والشهرة بين أهله، أي أن كل ما في غير سبيل الله و لقضاء غرض يخص الدنيا ومتاعها.
أما شهيد الآخرة، فهو من يطبق عليه الاحكام الشرعية للشهيد في الدنيا والآخرة، فلا يُغسل ويكفن بثوبه، وهو من حدده النبي –صلى الله عليه وسلم- فهم المريض المبطون، والمقتول غدرًا، والشهيد في الحرب من أجل الدفاع عن عرضه وأرضه في سبيل الله، وذات الجنب، وكذلك الغريق والحريق ومن ماتت أثناء الوضع، ومن مات بالسُل، ومن مات بالطاعون.
منزلة الشهداء:
هم أحياء عند ربهم، كما ورد في القرآن الكريم، يرون مقعدهم من الجنة، ينعمون إلى يوم الدين في قبورهم، يشفعون لأهلهم، ويغفر ذنوبهم ويكفر سيئاتهم، ويزوج من الحور العين، ويجره الله –عز وجل من عذاب القبر-، ويخفف عنه الفزع الأكبر، ويتوج بتاج الوقار من الياقوت، تنعم روحه في الجنة لقيام الساعة.
من هو سيد الشهداء:
وسيد الشهداء هو حمزة بن عبد المطلب، عم النبي –صلى الله عليه وسلم-، وقد استشهد في 15 شوال سنة ثلاثة هجرية، وكان قد بلغ من العمر 59 عامًا وقيل 54 عامًا، وقُتل على يد وحشي –الحبشي- حينما سقط على زهرة وسقط عنه درعه، فطعنه وحشي بحربته، ودفن رضوان الله عليه بالمدينة المنورة، وقد كان قتل حمزة –رضي الله عنه- على يد وحشي بتحريض من هند بن عتبة، والتي كانت تنتقم لموت أبيها وأخيها وعمها وإبنها، سلطت وحشي ألا يغفل عن حمزة –رضي الله عنه- وأغدقت عليه بالمال، حتى تمكن من قتلة في معركة أحد، وقد أصيب النبي –صلى الله عليه وسلم- بموته. والجدير بالذكر أن هند ووحشي قد دخلا الإسلام في حياة النبي بعد ذلك وندم أشد الندم على قتل حمزة رضوان الله عليه.
من لقبت بأم الشهداء:
لقبت بأم الشهداء الخنساء، لما بلغته من صبر عند سماع خبر وفاة أخيها صخر، وأبنائها الأربعة، فلم تجزع أو تكفر بما أتاها، ولكن استعانت على صبرها بالله في ذلك، وكانت مثال على صبر الأم التي تفقد أبنائها في سبيل الله ومثال على الصبر في إرسالهم جميعًا دون تردد، والامتثال لأمر الله، وقد أنعم الله عليها بموهبة الشعر، وكان النبي –صلى الله عليه وسلم- يسمع لها ويطلب منها إلقاء الشعر، وظلت أم الشهداء في تفاؤل وحث على الجهاد من خلال الشعر، فكانت على علم وثقافة وتمكن من موهبتها، وقد وافتها المنية في فترة خلافة عثمان ابن عفان –رضي الله عنه- في سنة 24 هجرية.
الخاتمة:
قد خص الله تعالى الشهداء بمنزلة عظيمة، ونعمهم في رحمته جزاء صبرهم، وصدقهم فيما عاهدوا الله عليه، وقد وعد الله –عز وجل- الشهداء بأن يغفر لهم ذنوبهم، ويكفر سيئاتهم، ويشفعون لأهلهم، غير ما يكرمون به من منزلة في الدنيا والآخرة، ومن رحمة الله تعالى أن الشهداء في الإسلام لم يقتصر على من قتل فقط، فكل من يتحمل الألم والابتلاءات فهو شهيد عند الله.