الحجاج بن يوسف الثقفي

الحجاج بن يوسف هو والي العراق واليمن والحجاز، والذين كانوا يعانون من الخوارج وبطشهم، وتمكن الحجاج بن يوسف القضاء عليهم في عامين في اليمن والحجاز، واستغرق الأمر عشرة أعوام حتى تمكن منهم في العراق،وهو من الأئمة المحبوبين عند البلاد التي تولى حكمها،وهو عالم ابن عالم كبير، وفي هذه المقالة سوف نتعرف عليه بشكل أكبر.
من هو الحجاج بن يوسف الثقفي
هو الحجاج كليب بن يوسف بن الحكم بن أبي عقيل بن مسعود بن عامر بن معتب بن مالك بن كعب بن عمرو بن سعد بن عوف بن ثقيف بن مُنبّه بن بكر بن هوازن بن منصور بن عكرمة بن خَصَفَة بن قيس عيلان بن مضر بن نزار بن معد بن عدنان ، الثقفي من بني ثقيف ـ،وهي قبيلة معروفة بوقارها ومعرفتها الواسعة،ويقال له ابا محمد، وهو ابن أحد علماء الطائف، وقد سخر والد الحجاج حياته من أجل تعليم أطفال الطائف القرآن الكريم، ولم يتلقى مقابل على هذا،وبناء على ذلك علمت ابنه القرآن وهو في عمر صغير،و حفظ الحجاج القرآن على يد والده وتعلم الكثير من المعارف والعلوم التي اشتهر بها،وكان رجلا حكيما ذو حنكة.
مولده ونشأته
ولد الحجاج في العام السادس بعد المائة والواحد والستون، (661)، ميلادية، في عام الجماعة الموافق 41 هجرية. وقد شهدتم مدينة الطائف ولادته، وقد كان له ابا عالما من علماء الطائف، وترعرع فيها وأخذ عن أبيه العلوم، لكن ولادته في الطائف كانت سببا في ضعف فصاحته، فانتقل إلى قبيل هزيل وهي من أكثر قبائل العرب بلاغة وفصاحة،وتعلم منهم، وعاد إلى الطائف ليصبح خطيبا تتزعزع له القلوب والآذان.
أمه الفارعة بنت همام بن عروة بن مسعود الثقفي، زعيم ثقيف في زمانه، وأبوه أحد أهم العلماء وقتها وهو يوسف بن الحكم، الذي كان يحفظ أطفال الطائف القرآن بلا مقابل.
وقد قال ابن كثير في تفسيره لقول الله تعالى (لَوْلا نـزلَ هَذَا الْقُرْآنُ عَلَى رَجُلٍ مِنَ الْقَرْيَتَيْنِ عَظِيمٍ) قال أحد العظيمين هو عروة بن مسعود رضوان الله عليه.
تعلم الحجاج بن يوسف القرآن وعلومه، والحديث وآدابه من ابيه، وعمل في بدايات شبابه معلم للصبيان مع والده، واشتهر بهذا العمل كثيرا،لكنه لم يكن راضيا عنه، وكانت الطائف حينها بين حكمين وخلفتين مختلفتين، وهم الأمويين،وعبد الله بن الزبير،وكان جماعة بن الزبير يتجبرون على أهل الطائف كثيرا.
وكانت الشام تحت خلافة متعثرة للأمويين، وبالأخص مع مروان بن الحكم، لم تكن الشام وقتها في أزهى صورها، ومع ذلك قرر الحجاج الإنتقال إلى الشام، وهناك العديد من الأسباب التي جعلت الحجاج ينتقل إلى الشام، مع الرغم من بعدها عن موطنه كثيرا،على خلاف قرب مكة له، ونقول ربما لأنه كان يكره خلافة عبد الله بن الزبير،والذي كان يسيطر على مكة وقتها.
وقد انضم إلى شرطة المارة وقتها،لكنها كانت تعاني من عدة مشاكل سياسة دفاعية،من ضمنها سوء التنظيم الداخلي لها،وقلة سيطرتها حياتها البائسة، حتى أن قواد الشرطة كان يغلب عليهم الاستهتار، ولم يكن هناك ما يكفي من المجندين، لكن الحجاج لم يعجبه الأمر،وكان يسارع ليخبر أولياء الأمر بذلك، وعرف بالشدة والحزم، مما دعى إلى أن يقربه قائد الشرطة إليه وقتها،وقد كان “روح بن زنباع”
وقام قائد الشرطة بترقية الحجاج بن يوسف ـ،وكان يعامل أصحابه بالشدة والحزم، حيث أنه لم يكن يحب الاستهتار، وكانت لهذه الشدة نتائج إيجابية، فتوقفوا عن الاستهتار،واتبعوا أولياء الأمر في أوامرهم،و أصبحت الطاعة من شيمهم،
ولما لمس في قائد الشرطة القوة والشجاعة والعزيمة المطلوبة، عرضه على الخليفة عبد الملك بن مروان، وكان الخليفة هو من أرجع كلمة الأمويين بعد أن كادت تسقط،وهو خليفة داهية مقداما، أسس الدولة وأنقذ سقوطها.
ولما قرر الخليفة الأموي محاربة من خرج عن الدولة الأموية، ضم الحجاج إلى الجيش،وقاد الحجاج الجيش في معركة مصعب بن الزبير، وكان وقتها لا ينضم أهل الشام إلى الجيش، فطلب الحجاج بن يوسف من عبد المبلك بن مروان أن يتركهم له، فتركهم الخليفة، وذهب الحجاج ونادى في الناس “أيما رجل قدر على حمل السلاح ولم يخرج معه، أمهله ثلاثاً، ثم قتله وأحرق داره وانتهب ماله” وخرج يبحث عن المتخلفين، وبالفعل قتل أحد المعارضين أمام أعين الناس، فأطاعه الناس وخرجوا معه جبرا.
جد الحجاج بن يوسف.
حرب مكة
كان الحجاج شاهدا لحرب مكة، وكان قائد الجيش الأموي بأمر من الخليفة عبد الملك بن مروان الأموي، وأمره الخليفة الذهاب من الطائف إلى مكة، ليقضي على عبد الله بن الزبير،و حاصر الحجاج مكة، في العام الثالث والسبعون بعد هجرة الرسول إلى المدينة المنورة.
وانتصر الحجاج ودخل مكة، واستولى على الضفتين الشرقية والغربية للكعبة المشرفة، وعرض على جماعة عبدالله بن الزبير أن يأمنهم في مكة، ولا قتال بعد الأن، لكن بن الزبير رفض ذلك، وفضل القتال، وقتل بن الزبير عن عمر يناهز 72 عاما.
ولاية الحجاج بن يوسف
بعد معركة مكة،أمر عبد الملك بن مروان أن يتولى الحجاج الحجاز واليمن، وقام الحجاج بما عليه هناك، حتى أصبحت الحجاز واليمن مكلانا أمن من الخوارج،وتولى بعدها العراق، فوكس ينازع مع الخوارج عشرة سنوات حتى أصبحت العراق مكانا آمنا للعيش فيه، واستطاع التمكن منهم.
ولايتة الحجاز
بعد أن قتل الحجاج بن يوسف، عبد الله بن الزبير صلبا، أرسل الحجاج إلى والدة عبدالله والتي كانت “أسماء بنت أبي بكر الصديق رضي الله عنهما” فطلب منها أنتأتيه، فرضت أنتذهب إليه، فأرسل إليها أن تأتيه وإلا سيبعث من يسحبها من قرونها،فقالت والله لن آتيك حتى تبعث من يسحبني بقروني، فذهب هو إليها،وقال لها، ماذا ترين أني فعلت بعبد الله، قالت أفسدت عليه دنياه،وأفسد عليك أخرتك.
واكملت حديثها قائلا “لقد بلغني أنك كنت تعايره بابن ذات النطاقين، فقد كان لي نطاق أغطي به طعام رسول الله صلوات الله وتسليمه عليه من النمل، ونطاق أخر لابد للنساء منه” وذهب الحجاج الثقفي، ولم يرجعها مرة أخرى.
وروى أيضا في رواية أخرى أنه ذهب لها فقال “إن ابنك ألحد في هذا البيت، وإن الله قد أذاقه عذابا أليما، قالت كذبت، كان برا بوالديه، صواما قواما، ولكن قد أخبرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه سيخرج من ثقيف كذابان، الآخر منهما شر من الأول” وهو مبين إسناده قوى.
وبعد أن انتصر ابن يوسف الثقفي، ولاه عبد الملك بن مروان على مكة، وكان أهل مكة وأهل المدينة في خلاف،وكان الخلاف بين أهل المدينة والحجاج أيضا،ة وبعد مدة من ولايته، ذهب عبد الملك بن مروان، يخطب على منبر رسول الله صلوات الله وتسليمه عليه، وهناك أمر بعزل الحجاج بن يوسف عن مكة والمدينة،وولاه على العراق، ويرجع هذا لكثرة الشكاوى فيه.
ولاية الحجاج على العراق
عندما تولى الحجاج ولاية العراق، كانت منقسمة إلى عراق العرب،وعراق العجم، ومكث الحجاج فيها 20 عاما،ومات فيها،ومن الأحداث التي فعلها الحجاج هناك أنه ذهب إلى مسجد وفقا لطلب الناس، وذهب وهو يرتدي عمامة حمراء يتلثم بها، وجلس على المنبر، ووضع يده على فهمه ولم ينطق بكلمة، وانزعج الحاضرون من سكوته، فلما لاحظ ذلك، بدأ خطبته المشهورة،والتي بدها بقول “أنا ابن جلا وطلاع الثنايا – متى أضع العمامة تعرفوني”.
وكانت خطبته تدور حول تبيين سياسته المتشددة، وألقي الرعب في قلوب أهل العراق من سياسته الشديدة للغاية، وكانت له الغلبة في حروبه كلها على الخوارج، وبنى مدينة واسط،وكانت عاصمة له.
وفاة الحجاج بن يوسف
توفي الحجاج بن يوسف بعد صراعه مع مرض غريب لم يكن قد شاهده أحد الأطباء قبلها،ومات في العام 86، في شهر رمضان، وقيل شوال، ولم يعرف أحد بخبر وفاته حتى جاءت أحد الجواري تبكي وقالت «ألا أن مطعم الطعام، ومُيتم الأيتام، ومُرمل النساء، ومفلق الهام، وسيد أهل الشام قد مات» ولا يعلم أحد مواقع عقبره، حيث أوصى أن يدفن سرا يخفى مكان قبره، حتى لا ينبش أحد فيه.
آراء العلماء فيه
قال الذهبي “هلكه الله في رمضان سنة خمس وتسعين كهلا، وكان ظلوماً جباراً ناصبيا خبيثا سافكا للدماء، وكان ذا شجاعة وإقدام ومكر ودهاء، وفصاحة وبلاغة وتعظيم للقرآن، قد سقت من سوء سيرته في تاريخي الكبير، وحصاره لابن الزبير بالكعبة ورميه إياها بالمنجنيق وإذلاله لأهل الحرمين، ثم ولايته على العراق والمشرق كله عشرين سنة، وحروب ابن الأشعث له وتأخيره للصلوات إلى أن استأثر الله، فنسبُّه ولا نحبه بل نبغضه في الله فإن ذلك من أوثق عرى الإيمان، وله حسنات مغمورة في بحر ذنوبه وأمره إلى الله، وله توحيد في الجملة، ونظراء من ظلمة الجبابرة والأمراء”
قالب ابن كثير” ولم يكن في العرب ولا آل مروان أظلم ولا أكفر ولا أفجر من عبدالملك ولم يكن في عماله أكفر ولا أظلم ولا أفجر من الحجاج وكان عبد الملك أول من قطع ألسنة الناس في الأمر بالمعروف
قال ابن كثير فيه :أيضا “الحجاج بن يوسف قد كان ناصبيا يبغض عليا وشيعته في هوى آل مروان بني أمية، وكان جبارا عنيدا، مقداما على سفك الدماء بأدنى شبهة وقد روي عنه ألفاظ بشعة شنيعة ظاهرها الكفر كما قدمنا”
.