من هو أبو سلمة بن عبد الأسد؟ | الغزوات التي شارك فيها
أبو سلمة بن عبد الأسد أحد الأسماء المعروفة بين المسلمين الأوائل، والذي له قصة مع الإسلام يجدر بنا أن نتعرف عليها ونستلهم ما فيها من العبر والدروس، وفيما يلي نتعرف على قصة إسلام أبو سلمة ونسبه وما ورد إلينا عنه عبر كتب السير سيكون حديثنا في هذا المقال.
أبو سلمة بن عبد الأسد اسمه ونسبه
اشتهر أبو سلمة بن عبد الأسد بكنيته أكثر من اسمه، وإذا أردنا أن نتعرف على اسمه ونسبه وأهم أقاربه فيمكننا مطالعة النقاط التالية:
- اسمه أبو سلمة ابن عبد الأسد بن هلال بن عبد الله بن عمر بن مخزوم بن يقظة بن مرة بن كعب السيد الكبير المخزومي القرشي.
- أمه برة بنت عبد المطلب بن هشام بن عبد مناف بن قصي
- كان له الكثير من الأبناء من الذكور والإناث وهم: زينب بنت أبي سلمة، وسلمة بن أبي سلمة، وعمر بن أبي سلمة، ودرة بنت أبي سلمة وأم كلثوم ومحمد أبناء أبو سلمة.
- أما زوجته فهي التي تكنى بأم سلمة واسمها هند بنت أبي أمية بن المغيرة بن عبد الله بن عمر بن مخزوم.
- توفي أبو سلمة بن عبد الأسد، وكان له أبناء من أم سلمة.
- تزوجت أم سلمة بعده من النبي -صلى الله عليه وسلم-.
قد يهمك: قصة حياة الصحابي الحارث بن أوس بن معاذ
قصة إسلام أبو سلمة بن عبد الأسد
تذكر كتب السير أن أبا سلمة كان أحد السابقين إلى الإسلام والمبادرين به، فقد جاء ترتيبه الحادي عشر بين أوائل المسلمين الذين صدقوا النبي واتبعوه.
أما من حيث الفترة التي أسلم فيها أبو سلمة بن عبد الأسد فهي قبل أن يدخل النبي -صلى صلى الله عليه وسلم- إلى دار الأرقم بن أبي الأرقم، ويبدأ الدعوة فيها.
أما عن كيفية إسلامه فيذكر أنه جاء إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- مع رفقة من رجال قريش وهم عثمان بن مظعون وأبو عبيدة ابن الحارث والأرقم بن أبي الأرقم، وكان مجيئهم بغرض التعرف على الدين الجديد الذي وصلهم نبأه.
فاستقبلهم رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وعرض عليهم الإسلام وعرفهم به وتلا عليهم ما تيسر له من القرآن الكريم، فرءوا فيه من الهدى والنور والحق ما حملهم على اعتناقه والإقرار به، فشهدوا أن لا إله إلا الله وأن محمداً عبد الله ورسوله.
وأصبحوا من تلك اللحظة يحملون على عاتقهم هم الدعوة ويعملون لها، وقد تبعهم في الدخول إلى الإسلام نفر غير قليل من قريش ومنهم الصحابي الجليل سعيد بن زيد -رضي الله عنهم جميعاً وأرضاهم-.
أبو سلمة بن عبد الأسد وإيذاء قريش له
لم يمر خبر إسلام أبو سلمة بن عبد الأسد ولا صحبه على مشركي قريش مرور الكرام، بل ناصبوهم العداء وأذاقوهم ألواناً من العذاب والاضطهاد والإيذاء، حتى أنهم أوثقوهم وحاصروهم وصبوا عليهم من أنواع البلاء صباً.
لم يطق أبو سلمة بن عبد الأسد وزوجته هذا العذاب، وضاقا به زرعاً فما كان منه إلا أن يلوذ بخاله وركنه الشديد آنذاك أبو طالب عم النبي -صلى الله عليه وسلم- وما كان من أبي طالب إلا أن آواه ونصره ومنعه ممن يريدونه.
ولما رأى بنو مخزوم منه ذلك أقبلوا عليه يجادلوه فقالوا له: يا أبا طالِب، منعت منا ابن أخيك، أتمنع منا ابن أخينا؟ فأجابهم أَبو طالب: نعم أمنع ابن أختي مما أمنع منه ابن أخي، فقال أَبو لهب، ولم يسمع منه كلام خير قط إلا في هذا اليوم: صدق أَبو طالب، لا يسلمه إليكم.
قد يهمك: من هو الصحابي الذي اشتهر بحُسن صوته بالقرآن الكريم؟
قصة هجرة أبي سلمة
أما هجرة أبو سلمة بن عبد الأسد فقد كانت فراراً من الظلم والاضطهاد الذي لقيه من قومه وعشيرته، ومؤازرة لرسول الله -صلى الله عليه وسلم- وصحبه ودعوته!
كان أول من هاجر إلى الحبشة مصطحباً زوجته، تاركاً أمواله ودياره، ثم مكث بها زمناً وعاد بعد ذلك إلى قريش.
بعد أن اشتد الأذى عليه وعلى أهل بيته فكر أن يعود مرة أخرى إلى الحبشة، ولكنه كان قد علم أن له إخوة بالمدينة المنورة فقرر الهجرة إليها، وقد كان له السبق عند الهجرة إلى المدينة أيضاً، وقد كان ذلك بعد بيعة العقبة الأولى للأنصار والتي شهدها أبو سلمة، وقبل البيعة الثانية.
أما قصة هجرته وما كان من أمره وأمر زوجته أم سلمة وابنه سلمة ابن أبي سلمة فترويه أم سلمة -رضي الله عنهم جميعاً- حيث تقول: (لما أجمع أبو سَلمة الخروج إلى المدينةِ رَحَّل لي بَعيره ثم حملني عليه، وجعل معي ابنِي سلمةَ بن أبي سَلمة في حجري، ثمَّ خرج يقود بي بَعيرَهُ، وانطلق به بنو عبدِ الأسدِ، وحبسني بنو المغيرة عندهم وانطلق زوجي أبو سلمةَ إلى المدينةِ؛ ثم قالت: ففُرِّق بيني وبين ابني وبين زوجي.
ثم توضح بعد ذلك كيف أنها كانت تخرج كل صبيحة وتجلس في الأبطح وتبكي بكاء مريراً حتى يدركها المساء، ولا زالت هكذا قرابة عام كامل.
وذات يوم مر بها رجل من بني عمومتها من بني المغيرة أنفسهم فرأى ما بها فأشفق عليها مما هي فيه، ورق قلبه لحالها، فما زال بقومه حتى تركوها تلحق بزوجها وابنها.
خرجت أم سلمة على بعيرها وقد حملت ابنها في حجرها وتوجهت طالبة زوجها وهي وحيدة لا يصحبها في رحلتها أحد،
وبينما هي في رحلتها إذ التقت بعثمان ابن طلحة بن أبي طلحة، فسألها عن وجهتها وعرف خبرها، فما كان منه إلا أن رافقها وأعانها في رحلتها، واصطحب بعيرها وابنها وقد منحهما من الحماية ما هم في حاجة إليه من وحشة السفر والخوف، ولا يزال كذلك حتى شارف بهما قرية بني عمرو بن عوف بقباء فقال لها: زوجك في هذه القرية، فادخليها على بركة الله! ثم ولى عائداً إلى المدينة.
فكانت أمُّ سَلمةَ كلما ذكرته تقول: ما أعلم أهل بيتٍ في الإسلام أصابهم ما أصاب آلَ أبي سلمةَ، وما رأيتُ صاحباً قَطُّ كان أكرمَ مِن عُثمان بن طلحةَ.
جهاد أبو سلمة بن عبد الأسد
لم يشهد أبو سلمة بن عبد الأسد مع النبي -صلى الله عليه وسلم- الكثير من الغزوات بل وافته المنية بعد زمن قصير.
فالغزوة الأولى التي شارك فيها هي غزوة بدر وهي أولى غزواته وأولى النبي -صلى الله عليه وسلم- والتي جاهد فيها وقاتل وأبلى بلاءً حسناً، وكان مع المسلمين حين بلغوا أعلى مراتب النصر على عدوهم من المشركين.
ثم كانت الغزوة الثانية والأخيرة له هي غزوة أحد، التي وقعت في شهر شوال في العام الثالث بعد الهجرة، والتي انضم فيها أبو سلمة إلى صفوف المسلمين وقاتل ما شاء الله له أن يقاتل، وانتهت الغزوة بإصابته بجرح كبير، مكث زمناً يداويه.
بعد فترة تصل إلى شهر تقريباً من غزوة أحد أرسل النبي إلى أبي سلمة وعقد له اللواء ليكون قائداً على سرية مكونة من حوالي مائة وخمسين رجلا مسلما منهم المهاجرين ومنهم الأنصار.
كانت تلك السرية موجهة للإغارة على بني أسد، وبعد تلك السرية عاد إلى المدينة المنورة، وظل يعاني من جرحه الغائر، حتى وافته المنية.
مصير أم سلمة بعد وفاة زوجها
توفي أبو سلمة بن عبد الأسد وحزنت عليه زوجته وأصبح قلبها مفطورا من الحزن عليه، متألماً لفقده، فقد كان حسن العشرة، كريم الخلق، طيب الرفقة.
غير أن الله كان قد أعد لها العوض عن فقده بما لا تتوقعه، وفي هذا الصدد تحكي كتب السير نقلاً عن أم سلمة أنها قالت:
أتاني أبو سلمة يومًا من عند رسول الله فقال: لقد سمعتُ من رسول الله قولاً سُرِرْتُ به، قال: “لا يُصِيبُ أَحَدًا مِنَ الْمُسْلِمِينَ مُصِيبَةٌ فَيَسْتَرْجِعَ عِنْدَ مُصِيبَتِهِ، ثُمَّ يَقُولُ: اللَّهُمَّ أْجُرْنِي فِي مُصِيبَتِي، وَاخْلُفْ لِي خَيْرًا مِنْهَا إِلاّ فُعِلَ ذَلِكَ بِهِ”.قالت أمُّ سلمة: فحفظت ذلك منه، فلما تُوُفِّي أبو سلمة استرجعتُ، وقلتُ: اللهم أجرني في مصيبتي، واخلف لي خيرًا منها، ثم رجعتُ إلى نفسي فقلتُ: مِن أين لي خيرٌ من أبي سلمة؟ فلما انقضَتْ عدَّتي استأذن عليَّ رسول الله وأنا أدبغ إهابًا لي، فغسلتُ يدي من القرظ وأذنتُ له، فوضعت له وسادة أدم حشوها ليف، فقعد عليها، فخطبني إلى نفسي، فلمَّا فرغ من مقالته قلتُ: يا رسول الله، ما بي أن لا تكون بك الرغبة فيَّ، ولكني امرأة بي غَيرة شديدة، فأخاف أن ترى منِّي شيئًا يعذبني الله به، وأنا امرأة قد دخلتُ في السن وأنا ذات عيال. فقال: “أَمَّا مَا ذَكَرْتِ مِنَ الْغَيْرَةِ فَسَوْفَ يُذْهِبُهَا اللَّهُ مِنْكِ، وَأَمَّا مَا ذَكَرْتِ مِنَ السِّنِّ فَقَدْ أَصَابَنِي مِثْلُ الَّذِي أَصَابَكِ، وَأَمَّا مَا ذَكَرْتِ مِنَ الْعِيَالِ فَإِنَّمَا عِيَالُكِ عِيَالِي”
وافقت أم سلمة على الزواج من النبي -صلى الله عليه وسلم- وعلمت حينئذ أن الله قد عوضها عن أبي سلمة بمن هو أفضل منه وأفضل ممن في الأرض قاطبة.
قد يهمك: الصحابي عبد الله بن الزبير .. مسيرة حياته ودوره فى الحروب
أبو سلمة بن عبد الأسد وروايته للحديث
على الرغم من محبة أبو سلمة بن عبد الأسد للنبي محمد -صلى الله عليه وسلم- ومشاركته له في المحطات التي مرت بها الدعوة الإسلامية في بكورها إلا أنه لم يذكر أنه من رواة الحديث المكثرين، حيث أنه لم يروي عن النبي سوى حديثاً واحداً.
دعاء النبي لأبي سلمة عند موته
كان من عادة النبي -صلى صلى الله عليه وسلم- أن يتفقد أصحابه فيعود المريض ويسأل عن الغائب، فلما حضرت أبو سلمة بن عبد الأسد الوفاة كان النبي -صلى الله عليه وسلم- حاضراً فأغلق عينه وسجاه ودعا له، وقد وصفت أم سلمة هذا الموقف في حديثها حيث قالت: (دَخَلَ رَسولُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عليه وسلمَ- (علَى أَبِي سَلَمَةَ) وَقَدْ شَقَّ بَصَرُهُ، فأغْمَضَهُ، ثُمَّ قالَ: إنَّ الرُّوحَ إذَا قُبِضَ تَبِعَهُ البَصَرُ، فَضَجَّ نَاسٌ مِن أَهْلِهِ، فَقالَ: لا تَدْعُوا علَى أَنْفُسِكُمْ إلَّا بخَيْرٍ؛ فإنَّ المَلَائِكَةَ يُؤَمِّنُونَ علَى ما تَقُولونَ، ثُمَّ قالَ: اللَّهُمَّ اغْفِرْ لأَبِي سَلَمَةَ، وَارْفَعْ دَرَجَتَهُ في المَهْدِيِّينَ، وَاخْلُفْهُ في عَقِبِهِ في الغَابِرِينَ، وَاغْفِرْ لَنَا وَلَهُ يا رَبَّ العَالَمِينَ، وَافْسَحْ له في قَبْرِهِ، وَنَوِّرْ له فِيهِ)
وفي رواية أخرى: مثل ذلك، غير أنَّه قالَ: وَاخْلُفْهُ في تَرِكَتِهِ، وَقالَ: اللَّهُمَّ أَوْسِعْ له في قَبْرِهِ، وَلَمْ يَقُلْ: افْسَحْ له!
الأسئلة الشائعة
تتردد الكثير من الأسئلة حول أبو سلمة بن عبد الأسد وقصة حياته وعلى رأس تلك الأسئلة ما يلي:
ما هي صلة القرابة بين النبي صلى الله عليه وسلم وأبي سلمة ؟
هو أخو النبي -صلى الله عليه وسلم- في الرضاع وابن عمته.
ما سبب وفاة أبو سلمة رضي الله عنه؟
يتساءل الكثير من الناس عن سبب وفاة أبو سلمة بن عبد الأسد، والإجابة أن أبو سلمة مات بعد فترة طويلة من غزوة أحد متأثراً بالجرح الذي أصابه فيها.
من هي زوجته التي تزوجها النبي وكانت كبيرة في السن وأتى بها وبأولادها الى بيته؟
زوجته هي أم سلمة والتي تركها تبو سلمة وترك لها بعض الأبناء، وقد رزقت بعد أبي سلمة بالزواج من النبي -صلى الله عليه وسلم-.
وفي الختام نكون قد وصلنا لنهاية موضوعنا عن حياة الصحابي الجليل أبو سلمة بن عبد الأسد، وتعرفنا على الكثير من جوانب حياته، رضي الله عنه وأرضاه وجزاه خيراً عن الإسلام والمسلمين.
قد يهمك:
تعرف على الصحابي عبادة بن الصامت الذي خاف منه ملك الروم
زيد بن حارثة مولى النبي .. الصحابي الوحيد الذي ذكر اسمه في القرآن
قصة الصحابي ثعلبة بن عبدالرحمن
أكثر الصحابة رواية للحديث بالترتيب وعددهم