استوصوا بالنساء خيرا ما معناها ولماذا أوصى الرسول بالنساء؟

استوصوا بالنساء خيرا حديث ورد عن الرسول صلى الله عليه وسلم ليعلن من خلاله وصيته الأخيرة بألا تُهضم حقوق المرأة وأن يحسنوا معاملتها، خاصةً أن حقوقها كانت مسلوبة منها قبل الإسلام وعانت كثيرًا حينها وتدنت مكانتها حتى أن الكفار كانوا يدفنونها حية إلى أن جاء الرسول صلى الله عليه وسلم لينقذها من الظلم الواقع عليها، ويعيد إليها مكانتها التي تستحقها.
استوصوا بالنساء خيرا
عانت المرأة أشد المعاناة قبل مجيء الإسلام، وكانت مغلوبة على أمرها في كثير من الأمور، إلى أن انتهى بها الأمر أن يلحق بها العار أينما ذهبت لتدفن حية في الصحراء.
وبعد أن جاءت الشريعة الإسلامية رُفع الظلم عنها وأُعيدت لها مكانتها التي هي جديرةٌ بها، فحفظ الإسلام لها حقوقها وأعلى من شأنها ونصرها على الرجل في كثير من المواقف إلى أن جعلها شقيقته في كافة الأحكام الشرعية.
والدليل على ذلك ما قاله الرسول صلوات الله وسلامه عليه “إِنَّ النَّسَاءَ شَقَائِقُ الرَّجَالِ”، وهو حديث رواه الترمذي وأحمد.
وبالإضافة إلى كل ما سبق يوصي النبي صلى الله عليه وسلم بحسن معاملتها فيقول في حديث عن أبي هريرة رضي الله عنه:
“اسْتَوْصُوا بِالنِسَاءِ، فإِنَّ المرأَة خُلِقَت مِن ضِلعٍ، وإِن أَعوَجَ شَيء فِي الضِلْعِ أَعْلَاه، فإِن ذَهَبت تُقيمَه كَسرتَه، وإِن تَركْتُه لَم يَزل أَعوج، فَاسْتوْصُوا بِالنِسَاء”، وفي لفظ مسلم ” استوصوا بالنساء خيرا “.
قد يهمك: ما اسم الغزوة التي قادها أسامة بن زيد
ما معنى كلمه استوصوا بالنساء خيرا؟
معنى استوصوا بالنساء خيرا يكمن في إرادة الرسول صلى الله عليه وسلم بأن يوصي رجال الأمة الإسلامية جميعًا من آباء وإخوة وكذلك الأزواج وأبناء بالنساء، فقال لهم استوصوا بالنساء خيرا.
والمقصود بكلمة “استوصوا” أي اقبلوا وصيتي لكم وقوموا بتنفيذها، بأن يرفقوا بالنساء ويعاملوهن معاملةً حسنةً ويحسنون عشرتهن ويتواصوا بالإحسان إليهن.
بعدها يستطرد الرسول حديثه ويشرح سبب وصيته لهم ويقول “فإن” والفاء هنا للتعليل وذكر السبب، ويقول “خلقت من ضلع” أي أن السيدة حواء خلقها الله من الضلع الأيسر لسيدنا آدم عليه السلام.
وقال أن الضلع أعوج، أي أنه فيه اعوجاج فكأنهن خلقن من أصلٍ معوَج، وعن طريق الصبر على هذا الاعوجاج ينال الرجل منهن ما يريد، وقول “إن أعوج شيء في الضلع أعلاه” والمقصود بالجزء العلوي من الضلع هنا أي اللسان.
ويحث النبي الرجال ألا يحاولوا تقويم هذا الاعوجاج حتى لا ينكسر، ويفيض بهن أمرهن وتتفاقم المشكلة أكثر وتزداد سوءًا، أي أنه حث على الرفق بهن وحسن معاملتهن وقال ” استوصوا بالنساء خيرا” وختم بها.
وقال الإمام النووي في تفسير هذا الحديث أن فيه حث على الرفق بالمرأة والإحسان إليها وتحمل اعوجاجها والنفور من طلاقها بدون سبب لضعف عقلها، كذلك أنه لا مطمع في استقامتها.
أما القسطلاني فقال أن هذا الحديث فيه سياسة النساء بأن نعفو عنهن ونصبر على عوجهن حتى تألف القلوب وتستميل النفوس.

لماذا أوصى الرسول بالنساء؟
اهتم الرسول بأمر النساء وأوصى بحسن معاملتهن لأن في المرأة صلاح للمجتمع، وفي فسادها فساد للمجتمع، وذلك لأنها تشارك بنسبة كبيرة في قيام المجتمع ونهضته لأنها مربية ومعلمة لأفراد المجتمع وبتعليمها لهم الأخلاق الحميدة يصلح المجتمع وينهض بأفراده.
بالإضافة إلى أنها في حاجة ماسة للاهتمام بعواطفها ومشاعرها المتقلبة طوال شهور السنة، وخاصةً في فترات الدورة الشهرية والنفاس والحمل والولادة، ولأنها تتحمل مع كل ذلك أدوار أخرى مثل الرضاعة والحضانة والتربية وإعداد الطعام وتنظيف المنزل ورعاية الأطفال.
كذلك لأن المرأة قدرتها الجسدية تختلف عن الرجل فهي أضعف بكثير منه بطبيعة خلقها، والرسول حث الرجال على عدم إيذائها سواء جسديًا أم معنويًا وضرورة حمايتها من أي مخاطر تتعرض لها ومراعاة ضعفها هذا فيقول النبي صلى الله عليه وسلم “اتَّقُوا اللَّه فِي النِسَاء”.
وأحاديث أخرى كثيرة يحث الرسول فيها على ضرورة حسن معاشرة المرأة من بينها أيضًا “خَيْرُكَم خَيْرُكَم لأَهلِهِ وَأَنا خَيْرُكَم لأَهْلِي”، وهذا ينافي كل ما يتناقله أعداء الإسلام من أنه ظلم المرأة وانتهك حقوقها، والإسلام بريء من كل ذلك.
قد يهمك: قصة عبد الرحمن بن عوف .. أغنى أغنياء قريش
كيف يستوصوا بالنساء خيرا؟
أوصى الله ورسوله الرجال بحسن معاملة النساء منذ ولادتهن وأمرهم بالإحسان إليهن وذلك في قول الله تعالى “وَوَصَّيْنَا الإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ إِحسَانًا”.
وقال الرسول صلى الله عليه وسلم أن من قام بتربية الفتيات تربيةً حسنةً كرمه الله في الآخرة وجعل له أجرًا عظيمًا، حيث قال “من عَالَ جارِيتَينِ حَتَّى تَبلُغا، جَاءَ يَومَ القِيامَةِ أنا وَهوَ وضَمَّ أَصابِعَهُ”.
ومن مظاهر تكريم الإسلام للمرأة ضرورة حفظ حقها في حالة إن كانت يتيمة لقول الله تعالى “وَإِن خِفْتُم أَلَّا تُقْسِطُوا فِي اليَتَامَى فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِن النَّسَاءِ مَثْنَى وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ فَإنْ خِفْتُم أَلَّا تَعْدِلُوا فَوَاحِدةٌ”.
وحُرمت المرأة من الميراث قبل الإسلام، ورد إليها حقها بعد أن جاء بل وألزم الرجال بدفع مهرها وحسن معاملتها بالمعروف حتى ولو كرهها الزوج حيث قال سبحانه وتعالى “فإِنْ كَرِهتُمُوهُنَّ فَعَسَى أَن تَكرَهُوا شَيْئًا وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيه خَيْرًا كَثِيرًا”.
أما عن كيفية تطبيق قوله استوصوا بالنساء خيرا فتكون عن طريق حسن المعاملة وعدم معاملتهن بشدة، لأنهن ناقصات عقل ويحتجن إلى احتواء واهتمام حتى يحصد الرجال منافعهم منهن كما يحلو لهم.
وللنساء حق على الرجال بأن يوفرون لهن مسكنًا آمنًا والمأكل والملبس الحسن، والقيام على أمورهن وحسن المعاشرة وعدم اللجوء إلى معاملتهن بعنف والتسريح بإحسان إن لزم الأمر.

متى قال الرسول استوصوا بالنساء؟
جاءت هذه الكلمات ضمن خطبة حجة الوداع التي ألقاها الرسول صلى الله عليه وسلم على أمته منذ حوالي ألف وأربعمائة سنة هجرية، أوصى فيها المؤمنين رجالًا ونساءً بالكثير من الوصايا، منها ما خص بها الرجال دون النساء وقال لهم ” استوصوا بالنساء خيرا”.
وقال بعدها أنهن عونًا لهم، وإن فعلنَ فاحشةً عليهم هجرهن في المضاجع أو في أضيق الحدود يضربونهن ضربًا غير مبرح ولكن بعد الموعظة.
واستطرد حديثه وقال أن للنساء حقوق على الرجال مثل حقوق الرجال عليهن تماماً، وحقهم على النساء الطاعة وحسن المعاشرة وحفظ البيت، وحقهن عليهم هو الكسوة والطعام والإحسان إليهن.
وإلى هنا نصل بكم إلى ختام موضوع اليوم بعد أن فرغنا من الحديث عن قوله صلوات الله وسلامه عليه وعلى استوصوا بالنساء خيرا وشرحنا معاني الحديث وصحته وكيفية تنفيذ هذه الوصية الثمينة.
قد يهمك:
معجزات قيام الليل وفضل الصلاة فيه
وفاة الرسول وصايا النبي قبل وفاته
كل ما تريد معرفته عن ليلة الإسراء والمعراج، وحقيقة صعود الرسول إلى السماء
ادعية الرسول في رمضان أدعية دينية في رمضان مأثورة عن النبي